تقول مصادر مطلعة إن الرئيس نبيه بري لم يقبل بالتعيينات كما تم التوافق عليها أو عبر ما يبتغيه رئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل.
بداية، لن يقبل باستبعاد حليفه وصديقه وليد جنبلاط من خلال تمرير ما طرح النائب طلال ارسلان حول نائب حاكم مصرف لبنان، كما أنه يدرك أن الأكثرية الشعبية السنية ما زالت لدى تيار المستقبل، على الرغم من تراجعها.
وهو قرأ بتمعن بيان رؤساء الحكومات السابقين، وأيضا على هذه الخلفية ومن خلال خبرته لا يرغب في الدخول في أي تعيينات أو نكايات تجاه الطائفة السنية، وبالتالي فإن التعيينات أضحت صعبة المنال والمشكلة واقعة في أي توقيت في ظل الانقسام السياسي الحاد، إضافة الى أن رد وزيرة المهجرين غادة شريم على الرئيس بري بعد تلويحه بسحب وزرائه من الحكومة لم «يبلعه» بري وحركة أمل.
بري يخوض معركة تيار المستقبل وليس معركة الثنائي الشيعي، ذلك لأن المعلومات تؤكد أن بري سبق له أن وعد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بأن حكومة حسان دياب موقتة بمهمة محددة، وهي بالتالي لن تقرب الملفات الدسمة ومنها التعيينات.
وللرئيس بري حسابات مختلفة ترتبط بهامش حركة الحكومة ومدى قدرتها و«الجواز» المسموح لها بالاقتراب من قضايا ومواقع حساسة، كالمواقع المالية.
ويذهب بعض المعنيين إلى حد الربط الزمني بين الصرخة التي وجهها بري يوم الأحد، عبر منبر أزرق هو موقع «المستقبل» الالكتروني، وبين التحذير الأول الذي أطلقه «تيار المستقبل» إزاء التعيينات المالية.
وكشفت مصادر قريبة من «المستقبل» عن أن الحريري تواصل أول منذ يومين مع بري لأكثر من مرة. وقالت ان الحريري ماض في معركته بالتضامن مع رؤساء الحكومات السابقين لمنع عون وتياره السياسي من وضع اليد على البلد والإطاحة بالشراكة في ظل صمت رئيس الحكومة، حتى لو اضطر نواب كتلة «المستقبل» إلى تقديم استقالاتهم من البرلمان.
وتضيف أن بري انشغل في اليومين الأخيرين في تتبع ما يترتب من تداعيات سياسية على استقالة نواب المستقبل مع أن الحريري لم يتخذ أي قرار في هذا الخصوص، رغم أنه ألمح إليه في الاتصالات التي أجراها مع رؤساء الحكومات السابقين.
وتعول هذه الأوساط على دور الرئيس بري في قطع الطريق على من يخطط لوضع يده على التعيينات المالية والنقدية باعتبار أنه يشكل نقطة ارتكاز للحفاظ على الحد الأدنى من التوازن.
ومع ذلك، فإن تصعيد رئيس المجلس لا يعني أبدا أن مصير الحكومة بات على المحك، ولو أنه لا يمانع أبدا من قلب طاولتها رأسا على عقب، لكن ما يطمح إليه شيء والتعامل مع الواقع شيء آخر.
فالرئيس بري هو آخر من وضع يده بيد حسان دياب، بعدما أخرج كل أرانبه كي يعيد الحريري إلى رئاسة الحكومة، وهو للحظة يفضل عودة الأخير على ترك الدفة بين يدي دياب، لكنه يعرف جيدا أن الحريري لن يعود وفق قواعد التسوية الرئاسية، ويعرف أن مصير الحكومة مرتبط بعاملين: أولا: صعوبة الوضع الداخلي وتعقيداته لدرجة أن أيا من القوى السياسية لا يملك ترف تغيير الحكومة، ثانيا: غياب البديل.