Site icon IMLebanon

البطالة والجوع يُطاردان العمّال وصيداوي حاول حرْق نفسه

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

“بدي عيّش بناتي”… جملة مقتضبة اختصرت حال الصيداوي سمير عزام الذي حاول اضرام النار بسيارته وبنفسه في صيدا، على خلفية تحرير محضر ضبط بحقه، لانه افتتح محله موقتاً في بلدة عين الدلب – شرق صيدا لتحصيل قوت يومه، مخالفاً قرار “التعبئة العامة” و”حال الطوارئ الصحية”، بعد اقفال دام أكثر من اسبوعين، وجد خلالهما يديه خاليتي الوفاض من المال والطعام.

عزام الذي يعمل كهربائي سيارات، متزوج ولديه خمس بنات، افتتح محله في عين الدلب منذ أكثر من خمس سنوات حيث يقيم وعائلته، لم يتمالك نفسه، انفجر غضباً وسط ساحة “النجمة”، محور الحركة والحياة في المدينة والمنبر الأكثر تأثيراً قبالة بلدية صيدا. شعر ان الجوع بدأ يهزمه، وبعدما حررت شرطة بلدية عين الدلب محضراً بحقه قيمته بلغت 5 ملايين ليرة لبنانية، سكب البنزين على سيارته وحاول اضرام النار فيها وبنفسه وهو يصرخ، فتدخلت القوى الامنية وشرطة بلدية صيدا، التي تتواجد عادة في المنطقة، وحالت دون ذلك، وعملت على تهدئته.

يقول شقيقه مصطفى لـ نداء الوطن”: “سمير لم يفتح محله ليخالف قرار “التعبئة العامة” و”حال الطوارئ الصحية”، اتصل به أحد الزبائن يريد اصلاح سيارته وقد تعطلت بسبب البطارية، فتوجّه الى المحل وفتحه ليأخذ منه العدة ويتوجه اليه، إلا أن شرطة البلدية عاجلته وحررت محضراً بقيمة خمسة ملايين ليرة لبنانية، ولم تأخذ بشرحه وشفاعته وعذره”، قبل أن يضيف “شقيقي والمئات مثله يعتاشون على العمل اليومي، اذا توقف عملهم، من أين سيأكلون؟”.

غضب سرعان ما ترددت أصداؤه في ارجاء المدينة من شمالها الى جنوبها أشبه “بكابوس مخيف”، مع أزمة مفتوحة بين الهلع من تفشي “كورونا” وتداعياته بالتزام الحجر المنزلي والاقفال وبين السعي لتأمين لقمة العيش، سارع رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي الى الاتصال به، وتهدئة روعه، ووعده بمعالجة ما حصل بالغاء محضر الضبط أو دفعه، فيما كان عزام يردد على مسامعه “بدي عيّش بناتي، عندي خمس بنات، من أين يأكلن، لم أعد قادراً على التحمل”، قبل ان يتم نقله من قبل الصليب الاحمر اللبناني الى المستشفى بعد ارتفاع ضغطه نتيجة الغضب.

مبادرة إنسانية

وعزام واحد من آلاف العمال الذين توقفت أعمالهم، وخشية من “انفجار اجتماعي”، بادرت جمعية “تجار صيدا وضواحيها”، الى اطلاق مبادرة تجاه الموظفين والأجراء والعاملين في القطاع التجاري لمساعدتهم على مواجهة الظروف المعيشية. وقال رئيس الجمعية علي الشريف لـ “نداء الوطن” إن “اطلاق المبادرة في هذا الوقت بالذات، وعلى الرغم من الضائقة المالية التي يئن تحت وطأتها التجار أنفسهم، هي رسالة تضامن وتكاتف”، مشيراً الى ان “المبادرة خاصة بالقطاع التجاري وسنتلقى اسماء المؤسسات وعدد الموظفين والعاملين فيها، كما تبرعات التجار لنبني على الشيء مقتضاه”، موضحاً: “حتى الآن لم يتحدد شكل المساعدة، ربما كانت مساعدة مالية او حصصاً غذائية وتموينية، كل شي مرتبط بالعدد والاموال التي سيتم جمعها”، داعياً “التجار الى أوسع حملة تضامن وتكافل في ما بينهم تجاه قطاعهم والعاملين فيه، في هذه الأزمة غير المسبوقة في تاريخ لبنان”. في المقابل، لم يخفِ مجلس إدارة “الجمعية” الذي عقد اجتماعاً طارئاً، ان تمديد حال التعبئة العامة في ضوء استمرار خطر تفشي وباء “الكورونا”، وبالتالي اضطرار المؤسسات والمحال التجارية للإقفال اسبوعين آخرين التزاماً بالقرار، وحرصاً على السلامة العامة، من شأنه زيادة سوء الاوضاع المعيشية، لذلك كانت المبادرة، التي حظيت بإلاجماع وتقرر البدء بتنفيذها فوراً.

وعلى وقع الشائعات التي تنتشر كالنار بالهشيم، نفى مصدر في “معمل فرز ومعالجة النفايات” اصابة شخصين يعملان فيه بـ “الكورونا”، مؤكداً ان كل ما في الامر، ان احد العمال نقل الى المستشفى بعد اصابته بحالة تسمم غذائي، وهو ما اظهرته الفحوصات الأولية، وللإطمئنان اكثر تم تحويله من قبل المستشفى الى بيروت، حيث اجري له فحص “الكورونا” ويتوقع صدور النتيجة خلال يومين.