غُيّب وزيرا الصناعة عماد حب الله والزراعة عبّاس مرتضى عن المشاركة في وضع «خطة الإنقاذ الاقتصادية» على الرغم من أن الخطّة عنوانها الاقتصاد المنتج. مفارقة، لا يفهمها إلّا متتبّع «عشاق صندوق النقد الدولي» في لبنان.
بعد طول انتظار، قرّرت حكومة الرئيس حسّان دياب مناقشة ما سمّته «خطّة الإنقاذ الاقتصادية» في جلستها في السراي الكبير، بعدما وعد رئيس الحكومة، وقبْله رئيس الجمهورية ميشال عون، اللبنانيين، بالعمل على نقل «الاقتصاد» اللبناني إلى الاقتصاد المنتج.
وهذه الخطّة، كما هو متوقّع أو مطلوب لإنقاذ البلاد، تمثّل واحدة من الفرص القليلة لعمليّة تغيير فعلية في اقتصاد لبنان، الذي قام منذ نشأته على «الخدمات» بكل ما تحوي من أصناف، وتحويله إلى اقتصاد يرعى الانتاج الزراعي والصناعي لتقليص الاتكال على الخارج، الذي لم يعد متاحاً أصلاً، مع تراجع موجودات لبنان من القطع الأجنبي وتراجع الاستهلاك وأزمة التصنيع التي بدأت تعصف بالعالم من جراء كورونا.
إلّا أن ما حصل في الأيام الماضية في أروقة السراي الحكومي بشأن «خطة الإنقاذ» لا ينبئ بالخير، ولا يعطي أملاً بأن الحكومة الحالية تسعى لإحداث أي تغيير عن سابقاتها. فبحسب المعلومات، كان من المفترض أن تؤلف الحكومة لجنة وزارية واسعة تتشارك في وضع خطة إنقاذية فعلية للبنان، بحضور الوزراء المعنيين، لا سيّما وزيري الزراعة عبّاس مرتضى والصناعة عماد حب الله، اللذين من المفترض أن حقيبتيهما هما أبرز حقيبتين معنيتين بالخطّة المنشودة. لكنّ حتى يوم أمس، لم يكن مرتضى أو حبّ الله جزءاً من الخطّة الحكومية التي أُعلن أنها ستناقش اليوم، بل اكتفى رئيس الحكومة بعقد اجتماعات مع نائبته وزيرة الدفاع زينة عدرا ووزير المال غازي وزني ووزير الاقتصاد راوول نعمة ووزير البيئة دميانوس قطّار. فعلى أي أساس تقوم خطّة إنقاذ اقتصادية لا يشارك فيها المعنيون ويقتصر فريق العمل على فريق محدد من الوزارات والأشخاص، كما على المستشارين المعجبين بنظريات صندوق النقد الدولي ومؤيديها، بما لا يمكن أن ينتج إلّا خطّة مشابهة لخطط العقود الماضية؟
ولدى معرفة الوزيرين، حب الله ومرتضى واحتجاجهما على الأمر لدى رئيس الحكومة، تقرّر أن ينعقد اجتماعٌ اليوم في السراي يحضره الوزيران واللجنة الوزارية التي صاغت الخطّة الأولى، قبل جلسة مجلس الوزراء. وكأن إعداد خطّة عمادها الصناعة والزراعة يُحلّ بفنجان قهوة في اجتماع صباحي مستعجل قبل جلسة حكومة تحمل طابع «المصيرية»!
حال قطاع الاتصالات ليس أفضل، مع إصرار الوزير طلال حوّاط على الحفاظ على تراث أسلافه وإبقاء شركتي الخلوي من دون تغيير أو استرداد للقطاع. واجتمع أمس رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية حسين الحاج الحسن مع حواط، للبحث في موضوع استعادة الدولة لإدارة قطاع الاتصالات وتشغيله، بعد المعلومات عن اتخاذ حواط قراراً بالتجديد لشركتَي «أوراسكوم» و«زين» المُشغلتين لـ«ميك 1 – ألفا» و«ميك 2 – تاتش»، رغم عدم قانونية الخطوة. وحواط حسم توجّهه بطرح الموضوع على مجلس الوزراء، أملاً بالحصول على موافقة بقية الوزراء، لا سيّما مع الحديث عن تأمينه موافقة سياسية من عددٍ من القوى السياسية المؤثرة. وكان حواط قد قدّم الأسبوع الماضي «الخطة المستقبلية» للقطاع إلى رئيس مجلس الوزراء حسّان دياب، والتي نشرت «الأخبار» أنّه شاركت في وضعها شركةَ «زين»، مُمثلة بالرئيس التنفيذي لشركة «تاتش» أيمري غوركان. هي الإشارة الثانية إلى وجود «اتفاق» بين حواط ونائب رئيس مجلس إدارة «زين» ورئيسها التنفيذي بدر الخرافي. ولا يُمكن اعتبار إصرار حواط على التجديد للشركتين مُنفصلاً عن علاقته بأحد طرَفي العقد.
بعد الاجتماع، تحدّث الحاج حسن إلى قناة «المنار»، مؤكداً أنّه لا يوجد أي فريق سياسي «مع التمديد للشركتين». وقال إنّ رأي اللجنة أنّه لا خيار أمام الدولة، ممثلة بوزارة الاتصالات، غير تسلم القطاع وإدارته «بانتظار إعداد دفتر شروط لإطلاق مناقصة»، طارحاً قضية «موظفي «ألفا» الذين لا يقبضون رواتبهم، ووجود موردين مثل باعة المازوت لمحطات شركة «ألفا» لا يقبضون مستحقاتهم، وأموال الدولة التي لا تُحوّل إلى الخزينة. وأكّدنا ضرورة المعالجة في أسرع وقت ممكن». في المقابل، أشار الحاج حسن إلى أنّه «لم أسمع من الوزير أنّه يريد التمديد، هو شرح المعوقات، وتناقشنا بالعمق في كلّ القضايا».
اللقاء لم يكن إيجابياً بين وزير الاتصالات والنائب حسين الحاج حسن
بعيداً عن الكلام العلني، تُفيد معلومات «الأخبار» بأنّ اللقاء «لم يكن إيجابياً»، فوزير الاتصالات «لم يكن واضحاً في طرح الملفّ»، وهو ما أجّج الشكوك في وجود «ضغوط خارجية» تُمارس عليه للسير بالتمديد. حججه هي نفسها: عدم القدرة على استعادة الإدارة في ظلّ أزمة «كورونا»، ووجود رواتب وتحويلات يجب أن تتمّ. فأداة الضغط الجديدة حالياً هي باستغلال حاجات الموظفين والموردين إلى السيولة، علماً بأنّه بحسب خبراء اتصالات «تستطيع الشركتين، أو وزارة الاتصالات، أن تُراسل مصرفَي عودة (تتعامل معه «ميك 2») وفرنسا بنك (تتعامل معه «ميك 1»)، وتطلب في ظلّ الظروف الاستثنائية صرف المبالغ اللازمة. معروفٌ أين ستذهب هذه الأموال، كما أنّ هذا الإجراء عُمل به سابقاً حين كان ينتهي عقد الإدارة ويتأخّر التمديد».