Site icon IMLebanon

أهل طرابلس تحت خط الفقر… أين أموالنا؟

كتب انطوان عامرية في صحيفة “الجمهورية”:

تجذب طرابلس، مدينة العلم والعلماء، الأنظار إليها مجدداً عبر تسليط الضوء على الفوضى التي تسود شوارع المدينة، لا سيما اسواقها الداخلية، من دون الأخذ بالاعتبار مدى خطورة تفشّي وباء كورونا.
رغم اعلان وزارة الصحة العامة عن اصابة 15 شخصاً من أبناء المدينة، يتخوّف الكثيرون من تحوّل المدينة الى بؤرة لتفشّي الوباء نتيجة إصرار شريحة واسعة من أبنائها، كباراً وصغاراً، على خرق حالة التعبئة العامة في سوق الخضار وسوق العطّارين والتبانة وباب الرمل والجسر والقبة، والتي تشهد ازدحاماً كبيراً وفوضى لا مثيل لها كما في شارع المصارف حيث يحتشد الناس امام الصرّافات الالية.

أضف الى ذلك عدم التزام العديد من المشايخ والمصلّين بقرار دار الافتاء، وإصرار البعض على اقامة صلاة الجمعة في بعض المساجد وفي باحاتها، إضافة إلى تسيير تظاهرات وتحركات مطلبية احتجاجاً على قرارات الاقفال والوضع المعيشي الصعب. في حين يلتزم التجار واصحاب المحلات التجارية بالاقفال في العديد من شوارع المدينة، من عزمي الى المئتين وشارع نديم الجسر.

«الجمهورية» جالت في أسواق طرابلس الداخلية، وتحدثت الى اصحاب المحلات في سوق العطّارين وطلعة الرفاعية.

أبو مشهور صاحب محل خضار مدخل السوق يزيد عمره عن الـ70، أكّد اتكاله على الله وقال: «الناس تريد ان تأكل. لا أموال لدينا، واذا لم نعمل لا يمكننا إطعام عائلاتنا وننام «بلا أكل».

وعن عدم وضعه الكمّامة او ارتداء قفازات، كرّر القول: نحن نَتّكل على الله ونسلّمه أمرنا. نحن مؤمنون وما يأتي من الله مقبول. طرابلس الفيحاء حَماها الله منذ القدم واليوم هو الحامي. وأريد ان اسأل أين المساعدات التي تقرّ؟ ولماذا لا يحصل عليها جميع أبناء هذه الاحياء الفقيرة؟».

من جهته، خالد العبود ابن طرابلس في العقد السادس من العمر، الذي يقصد السوق يومياً لشراء الخضار واللحوم، يقول لـ»الجمهورية» رداً على سؤال: «كلنا خائفون، لكن من يؤمّن لنا الطعام؟».

 

ويضيف: «نحن نتّكِل على الله، ولكن طبعاً على الجميع عدم النزول الا عند الضرورة. ونحن نُناشد المسؤولين النظر الى أبناء هذه المدينة الفقراء خصوصاً في هذه الظروف الصعبة والافراج عن المساعدات التي أُقرّت»، متوجّهاً بالشكر الى «بعض الجمعيات والهيئات التي توزّع بعض المساعدات».

ابو خالد الحسن صاحب محل ألبان وأجبان وسط السوق، يسأل بدوره عبر «الجمهورية»: «ما هو البديل عن نزول الناس الى الاسواق؟ من يُطعم العائلات اذا التزم الاهالي الحجر الصحي؟».

ويتابع: «قبل ازمة كورونا كنّا نعيش أزمة اقتصادية وبعدها ازمة الدولار ومن ثم أتت الثورة، ليحلّ بعدها الوباء، فهل يموت الناس في بيوتهم؟ خصوصاً انه ما من بديل، فلو كان هناك خَيّرون من النواب والوزراء ودفع كل واحد منهم 10 ملايين ليرة فقط، وتمّ تقسيمهم على الناس لإطعامهم، كان هؤلاء التزموا المنازل».

ويؤكد انّ «الناس هنا تعيش تحت خط الفقر وليس لديهم ثمن ربطة خبز أحياناً، واذا لم يعملوا يموتون من الجوع، فإبن هذه الاحياء يعيش بـ5 آلاف ليرة يومياً. ومع ذلك نقول: «الله الحامي ونحن نتّكِل على رب العالمين» .

ويضيف: «أعطوا البلدية المليارات لتوزيعها، وسمعنا أنه سيتم توزيع 35 ألف حصة غذائية، والدولة أقرّت 400 الف ليرة لكل مواطن فقير، فأين هي هذه الاموال وهذه الحصص؟ لم نر منها شيئاً».

إحدى السيدات اللواتي كنّ يتسوّقن، قالت: «لا يمكننا سوى الدعاء الى الله ليرأف بحالنا ويبعد عنّا هذا الوباء، لأنّ الوعود بالمساعدات غير دقيقة ولن يصلنا منها شيء».

الناشط الاجتماعي احمد عواد وَجّه صرخة باسم أهالي منطقة صف البلاط في الأسواق الداخلية، وقال لـ»الجمهورية»: «نسمع عبر جميع وسائل التواصل الاجتماعي انّ هناك مساعدات توزّع في أرجاء المدينة ويتبنّاها من يدّعون انهم ناشطون اجتماعيون في المناطق. لذا، نحن أبناء صف البلاط نقول إنّ هذا الأمر غير صحيح، وإلى هؤلاء التجّار نقول: كفاكم متاجرة بالفقراء. وكل شخص يقوم بجَمع تبرّعات او مساعدات باسم منطقتنا سوف نفضحه ونحاسبه على أي شيء يخصّ المنطقة. وإلى سياسيّي طرابلس أقول: «إرحموا هذا الشعب الفقير وحَكّموا ضمائركم لأنّ الناس بحاجة إلى دعمكم في هذه الظروف الصعبة. إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».