Site icon IMLebanon

العهد ينقضّ على الثورة.. و”استعراض رئاسي – وزاري” طلباً للدعم

بغضّ النظر عن “همروجة” المطار، حيث لم يراعِ المسؤولون أبسط تدابير منع الاكتظاظ فحشروا الإعلاميين “كتفاً على كتف” لتسويق إنجاز أولى مراحل “العودة الآمنة” للمغتربين في زمن الكورونا، فإنّ الخطوة بحد ذاتها لا بد وأن يتم التعاطي معها ببعد إنساني منزه عن الاستثمار السياسي والحكومي، لكي تبقى العبرة بنجاحها في تأمين أفضل سبل الوقاية من خطر إعادة فتح أبواب استيراد الفيروس إلى الداخل اللبناني، عبر اعتماد آليات متقنة ومحكمة تفرض الحجر الصحي القسري والطوعي على العائدين لمدة 14 يوماً بالتمام والكمال من دون أي تهاون أو تراخ كما حصل في بدايات الأزمة.

فالإنجاز، حسبما تشدد أوساط طبية، لا يكمن في تنظيم الرحلات الجوية بحد ذاته، كما جرى تظهيره حكومياً أمس بعراضة إعلامية لا طائل منها ولا تلتزم أدنى المعايير العلمية المطلوبة في هكذا عمليات إجلاء، إنما يبقى رهناً بانقضاء فترة عزل العائدين طيلة مدة إمكانية احتضان الفيروس، لكي يمكن القول حينها إنّ العملية تمت بنجاح، موضحةً أنّ الآليات الموضوعة حتى الآن مقبولة غير أنها تظل عرضةً للفشل في أي لحظة بشكل قد يعيد تأزيم الأمور بشكل دراماتيكي من شأنه أن يُفقد البلاد السيطرة الاستشفائية على انتشار الفيروس، كما حصل في العديد من الدول المتحضرة في أرجاء العالم، نتيجة التعامل بخفة مع الموضوع.

أما في المشهد السياسي، فتوقعت مصادر سياسية معارضة أن تشهد المرحلة المقبلة عملية انقضاض شرسة على ثورة 17 تشرين من قبل السلطة وتحديداً من “العهد العوني”، لافتةً الانتباه إلى أنّ كلام رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي وضع فيه الثورة في سلة واحدة مع “الفيروس” باعتبارهما يقفان خلف ازدياد التعثر الاقتصادي والمالي في البلاد وصولاً إلى تحميل الناس المنتفضين والكورونا مسؤولية مشتركة عن مرحلة “النكبة” اللبنانية، لم يكن كلامه هذا إلا “الرصاصة الأولى” في معركة تصفية الحساب بين العهد العوني و”التيار الوطني الحر” من جهة وبين كل معارضيه في المجتمع المدني والأهلي من جهة ثانية. وفي هذا المجال، توقفت المصادر عند محاولة باسيل “التورية عن مسؤولية التيار والسلطة التي يتربع على كرسي رئاستها الأولى، والتعمية عن بصمات شراكته الواضحة في أداء الدولة وقراراتها، على كافة المستويات التنفيذية والتشريعية والمالية والاقتصادية منذ أكثر من 15 سنة وصولاً إلى حكومة حسان دياب اليوم التي يتلطى خلفها العهد لنفض يده من كل الحكومات السابقة التي شارك فيها وكان الطرف الأفعل فيها، تكليفاً وتأليفاً من خلال فرملة ولادتها قبل ضمان توزير باسيل شخصياً فيها وتأمين كل شروطه الاستيزارية من حقائب وأعداد، ولاحقاً في الأداء الحكومي عموماً عبر لعبة تعطيل أي قرار أو مرسوم أو مشروع لا يحاكي أجندته السياسية”.

واليوم، سيكون أعضاء “مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان” على موعد مع “استعراض رئاسي – وزاري” لن يكون بعيداً في جوهره عن فحوى المؤتمر الصحافي الأخير لرئيس “التيار الوطني الحر” بحسب تعبير المصادر نفسها لا سيما لناحية اعتماد سياسة إلقاء تبعات الأزمة المستفحلة في البلد على الأطراف السياسية الأخرى، أو على النزوح وغيرها من العناوين التي تهدف إلى تهميش دور السلطة العونية ومسؤوليتها في الانهيار الحاصل.

وعن جدول أعمال الاجتماع، توضح مصادر مواكبة للتحضيرات التي جرت لانعقاده في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس الحكومة والوزراء والمستشارين المعنيين، أنه “سيتخلله عرض يقدمه كل من عون ودياب للمشاكل التي تعاني منها الدولة اللبنانية طلباً للمساعدة الدولية العاجلة”، وأفادت المصادر “نداء الوطن” أن العرض الرئاسي سيعقبه “عرض من الوزراء للتقارير ذات الصلة بخطط عمل وزاراتهم، لا سيما من وزير المال الذي سيتحدث عن الواقع المالي والاقتصادي، ووزير الشؤون الاجتماعية الذي سيقدم لـ”خريطة لبنان الاجتماعية” التي زادت فيها نسب الفقر والجوع إلى مستويات غير مسبوقة، بالتوازي مع التطرق إلى ما تقوم به الوزارة مع برنامج التغذية العالمي والحاجة الملحة إلى الدعم الدولي لتتمكن من مساعدة العائلات المحتاجة والأكثر فقراً”.

وتضيف المصادر: “هذا الاجتماع الأول من نوعه على هذا المستوى بعد قرار لبنان عدم دفع استحقاقات اليوروبوندز، سيكون عنوانه الأول والأخير طلب المساعدة من مجموعة الدعم الدولية التي تبدو دولها منكفئة عن الملف اللبناني بانتظار إجراء الإصلاحات الفورية والجذرية المطلوبة من الحكومة اللبنانية”، مشيرةً إلى أنّ عون سيركّز في كلمته على “مشكلة اللاجئين التي كبّدت لبنان كلفة باهظة وسط غياب الدعم الدولي الكافي لتحمل تبعات هذه المحنة”، على أن يتولى دياب بدوره “التسويق لجهود حكومته على صعيد الخطط الاقتصادية والمالية والإصلاحية المنوي إقرارها”.

وإذ لفتت إلى أنّ جميع سفراء مجموعة الدعم أكدوا حضورهم اجتماع قصر بعبدا، أشارت إلى أنّ وفداً من البنك الدولي سيحضر الاجتماع أيضاً، في حين سيتولى الحديث باسم المجموعة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش لإيضاح الخطوط العريضة بالنسبة للنظرة الدولية حيال الملف اللبناني والسبل الآيلة إلى مساعدة اللبنانيين لتخطي أزمتهم.