بعيدا من بعض مظاهر “لزوم ما لا يلزم” وخرق اجراءات الوقاية من كورونا خلال المؤتمرات الصحافية للمسؤولين انفسهم الذين اوعزوا بها واتخذوا قراراتها، كلمة حق تقال في خطوة اعادة المغتربين الى بيروت: انجاز جيد جدا، ينقصه بضع خطوات اضافية ليرتقي الى مرتبة الممتاز.
فحكومة مواجهة التحديات “السيئة الحظ” المنكبّة على العمل ليل-نهار من دون ان تتمكن بعد 55 يوما من نيلها الثقة في 11 شباط الفائت من تدوين انجاز واحد في سجلها، بفعل خضوعها لـ”الابتزاز”السياسي او الهيمنة، لا فرق ما دامت النتيجة واحدة، صفر انجازات، اثبتت يوم امس انها واجهت تحدي العودة بجدية واتقان يُشهد لهما.
من لحظة استقلال الطائرات في دول الاغتراب الى تنظيم وتقسيم العائدين في داخلها واحترام معايير مسافة الامان في ما بينهم حتى خروجهم الى مطار رفيق الحريري الدولي واجراء الفحوصات ثم نقلهمالى الفنادق، ولاحقا مراقبتهم اثر عودتهم الى منازلهم بحسب نتائج فحوصات الـ بي. سي.آر” لم تشب شائبة الاجراءات التي كانت موضع ثناء من العائدين،فأشادوا بالخطوة واثنوا على التدابير المتخذة من دون استثناء، كما الكثير من السياسيين في المقلب المعارض وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري المعروفة مدى مناهضته لحكومة الرئيس دياب بكل ما احاط بها من ملابسات، اذ غرد قائلا “الاجراءات التي اتخذت في نقل اللبنانيين من الخارج جديرة بالتقدير. نسأل الله السلامة للجميع وتحية من القلب للفريق الطبي الذي يواكب العملية”.
وبعيدا من السياسة ومفاعيلها وللأمانة، تقول مصادر سياسية في المقلب المعارض لـ”المركزية”، ان وزارة الصحة تبلي بلاء حسنا جدا، ان في مجال مواكبة ملف كورونا بكامل تفاصيله، او في معرض اداء الكادر الطبي المتقن ودوره المميز في مختلف محطات عودة المغتربين الى بيروت.
لكنّ الحكومة المزهوّة بإنجازها مطالبة بخطوات اضافية تكسر جدار الفصل الذي رفعته بين المغتربين اسعار بطاقات السفر الباهظة الخارجة عن قدرات الكثيرين، بحيث تمكن الميسورون منهم من العودة فيما لا تزال فئة غير الميسورين وفي شكل خاص الطلاب تبحث عمن يؤمن لها كلفة العودة إن توفر. واذا كانت مؤسسة الوليد بن طلال الانسانية دخلت على هذا الخط اليوم،فأبلغت نائب رئيس المؤسسة الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي عن تكفل المؤسسة بتكاليف ثلاث رحلات لنقل الطلاب اللبنانيين المتواجدين في كل من فرنسا وايطاليا واسبانيا الى لبنان على متن طيران الشرق الاوسط، فإن المطلوب من الحكومة اتخاذ خطوات مماثلة إن عبر التكفل بمصاريف اعادة من تبقى من الطلاب غير المقتدرين او بالاعلان عن حملة تبرعات للغاية، اذ من غير المقبول ولا الجائز جعل العودة للميسورين فقط وترك الباقين يواجهون الوباء بالفقر والعوز.
وفي السياق، سألت المصادر عن احجام الطبقة السياسية الغنية وفئة المتمولين واصحاب رؤوس المال عن التكفل بإعادة الطلاب ومن لا قدرة مادية لديهم للعودة، واثبات وطنيتهم في الظرف العصيب هذا، فهل يُعقل ان يُترك هؤلاء لاقدارهم اذا كانت الحكومة عاجزة عن سداد ثمن تذاكرهم، فيما يتنعم السياسيون والاثرياء بملياراتهم ويتلكأون عن المبادرة؟