كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
مع كل تصادم داخل الحكومة تشتغل محركات معاون الأمين العام لـ”حزب الله” الحاج حسين الخليل على محاور التوتر للمعالجة. لحظة هدد رئيس مجلس النواب نبيه بري بتعليق مشاركة وزرائه أجرى الخليل جولة اتصالات ليكون الأمر محلولاً قبل بداية حديث الأمين العام السيد حسن نصرالله. وبعد إعلان رئيس تيار “المردة” سحب وزيريه من الحكومة تحرك “حزب الله” ايضاً وسارع بالتعاون مع بري الى معالجة مشكلة لم تنته فصولاً بعد.
منذ ولادتها القيصيرية يؤدي “حزب الله” دور نازع فتيل الإنفجار من امام الحكومة. سقطت هذه الأكثرية في امتحان التعايش في ما بينها وبيّنت أنها ليست على قلب واحد وحساباتها ضيقة. صار كل طرف فيها يتعاطى على أنه حيثية بحد ذاته. دخلوا في اصطفافات وبنوا تحالفات داخل تحالفات. وبدل الفريق الواحد صاروا افرقاء ومحاور، يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ويتناغمان، يبدو “التيار الوطني الحر” ناشطاً على نطاق واسع، ورئيس الحكومة من موقعه يجسّد حالة سنية هي أقرب على ما يتبين إلى التيار و”حزب الله” منها إلى بقية الأطراف. رغم كل ما يواجهه يتسلح دياب بالصمت، لكن صمته هذا قد لا يسعفه دائماً وقد انقطع عن لغة التواصل مع الناس، حتى ولو أنه رئيس عقلاني علمي وليس رجل مواقف شعبوية.
في المقابل، للحكومة ميزة تفاضلية وهي أنّ أخصامها من أصحاب نادي رؤساء الحكومة السابقين الذين استنفروا للاعتراض على عدم تعيين محمد بعاصيري نائباً لحاكم مصرف لبنان. ما يظهر ان خلف هذا الإصرار على التعيين سرّاً يتجاوز حدود هذا البلد الصغير. بيّنت الأزمة أنّ للشيعة مرجعيتهم، وللمسيحيين مرجعيتهم فيما السنة كأنهم متروكون لقدرهم.
يحمل “حزب الله” همّ ضرورة استمرار هذه الحكومة بالحد الأدنى لإدارة شؤون الناس بين حديّ “الكورونا” والجوع الذي يطرق الأبواب.
عند تشكيلها أعطيت الحكومة مهلة تسعين يوماً لتحقيق انجازات في الاقتصاد والكهرباء، ولكنها فوجئت بالكورونا ينتشر وتعم مخاطره العالم، وهي لا تلام على ما حصل، وتمكنت من تحقيق انجازات على مستوى الحد من انتشار هذا الوباء قياساً الى امكانيات البلد وقدراته بدليل الحد من الاصابات وهو ما كان موضع إشادة داخلياً وخارجياً. ولكن أزمة “كورونا” طويلة وعلى الحكومة عبء كبير ولا يمكن الا الإتيان بمعالجات للوضعين المالي والاقتصادي. ولذا طالب الشيخ نعيم قاسم الحكومة بان تعلن خطتها الاقتصادية والتلميح الى ان التعايش مع “كورونا” يجب الّا يحجب الاهتمام عن الخطة الاقتصادية لا سيما في ظل الوضع المالي والنقدي الذي تتحكم به المصارف وبعض القطاعات التي يمكن الاستفادة منها والتي تتطلب معالجة سريعة ومن بينها قطاع الكهرباء الذي يستوجب معالجة وحسماً لا سيما وانه الملف المعول عليه كشرط من شروط طلب المساعدات الخارجية.
يرى “حزب الله” وفق أوساط مطلعة على موقفه ان الحكومة ورغم كل الصعوبات، صادفتها في المقابل بعض الامور الايجابية كان من بينها التزام الناس منازلهم وانخفاض سعر برميل النفط عالمياً فيما بقيت اسعار المحروقات في لبنان على حالها وهذا من شأنه ان يوفر بعض الاموال للخزينة. ما يجب معالجته سريعا بالنسبة الى “حزب الله” هو الوضع المالي والنقدي واعداد خطة اقتصادية لان الناس لن تسكت على الواقع الراهن طويلاً في ظل استفحال البطالة وتزايد المشاكل الاجتماعية وإقفال الشركات والمعامل ويجب لذلك إيجاد حلول سريعة وفعالة، وكأن “حزب الله” يلمّح الى رئيس الحكومة بأن كفى لجاناً وخططاً لأن الوقت استنفد ووقت المعالجات قد حان.
يحتضن “حزب الله” رئيس الحكومة ويذلل العقبات من امام حكومته وهو في العلن يحاول التخفيف من وطأة ما يواجه الحكومة، ويرى ان كل محاولات إسقاطها في الوقت الراهن باءت بالفشل، وهي لم تكن محاولات جدية. كان الله في عون “حزب الله” على حلفائه وأعانه على حكومة صامدة بفضل إصراره ولا تزال تحت السيطرة رغم تهديد الحلفاء بالإنسحاب وهو ما حدث بمعدل مرتين في اقل من اسبوع. لكن ورغم ذلك فأي سؤال عن مستقبل الحكومة يقابله “حزب الله” بالجواب: “لا بديل عن الحكومة ومغشوش بنفسه من يجد نفسه بديلاً وهو متلهٍ بحاله”.