أفادت مصادر سياسية لبنانية بأنّ اغتيال القيادي في حزب الله محمد علي يونس يوم السبت في جنوب لبنان يكشف جانبا آخر من الأزمة التي يعاني منها الحزب، خصوصا في مجال الفساد المالي.
وكشفت أنّ يونس يعتبر قياديا بارزا، ولكن من الصفّ الثاني في الحزب، إذ أنه مكلّف بالإشراف على ملفّ حسّاس يسمّى “الأمن المضاد”. وأشارت إلى أن مهمّته الأساسية منع أي اختراقات خارجية للحزب، وذلك عن طريق عمله على الأرض، خصوصا في جنوب لبنان.
ولاحظت هذه المصادر أنّ يونس اغتيل بين بلدتي قاقعية الجسر وزوطر الغربية في جنوب لبنان، وهي منطقة تقع كلّيا تحت سيطرة حزب الله.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أنّ حزب الله سارع إلى توزيع معلومات تفيد بأنّ كمينا شاركت فيه ثلاث سيارات نُصب ليونس. لكنّ أوساطا جنوبية استبعدت أن يكون في استطاعة أي جهة، بما في ذلك إسرائيل، نصب كمين لقيادي من حزب الله في تلك المنطقة التي يعرف الحزب بالتفاصيل الدقيقة كلّ من يدخل إليها ومن يخرج منها.
وفي حين سعى حزب الله إلى توجيه التحقيق في اتجاه المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، قال أحد أبناء المنطقة إن الرواية التي وزّعها الحزب ليست دقيقة. وأشار في هذا المجال إلى أن شخصا كان يرافق محمّد علي يونس لدى تعرّضه لإطلاق النار، وأن هذا الشخص مصاب بجروح وهو يعالج في أحد مستشفيات المنطقة بعيدا عن أنظار السلطات الرسمية اللبنانية.
ورجّحت المصادر السياسية اللبنانية أن يكون محمد علي يونس ذهب ضحيّة خلافات عائلية أو مالية أدت إلى تصفيته بالطريقة التي حصلت.
وأوضحت في هذا المجال أن المعلومات التي وزعت عن الجريمة أشارت إلى أن القيادي في حزب الله تعرّض لطعن بالسكاكين في ما يشبه الجرائم ذات الطابع الثأري.
ونعى حزب الله يونس واعتبره “شهيدا”، في إشارة إلى أنّ خلفيات جريمة القتل تتعلق بعمله الأمني في الحزب. ولخص سياسي لبناني أبعاد الجريمة بقوله إنّها كشفت وجود خلافات ذات طابع مالي في أوساط لديها علاقة بحزب الله.
وأشار إلى أن في أساس هذه الخلافات صفقات معيّنة يستفيد منها قياديون في الحزب صارت علامات الثراء تظهر عليهم وعلى عائلاتهم.
ولم يستبعد هذا السياسي الوصول إلى مرحلة يتبيّن فيها أن حزب الله أصبح يعاني، مثل غيره من الأحزاب اللبنانية في مقدّمتها حركة أمل، من تجاذبات داخلية وخلافات على الاستفادة من صفقات معيّنة.
إلا أن مصادر لبنانية مطلعة ربطت بين اغتيال يونس وتصفية أنطون الحايك في جنوب لبنان، والذي وصف بأنه كان مساعدا لعامر الفاخوري الذي يحمل الجنسية الأميركية.
وشاع وصف الأخير بـ”جزار معتقل الخيام” في الجنوب خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي الذي استخدم ميليشيا جيش لبنان الجنوبي لإخضاع الأهالي.
محمد علي يونس قيادي من الصف الثاني في حزب الله مشرف على ملف الأمن المضاد
وتمكنت واشنطن من استرداد الفاخوري بعد ساعات على قرار أصدرته المحكمة العسكرية لوقف ملاحقة الفاخوري المتهم بالعمالة، واعتبر نقله من لبنان عملية تهريب إذ جاء بعد طعن قضائي في قرار إطلاقه، وأحرج حزب الله قبل أسابيع قليلة.
واغتيل أنطون الحايك في صيدا، بعد أيام على إعادة الفاخوري إلى الولايات المتحدة، والتي أثارت لغطا حول ما يشبه فضيحة أدت إلى استقالة رئيس المحكمة العسكرية، في خطوة نادرة في لبنان.
وربطت مصادر مطلعة بين تسلسل الأحداث، ورجحت تصفيات داخلية في حزب الله لطي صفحة علي يونس المسؤول الأمني عن ملف العملاء والجواسيس، أو الثأر لمقتل الحايك اليد اليمنى للفاخوري الذي تذرعت المحكمة العسكرية بتقادم الزمن على اتهامه بالعمالة لإسرائيل وإدارة معتقل الخيام وتعذيب سجناء، لتبرر قرار وقف تعقّبه.
وفي حين وزعت وكالة فارس الإيرانية النبأ معتبرة يونس قياديا في الحزب، ذكرت مصادر لبنانية أنه ليس من قادة الصف الأول.
وأشارت إلى أنه قتل في منطقة ليست بعيدة عن مواقع انتشار قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة والتي تشرف على تطبيق القرار الدولي رقم 1701 الذي أصدره مجلس الأمن بعد حرب يوليو 2006.
ولطالما دأب حزب الله على استثمار اغتيال بعض كوادره لتَأكيدِ استهدافه من قبل أجهزة إسرائيلية، وكَسْبِ تعاطف في بيئته الحاضنة في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجنوب.
وجاء اغتيال يونس بعدما اهتزت ثقة أنصار الحزب بقادته في ظل استبعاد إطلاق الفاخوري دون موافقة حزب الله، ولو ضمنيًّا، فيما هو يتحكم في مفاصل قرارات الدولة وأجهزتها.