كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
يكسر الفنان الصيداوي طارق بشاشة، رتابة المشهد اليومي في أحياء صيدا القديمة ومعه ضجر أبنائها جراء “الحجر المنزلي الطوعي” في زمن “كورونا”، التزاماً بـ”التعبئة العامة” و”حالة الطوارئ الصحية”، يجول بآلته الموسيقية في “الحارات الضيقة” والمتلاصقة ذات “القناطر الحجرية”، فيصدح بموسيقى الحياة والامل والفرح، لطرد اليأس والاحباط، فتشرع الابواب والنوافذ، ويطل منها الناس وبخاصة الاطفال، ليعرفوا ما يجري، يفرحون ويصفقون له تحية حب واحترام في زمن القلق والخوف. ويقول بشاشة لـ “نداء الوطن”: “إن الفكرة لم يكن مخططاً لها، خطرت على بالي بشكل تلقائي، على خلفية ان الجميع يهتم بالتجهيز الطبي والصحي والارشاد والوقاية وتقديم المساعدات، ومتابعة الاخبار العاجلة وارتفاع عدد المصابين بفيروس “كورونا”، ما انعكس خوفاً وقلقاً على اعصاب الناس، ما يمكن ان يترك آثاراً نفسية سلبية على ابناء المدينة القديمة وخاصة الاطفال نتيجة لذلك مع الالتزام بالمنازل، فكانت جولتي في بعض الاحياء المتلاصقة التي تشتهر بقرب منازلها من بعضها البعض، وخضت غمار اول تجربة في الهواء الطلق”.
وبشاشة الذي ولد وعاش حياته في حي “ضهر المير” في صيدا القديمة، انتقل في العام 2003 الى منزل جديد في عبرا، خلال جولته الميدانية، وقف عند ابواب المنازل، وتحت نوافذها الخشبية، واستراح على ادراجها الحجرية، وهو يصدح بالموسيقى، يؤكد: “شعرت انني قمت بشيء مختلف وجديد، سمعت الناس الموسيقى فتركت في نفوسها ارتياحاً كبيراً، تسلت قليلاً بعدما كسرت حاجزي الملل والضجر، فتحت الابواب والشبابيك وتساءلت عن الصوت القادم الى مسامعها، تذكرت مشهد ما يقوم به “المسحراتي” عادة في شهر رمضان، من تجوال بين الاحياء والحارات، ودعوة الناس الى تناول السحور”، مضيفاً: “ليس هناك موسيقى خاصة لمثل هذا الواقع، عزفت الموسيقى “الصوفية”، الاقرب الى الارتجال، وهي عبارة عن تقسيم على آلة الكلارينت (آلة نفخية تنتمي لفصيلة الآلات التي تستخدم في الأوركسترا) ومحبوبة لجهة السمع”، معرباً عن اعتزازه بهذه التجربة. ويضيف: “شعرت بالارتياح، وبأنني أحدثت فرقاً بين الناس وفي نفوسهم، ولو بشكل موقت، كان التجاوب رائعاً، وظهرت الابتسامة على وجوههم وبخاصة الاطفال الذين لم يعتادوا من قبل على “الموسيقار الجوال”.
أول اصابة
وفيما تسارعت الخطوات الهادفة الى تخفيف معاناة ابناء المدينة جراء الحجر المنزلي ووقف العمل قسراً وانعكاساته فقراً وجوعاً ما يسمح بخرق اجراءات الوقاية، أعلن الشاب الصيداوي (زياد.ب) انه مصاب بفيروس “كورونا”، وهي الحالة الاولى في صيدا، حيث كتب في صفحته على “فايسبوك” انه مصاب بالفيروس ويدعو كل من كان على تماس معه منذ اسبوعين ان يُجري الفحص، علما انه عاد الى لبنان من تركيا منذ حوالى 13 يوماً وقد التزم الحجر المنزلي في طرابلس، حيث تقيم عائلته بعدما شعر بعوارض المرض، ولم يحتك بأشخاص في صيدا وتأكد من ان نتيجة الفحص إيجابية. في المقابل، أطلقت بلدية صيدا بالتعاون مع تجمع المؤسسات الأهلية في منطقة صيدا وجوارها “صندوق التكافل الاجتماعي”، حيث أمل رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي “ان يساهم الصندوق في سد المزيد من الحاجة في ظل الضائقة الاقتصادية الخانقة”، الى جانب صرف المساعدة المالية البالغة مليار ليرة لبنانية”، متوقعاً أن ينجزها ديوان المحاسبة في غضون 48 ساعة، على أن يبدأ التوزيع مطلع الاسبوع المقبل”.
دعا السعودي عبر “نداء الوطن”، أبناء المدينة الى الالتزام بالحجر المنزلي الطوعي والتعاون والتكاتف من اجل تمرير المرحلة على خير”، مشيراً الى ان “الخرق الذي حصل مرده الى التهافت على المصارف والصراف الآلي لسحب الاموال مع بداية الشهر”، موضحاً “ارسلنا شرطة البلدية من أجل تنظيم العملية ومنع الازدحام وتلافي التجمعات، وكلنا ثقة بوعي ومسؤولية ابناء المدينة لعدم تكرار الامر”.
بينما قال منسق “تجمع المؤسسات الاهلية” في منطقة صيدا ماجد حمتو لـ “نداء الوطن”، ان الجمعيات التسع التي اعتمدت من أجل المساهمة في توزيع المساعدات، باشرت عملها الميداني لجهة انجاز اللوائح والتحضير لاعداد الحصص، وستتعاون مع جمعيات أخرى لديها فرق من المتطوعين على الارض لانجاز العمل بأسرع وقت ممكن”، موضحاً ان الصندوق بدأ بتقبل التبرعات، و”تجمع المؤسسات” قدم مليوناً ونصف مليون ليرة ومتبرع آخر المبلغ نفسه، وندعو ابناء المدينة ورجال الاعمال والميسورين الى تقديم التبرعات.
وأكدت مصادر صحية لـ “نداء الوطن”، انه جرى اعتماد فندق “المونتانا” في بلدة المروانية في قضاء صيدا، كمركز للحجر الصحي للوافدين من بلاد الاغتراب ضمن خطة وزارة الصحة لاستيعاب اللبنانيين العائدين من الخارج، في وقت باشرت فيه مؤسسة مياه لبنان الجنوبي ببدء العمل على تجهيزه وامداده بالمياه. وأعلن المدير العام للمؤسسة وسيم ضاهر، حالة الطوارئ لفرق الصيانة لتأمين امداد مراكز الحجر والمراكز الصحية بالمياه، واضعاً امكانات المؤسسة بتصرف وزارة الصحة والجهات العاملة على مكافحة انتشار “كورونا”.