كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:
بين “المفرد والمجوز” ضاع المواطنون وعلقوا في فخ “المحاضر” التي بلغت قيمة كل واحد منها ٥٠ الف ليرة لبنانية. فالمواطن الذي لم يعتد النظام يوماً، لم يرق له قرار التصنيف، فخرج غير مبال، غير أن الحواجز المشددة التي أقامتها القوى الأمنية عند مداخل النبطية، فاجأت الأهالي، وصدمتهم السرعة في تسطير المحاضر التي تلقفوها بصرخة وجع قاسية “ما معنا ناكل وبدك تشحدونا اكثر”.
خروقات بالجملة سجلها اليوم الاول لقرار “المفرد والمجوز”. ظنّ أحمد أنها “قرارات على الورق، لا تعدو كونها حواجز للصورة”، غير انه أكد “أن التطبيق صارم، والمحاضر بالجملة”، على عكس فاطمة التي أثنت على الخطوة “كونها تخفف من حركة السير والإزدحام الذي عاشته النبطية لأيام”، أكثر ما أزعجها هي قيمة المحضر في هذه الأيام الصعبة.
يؤكد كثر أنهم مع القانون، و”لكن ليس على “ناس وناس”، وأن يطبق بحذافيره، وليس ساعة وانتهينا”.
بين دوار كفررمان وتمثال حسن كامل الصباح ودار المعلمين توزعت الحواجز التي شهدت زحمة خانقة. يدرك الجميع أنّ “المواطن لا يملك هذا المبلغ، ما قد يدفع به الى تصرف جنوني، ربما يقدم على حرق نفسه أو سيارته”، ويؤكد البعض أنّ “التدابير وجدت للحد من ازدحام السيارات، غير أنها تسببت بازدحام خانق على طول الطرقات، وهذا هو الخطر بعينه”.
يبدو أن الأزمة بكل فروعها تشتد والفقر يتزايد، وطال انتظار المساعدات، ما دفع بأفراح حمزة لتقوم بمبادرة “من الناس للناس”، على قاعدة “لا يساعد الفقير غير الفقير”، اذ لم تشأ أن تبقى بعيدة عن معاناة أهلها، فبادرت بما أمكنها لمساعدتهم ولو “بحصة” من بقدونس وخس وفول وغيرها من الخضار الطازجة المقطوفة من السهل.
بثقة الفلاحة الجنوبية تقول “لا يساعد الفقير غير الفقير”، هي نفسها التي قدمت جزءاً من نتاج حقلها للفقراء. تعد الحصص الزراعية من خضار متنوعة، وتنقلها لمنازل المحتاجين، تضعها عند باب المنزل وتمضي في رحلة مكافحتها لهذه الظروف. لم تشأ أفراح أن تبقى مكتوفة الأيدي في خضم الازمة التي تعصف بالفقراء، أطلقت مبادرتها البسيطة، ذات البعد الإنساني لانه وفق قولها “الناس للناس، وإن لم نقف بجانب بعضنا في هذه الظروف فمتى نقف”.
منذ بداية الأزمة وهي تساعد المتعففين، تمدهم بخضار طازجة. كان تجار السوق السوداء يرفعون ثمنها، حتى عجز كثر عن شرائها، لم تقف مبادرتها عند حد، تخرج صباح كل يوم الى حقلها، تقطف ما تيسّر لها، توضبه ضمن حصص، تضم الكزبرة ، النعنع، البصل، الفول، البقودنس، الخس، وغيرهما، وتمضي بها الى الناس لانه برأيها “نواجه حرباً خطيرة، فالمواطن بات يفتقد كل شيء”. وترى عملها “طبيعياً، لأن من لا يقدر على المساعدة بالمال، يساعد بالخضر وربما بإعداد وجبات طعام وتقديمها للفقراء”. وترى “أننا أحوج ما نكون للوحدة والتلاحم لمواجهة هذا الوباء الإقتصادي”.
بين حقلها وبسطتها تتوزع ساعات افراح اليومية، لتقوم بما يفرح قلوب كثيرين، وأكثر ما تحرص عليه هو أن تبقى مساعداتها مستمرة ولو بالحد الأدنى، وتشير الى أن عطاءها لا يتوقف عند حصص الخضار، بل تدعو “كل فقير لا يملك ثمن طعامه، أن يقصدها في بسطتها ويأخذ ما يشاء”. تثبت مبادرة أفراح أن “الدنيا بعدها بألف خير”، وأن “المبادرات الفردية التي تخرج من رحم الفقراء تصل الى الفقراء دون غيرهم”.