كتبت زينة طراد في “نداء الوطن”:
نشر البروفسور ديدييه راوولت دراسة ثانية عن مفعول الكلوروكين لمعالجة فيروس “كوفيد – 19″، فجاءت نتائجها لتؤكد على استنتاجات الدراسة الأولى. لكن تكثر الانتقادات والتساؤلات القائمة حتى الآن. توصي هذه الدراسة الجديدة التي أجراها “المعهد المتوسطي لمكافحة الأمراض المُعدية” في “معهد المستشفى الجامعي”، بعلاج مزدوج يجمع بين الهيدروكسي كلوروكين والمضاد الحيوي الرئوي أزيثروميسين. تأكدت آثار هذا العلاج عبر النتائج التي سجّلتها مجموعة من 500 مريض في ولاية نيويورك. كان معظم المرضى الذين عولجوا في المعهد لفترة تتراوح بين 6 و10 أيام من فئة الشباب وأصيبوا بنوع حميد من فيروس “كوفيد – 19”. يؤكد راوولت منذ بداية أبحاثه على فاعلية الكلوروكين في المرحلة المعدية الأولى من المرض، لكنه يتوقع أن ينجح هذا العلاج أيضاً في تقليص حدّة الإصابات ومخاطر انتشار الفيروس. يشرح راوولت في هذه المقابلة نتائج دراسته والجهود الحثيثة التي يبذلها مع فريقه منذ أسبوعين.
بروفسور ديدييه راوولت، هل تستطيع أن تصف لنا في البداية وضع وباء فيروس كورونا في الوقت الراهن؟
أريد أن ألفت في البداية إلى أنني مطمئن بالكامل إلى سلوك الناس الذين أقابلهم، ويوافقني فريقي الرأي. أعتبر هذا الوضع مدهشاً. نحن نتلقى منذ أسبوعين دعماً استثنائياً ونلاحظ تعاطف الناس معنا عبر مجموعة من الرسائل الإيجابية. يساعدنا أيضاً عدد من المتطوعين، ويرسل لنا آخرون هبات تفيد “معهد المستشفى الجامعي”، ويشجّعنا البعض على المضي قدماً رغم المصاعب. أما مارسيليا، فهي مارسيليا! بشكل عام، إنها مدينة غير منظّمة بالكامل. لكن منذ بداية هذه الأزمة، يسود احترام تام للتنظيمات داخل “معهد المستشفى الجامعي” وفي الخارج على الرصيف، ويتّسم المرضى بانضباط نموذجي. لدينا أربعة صفوف انتظار ويلتزم بها الجميع. تنتظر شخصيات مشهورة جداً دورها أيضاً مثل الآخرين من دون تذمّر. هذا السلوك الاستثنائي كله يريحني لأنني كنت أظن أن بلدنا لم يعد يتمتع بحس المواطنة. لكن في وقت الأزمات، نستطيع أن نرصد سلوكيات لا تُصدّق.
لنعد إلى سؤالك الأول… تعطي الاستراتيجيات التشخيصية التي وضعناها نتائج إيجابية. لقد أجرينا الاختبار لخمسين ألف شخص في “معهد المستشفى الجامعي” في مارسيليا، وكان 2400 منهم مصابين بفيروس “كوفيد-19”. ثم اقترحنا عليهم خيارات علاجية. اليوم، لدينا معطيات موضوعية حول ألف شخص تلقوا علاجاً بالهيدروكسي كلوروكين مع الأزيثروميسين. كل شيء يسير على ما يرام.
خلال ثمانية أيام، لم نستطع رصد الحمل الفيروسي لدى 93% منهم. حتى الآن، شهدنا للأسف على وفاة رجل عمره 86 عاماً بعد ثلاثة أيام على تلقيه العلاج، ما يسمح لنا بتقييم الوضع كما يجب. نحن راضون جداً عن النتائج.
كم مريض تستقبل يومياً؟
نقابل أكثر من 800 مريض يومياً، ونتعامل مع تدفق هذا الكم من المرضى يوماً بعد يوم بفضل 75 سريراً متاحاً في “معهد المستشفى الجامعي”، ونتعاون مع مستشفيات مارسيليا كي تستقبل الناس بعد خضوعهم للاختبار وتشخيص حالتهم ومعالجتهم.
بالتزامن مع دراستك الثانية، ما هي أحدث منشورات الفريق الصيني حول هذا العلاج؟
أجرى الفريق الصيني دراسة مبنية على المقارنة بين مفعول علاج الهيدروكسي كلوروكين وغياب أي نوع من العلاجات. فتبيّن أن الهيدروكسي كلوروكين يحقق نجاحاً بارزاً في المجموعة التي نستهدفها، أي المصابين بدرجة معتدلة من المرض. حين تكون الأعراض متقدمة جداً أو يدخل المرضى إلى قسم الإنعاش، لا تعطي هذه المقاربة المفعول المنشود. ينطبق المبدأ نفسه على الزكام أيضاً. كلما عولجت الحالة في مرحلة مبكرة، تتحسّن النتائج النهائية. لذا أوصي بمعالجة المرض منذ أول يومَين. بعد نشوء الإصابات الرئوية، يفوت الأوان للأسف! لكن من خلال معالجة المرض في بدايته، نستطيع تجنّب أي تطور سلبي.
هل تنقل النتائج التي تتوصل إليها إلى الحكومة الفرنسية؟
طبعاً، نحن نرسل نتائجنا يومياً إلى وزارة الصحة كي تأخذها بالاعتبار في جميع القرارات التي تصدرها.
هل تشجّع الناس على مداواة أنفسهم؟
طبعاً لا! يجب أن يصف الطبيب هذا العلاج الذي أوصي به. ويجب أن يخضع المريض لتخطيط القلب الكهربائي ويجري فحص دم لقياس مستوى البوتاسيوم. نحن نتكلم عن أدوية فعلية، لذا لا مجال للارتجال!
ما ردّك على منتقديك؟
لا تقلقوا عليّ. هذه النتائج تحمّسني كثيراً. كل ما أتمناه هو عدم تطبيق القانون الذي يمنعنا من العمل لأكثر من 48 ساعة في الأسبوع داخل “معهد المستشفى الجامعي”. يسهل أن تتخيلوا إلى أي حد عملنا مكثّف في الوقت الراهن…
هل تستطيع تعريفنا على بعض الأطباء في فريقك؟
جميع العاملين معي داخل “معهد المستشفى الجامعي” يعملون من كل قلبهم وروحهم ولا يحتسبون ساعات عملهم. يشمل الفريق أيضاً أطباء من أصل لبناني. نحن منظّمون جداً ونعمل من دون احتساب الوقت. يتقاسم الأطباء جميع أنواع المهام: الاهتمام بالمرضى، تنظيم البيانات الإحصائية الخاصة بالنتائج، الإشراف على اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل والفحوصات البيولوجية المخبرية، التواصل المباشر مع الوزارات، عزل الفيروسات، وأخيراً التعامل مع المرضى القادمين إلى المستشفى يومياً. ترتفع أعداد المرضى الواصلين إلى أقسامنا كل يوم ويجب أن نخصص أسرّة لحاملي العدوى. نحن نحرز التقدم بفضل فريقي كله.