كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:
بحجة الأحوال الاجتماعية والاقتصادية وتخلف الأهالي عن دفع الأقساط، أنزل عدد من المدارس الخاصة، نهاية الشهر الماضي، عقاباً جماعياً بالمعلمين من خلال اقتطاع من الرواتب وصل إلى 70% في بعض المدارس، ومنها مدارس انجيلية وكاثوليكية، اكتفت بنصف راتب أو 40%، ومدارس السان جورج في الحدث (لصاحبها الفنان راغب علامة) التي قررت إعطاء 30% من الرواتب لهذا الشهر، رغم تقاضيها الأقساط، بحسب مصادر المعلمين التي بدت متردّدة في الإدلاء بأي موقف.
مرة جديدة، استخدمت الإدارات الرواتب ورقة ضغط لوضع المعلمين في مواجهة الأهالي، في تجاوز للقوانين التي تفرض عليها الالتزام بعقود المعلمين وشروط عملهم. وأتى ذلك في ظل عودة نغمة مطالبة البعض بأن تغطي الدولة رواتب المعلمين من الخزينة العامة، انطلاقاً من كون التعليم حقاً للمواطنين، وعلى الدولة تأمين كلفته، إما بإعطاء المدارس الخاصة التكلفة نفسها للتلميذ في المدارس الرسمية، أو بدفع رواتب المعلمين.
ووفق مصادر المعلمين، هناك مدارس افتعلت الأزمة، فيما ليس لديها ولدى الأهل أي حجة مالية وأكاديمية لعدم تسديد الحقوق. وأشار بيان صادر عن معلمين ممثلين لجميع الأقسام في المدرسة الإنجيلية في صيدا إلى أن «الهيئة التعليمية منذ بداية الأزمة حتى اليوم تقوم بواجباتها من خلال التعليم عن بعد والتواصل مع الطلاب والاجابة عن الاسئلة المطروحة وإرسال الفروض وتصحيحها». ورأى المعلمون أنّ «إعطاءنا نسبة 40% من الرواتب عن شهر آذار، بغض النظر عن القروض، باتت لا تكفي لسد الحاجيات الاساسية في ظل الغلاء الفاحش». وأبلغوا الإدارة أنهم سيتوقفون عن القيام بواجباتهم على كل الأصعدة، اعتراضاً على الإجحاف بحقهم ونظراً إلى أن لديهم استحقاقات والتزامات.
الأمين العام للمدارس الإنجيلية، نبيل قسطا، أوضح أن «القرار بإعطاء 40% أو 70% من الرواتب في بعض المدارس لم يكن عشوائياً، بل هو نابع من دراسات تكشف أن المدرسة لن تكون قادرة على الاستمرار إذا بقي الوضع على ما هو عليه اليوم، خصوصاً أن الإدارات لم تتقاضَ قرشاً واحداً من الأهالي منذ شهرين. ولفت إلى أنّ «ما يحصل ليس اقتطاعاً من الرواتب، بل سيكون ديناً ممتازاً على المدرسة وستسدّده للمعلمين فور عودة الأوضاع إلى طبيعتها»، مشيراً إلى أنه «جرى في المقابل شطب الكمبيالات المستحقة على المعلمين، سواء للمصرف أم للمدرسة».
أحد الحلول التي يقترحها اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، كما يقول أمين سرّه فرنسوا حبيقة، هو أن تعطي الدولة سلفة للمدارس الخاصة المتعثرة، لا سيما منها المجانية التي لم تقبض منحتها منذ 2015، كي تستطيع أن تستمر وتدفع لمعلميها، على غرار ما تفعل مع قطاعات أخرى مثل المستشفيات وغيرها. يستدرك قائلاً: «الواقع محرج جداً، ومع ذلك لم تطلب المدارس سداد الاقساط على عكس ما يشاع، كما لم يقل أي منها للمعلمين إنها لن تدفع الرواتب كاملة، لكن الاقتطاع يحصل في بعض الأحيان بالاتفاق مع المعلمين».
رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، رودولف عبود، قال «إننا رفعنا إلى وزير التربية مذكرة تشدد على إعطاء رواتب المعلمين كاملة مع أهمية دفع المنح للمدارس المجانية»، موضحاً أن المشكلة ليست في الرواتب المقتطعة فحسب، بل أيضاً في صندوق التعويضات المقفل، والذي لا يدفع التعويضات للمعلمين.