Site icon IMLebanon

جوع ويأس وكورونا.. هذا حال لبنان

زادت جائحة كورونا من معاناة اللبنانيين الذين ظلوا لأسابيع يتظاهرون من أجل تحسين ظروفهم المعيشية دون أن يحصلوا على أيّ تنازلات من حكومة مهمومة بالصراعات السياسية والطائفية. وكشفت الظروف الجديدة الطارئة عن أوضاع صعبة بينها تسرّب اليأس إلى النفوس بسبب الديون وغياب دعم الدولة، فضلا عن عجز الآلاف عن توفير ما يقتاتون به في ظل الحجر.

كان حسن زعيتر يواجه صعوبات في تدبير الطعام لأسرته بفعل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان عندما جاءت القيود المفروضة لمكافحة كورونا لتحرمه من دخله الضئيل الذي كان يكتسبه من عمله سائقا لحافلة صغيرة.

والآن أصبح زعيتر حبيس بيته في بيروت تتراكم عليه الديون لمتجر البقالة المحلي من أجل توفير الأرز والعدس لأطفاله الأربعة.

وقال زعيتر البالغ من العمر 39 عاما “أشياء كثيرة لم نعد ندخلها إلى البيت الآن، اللحوم والألبان والفاكهة.. كثيرون مثلي في الحي والكل أصبح مدينا. الجميع في وضع صعب ولا أحد يعمل”.

كان زعيتر يحصل في الماضي على ما يكفي لإعالة والديه. والآن ينتابه الخوف من المستقبل. ويقول “أخاف على أسرتي الآن من الجوع أكثر من كورونا”.

وبعد مرور أسبوعين على قرارات تقييد الحركة في لبنان ثمة علامات متنامية على تسرب اليأس للنفوس. فقد أشعل سائق سيارة أجرة النار في سيارته عندما فرضت عليه غرامة لمخالفته القواعد. وعرض مصفف شعر مشرد بيع كليته. ونشبت احتجاجات في مدينة طرابلس الشمالية وفي وادي البقاع بسبب الصعوبات المتزايدة.

وقبل ستة أشهر من انتشار الفايروس وصلت مشاكل لبنان الاقتصادية المتصاعدة منذ فترة طويلة إلى ذروتها مع تباطؤ التدفقات المالية من الخارج وشهدت الشوارع احتجاجات على النخبة الحاكمة. وهوت العملة اللبنانية وارتفعت معدلات البطالة والتضخم.

وقالت مايا تيرو الرئيس التنفيذي لمنظمة فودبليسد التي شاركت في تأسيس المنظمة لتوصيل الغذاء إلى المحتاجين “الناس أصبحوا يائسين فعليا. ومن 50 إلى 100 مكالمة في اليوم أصبحنا نتلقى الآن مكالمات بالآلاف”.

وفي الأسبوعين الأخيرين ضاعفت المنظمة توزيعاتها الأسبوعية لتصل إلى 200 عبوة بكل منها كمية من العدس والأرز والزيت والسكر وغيرها من السلع الأساسية تكفي لإعداد 150 وجبة.

وأضافت مايا “كثيرون كانوا قبل ذلك يخجلون من قول إنهم فقراء أو يحتاجون لمساعدات غذائية. لكن بعد كورونا وبسبب إحساس الكثيرين بالعجز لم يعد أحد يشعر بالخجل”.

وقالت “اتصلت بنا مدرّسة اعتادت تدريس اللغة الفرنسية وقالت إنها لم يخطر على بالها من قبل قط أنها ستطلب مساعدة غذائية”.

وتابعت “التبرعات نادرة لأن أفرادا كثيرين بدأوا مبادراتهم الخاصة”.

وسجل لبنان 479 حالة إصابة بفايروس كورونا و12 حالة وفاة حتى يوم الأربعاء. ويبلغ عدد سكانه حوالي ستة ملايين نسمة منهم مليون لاجئ سوري.

وقبل انتشار الفايروس توقع البنك الدولي أن يصبح 40 في المئة من الناس في لبنان من الفقراء بنهاية العام 2020 ويعتقد وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة أن هذا التقدير بات قديما الآن.

وقال نعمة لرويترز إن فايروس كورونا سيؤدي إلى تسريع هذا الاتجاه وإن نسبة الفقر في لبنان ربما تصل ذروة أعلى من 40 في المئة قبل أن تنخفض.

وأضاف “أشعر بالقلق وللأسف إمكانياتنا محدودة جدا”، مضيفا أن كثيرين كانوا يدبرون بالكاد احتياجاتهم اليومية لكنهم فقدوا الآن دخلهم اليومي.

وستقدم الحكومة للشريحة الأكثر فقرا 400 ألف ليرة لبنانية أي حوالي 150 دولارا بأسعار الصرف في السوق السوداء.

كما تعمل الحكومة على تطوير برنامج حجمه 450 مليون دولار مع البنك الدولي لدعم الفقراء. وكان من المقرر تنفيذ هذا البرنامج في سبتمبر الماضي لكن نعمة قال إنه بحاجة للتعجيل به مشددا على ضرورة التحرك بسرعة أكبر.