كتبت ماجدة عازار في صحيفة “نداء الوطن”:
بعد تنفيذ المرحلة الاولى من خطة إعادة اللبنانيين في الخارج امس، وبروز دور كل من وزارات الصحة، الشؤون الاجتماعية، الداخلية، والأجهزة الأمنية، ورغم وجود وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي على ارض المطار، خلال تفقد رئيس الحكومة حسان دياب الإجراءات اللوجستية والطبية والأمنية، تبرز التساؤلات عن دور “الخارجية” في تنظيم تحضيرات هذه العودة.
ويوضح مدير الشؤون السياسية في الوزارة السفير غادي الخوري لـ”نداء الوطن” ان “عمل وزارة الخارجية يقتصر على إنجاز التدابير اللوجستية في الخارج، ومواكبة تنفيذ الاجراءات لإعادة اللبنانيين المغتربين بعد التنسيق مع السفارات والقنصليات، والمشاركة في قرار اختيار الدول التي سيتم منها اجلاء اللبنانيين، والمساهمة في إعداد لوائح العائدين، ووضع المعايير لإعطاء الأولوية للحالات الراغبة بالعودة، والتأكّد من تطابق اللوائح مع هذه المعايير، علماً انه من الصعوبة بمكان تقرير كل حالة بحالتها، نظرا الى المهلة الزمنية القصيرة، وكذلك التواصل مع الدول لتأمين الاذونات بهبوط الطائرات. فمهمّة وزارة الخارجية إنجاز التدابير اللوجستية في الخارج، وتنتهي مسؤوليتها عند باب الطائرة في مطارات المغادرة، بعد ان يصعد اللبنانيون العائدون الى متنها”.
ويشير الى ان “وزارة الخارجية ستستأنف دورها مجدداً، مع مواكبة تنفيذ اجراءات مغادرة الرحلات الاخرى التي تنطلق الى لبنان تباعاً”. وقال: “دور الوزارة هو في الخارج، ومسؤوليتها ان يصعد العائدون الى الطائرة بأمان، اما التدابير الداخلية، فمن شأن وزارات الصحة والداخلية والشؤون الاجتماعية والاجهزة الامنية، علماً ان تنسيق الخارجية معها كان تنسيقاً كاملاً”.
ويؤكد خوري أخيراً ان الوزارة، ستجري عند كل مرة تُنجز فيها مرحلة من مراحل اعادة اللبنانيين، تقييماً دائماً، للوصول الى الصيغة الأفضل والأنسب لإتمام هذه العودة”.
منصور: الحكومة تأخرت
في غضون ذلك، يرفض وزير الخارجية السابق عدنان منصور تقييم أداء نظيره النائب جبران باسيل في الخارجية، غير انه يؤكد ان الوزير الحالي ناصيف حتي “رجل محترف ويسير على الطريق السليم، وأداؤه في احسن حالاتو”.
ويقول منصور لـ”نداء الوطن”: “لست من يسجل ملاحظات على المرحلة السابقة بل الشعب اللبناني هو من يدوّن ملاحظاته حول أداء اي شخص، وما اذا كان هذا الأداء سليما ام لا، ولم اكن اوافق الوزير باسيل في كل شيء. فأي شخص او مسؤول، لا يملك الحقيقة كاملة مئة بالمئة، واداؤه لا يكون مئة في المئة. فهناك ايجابيات وسلبيات لأي مسؤول كان، والمثالية موجودة في “جمهورية افلاطون”، وليس عند البشر”.
ويشدد على “أن المناكفات السياسية لا تفيد في هذا الظرف الحسّاس، وفي ظل الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي وانتشار كورونا” ويقول: “لسنا بحاجة اليوم الى مناكفات سياسية بل الى رأب الصدع ومؤزارة الحكومة لكي تسير في نهجها للخروج من الازمة المستعصية التي تهدد أمن المواطن ومعيشته وحياته ورزقة ومستقبله”.
وإذ يسجّل منصور لوزارتي الصحة والداخلية والأجهزة الامنية جهودها، يعتبر “ان وزارة الخارجية لم تقصّر، ولا شك في انها أدّت دوراً كبيراً ومشكوراً في إعادة اللبنانيين، وعمل وزير الخارجية على أكمل وجه، من خلال تعليماته للسفارات اللبنانية، وندرك جميعاً ان اللبنانيين في الخارج لن يتحرّكوا من تلقاء انفسهم، ويجب التمييز بين أمرين: العمل اللبناني في الداخل والعمل في الخارج عبر التنسيق الذي تم بين السفارات اللبنانية والقنصليات مع السلطات المختصة في بلدان الاجلاء والاتصالات التي أجرتها السفارات مع اللبنانيين لتسجيل اسمائهم، والعمل على فرز كبار السن عن الاطفال والنساء”.
وهل سرّع تهديد رئيس مجلس النواب نبيه بري بتعليق تمثيله في الحكومة، في قرار إعادة اللبنانيين؟ يجيب منصور: “ليست مسألة تهديد، بل ان الرئيس بري أطلق صرخة وطنية مدوية، فعندما تحدث عن اللبنانيين لم يكن يتحدث عن طائفة او فئة منهم بل عن جميع اللبنانيين في كل دول العالم، وأكد ان على لبنان ان يأخذ في الاعتبار وضعهم، خصوصا اولئك الموجودين في الخارج بصورة موقتة، اي طلاب الجامعات، وطبعاً كان لصرخته دور كبير في تسريع العودة بعدما وضع النقاط على الحروف، ووضع الدولة اللبنانية امام مسؤولياتها”.
ويرى منصور “ان الحكومة كانت تستطيع بداية، ان تستعجل العمل على اعادة اللبنانيين، لا ان تتحرك بعد اكثر من نحو شهر ونصف شهر على انتشار الوباء، لان لا احد يدرك ما اذا كان سيستفحل انتشاره في الخارج خلال هذه الفترة، وبهذه الطريقة كان يمكن ان يشكّل كل يوم تأخير خسارة اكبر لنا”.
ويتوقف منصور عند التبرير الذي اعطته شركة طيران الشرق الاوسط لارتفاع سعر بطاقات السفر، “علما انها شركة خاصة، ولو ان الدولة اللبنانية تساهم فيها على نحو كبير”، ويقول: “انا لا اوافق الدولة في ان تترك المسألة تمرّ هكذا، بل عليها ان تتحمّل مسؤولياتها وتؤمّن عودة اللبنانيين، إذ لا يجوز لعائلة لبنانية في افريقيا، مؤلفة من رجل وزوجة وثلاثة ابناء، وترغب بالعودة، ان تدفع عشرة آلاف دولار ثمن بطاقات، فليس جميع اللبنانيين هناك اغنياء، بل بعضهم يعمل لقاء رواتب بسيطة، وانا خدمت شخصياً في افريقيا وأدرك هذا الامر، فلو شاء ان يعود عشرة آلاف لبناني، علما ان عودتهم لن تكون دفعة واحدة، وكلفة كل بطاقة الف دولار، فإن مجموع عدد التذاكر يبلغ عشرة ملايين دولار. أفليس في وسع الدولة اللبنانية تأمين عشرة ملايين دولار وهناك من هرّب مليارات الدولارات الى الخارج؟ في مكان ما تقول، انها دولة مفلسة، وفي مكان آخر نرى مزاريب الهدر والفساد. فإما تكون دولة مسؤولة وإما لا تكون وعليها ان تتحمّل مسؤولياتها مهما كان، وتستطيع ان تفرض على المصارف، التي ربحت المليارات من خلال الهندسة المالية، تأمين هذا المبلغ”.