الحدث الذي تصدّر المشهد الداخلي في الساعات الماضية، كان الاجتماع الذي دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لممثلي دول مجموعة الدعم الدولية للبنان، والذي قدّم فيه عرضاً لواقع الحال اللبناني، في ظل أزمته الاقتصادية والمالية، وكذلك تأثيرات الازمة المتجددة جراء تفشّي وباء «كورونا»، وتقاطع معه رئيس الحكومة حسان دياب، الذي شخّص الازمة واسبابها، واعداً بإكمال العمل الإنقاذي وولادة قريبة للخطة الحكومة، ومعلناً انّ من أصل مجمل الإصلاحات التي تعهّدت بإجرائها حكومته خلال المئة يوم الأولى مشاريع قوانين أصبحت جاهزة للتصويت عليها في مجلس النواب.
على أهمية هذا الإجتماع، وخلفيّة المبادرة الرئاسية الى عقده، والتي ترتكز على عرض صورة الواقع اللبناني وأسباب تفاقم الأزمة فيه، وبالتالي حَضّ دول مجموعة الدعم على فتح أبواب مساعداتها تجاه لبنان، إلّا أنّه في جوهره، قد لا يحقق المرجو منه، كما يؤكد خبراء إقتصاديون، حيث سجلوا عبر «الجمهورية» الملاحظات التالية:
أولاً، من ناحية توقيته، فقد جاء هذا الإجتماع في الوقت الحرِج دولياً، وفي لحظة بدأ فيها العالم كلّه يشهد تراجعاً مريعاً، جرّاء تفشّي وباء «كورونا»، الذي أرخى سلبيّات كبرى على اقتصاد كل الدول، وخصوصاً تلك التي يراهن لبنان على تَلقّيه مساعداتها، فهذه السلبيات عدّلت في سلّم أولوياتها وبرامجها، وباتت منصرفة الى شؤونها الداخلية، ومع هذا التعديل يُخشى أن يصبح لبنان خارج دائرة الإهتمام الدولي.
ثانياً، من ناحية المضمون، لم يقدّم لبنان جديداً، بل لم يكن الإجتماع سوى مناسبة تذكيرية بعمق الأزمة، تتوخّى التعجيل بمدّ لبنان بما يحتاجه من مساعدات.
ثالثاً، لم يدخل لبنان الى هذا الإجتماع بكامل عدّته الإقناعية، إذ غاب المشروع الإقتصادي الإنقاذي الذي وعدت الحكومة بإنجازه ولم تفعل ذلك حتى الآن. وهو أمر سعى رئيس الحكومة الى استدراكه في بداية الإجتماع بوعد قَطعه بأنّ هذا البرنامج سيعلن قريباً، وهو حالياً في طور وضع اللمسات الأخيرة عليه.
رابعاً، شكّل هذا الإجتماع مناسبة جديدة لدول المجموعة لتسجّل على لبنان التباطؤ والتأخر غير المبرر في انتهاج المنحى الإصلاحي الجدّي، وفي الإيفاء بما التزم به من خطوات إصلاحية، خلال الإجتماع الشهير لمجموعة الدعم في باريس قبل نحو سنتين، وخصوصاً تلك التي لم تترك دول مجموعة الدعم مناسبة إلّا وتوجّهت فيها بالدعوة الى لبنان للشروع في الإصلاحات المطلوبة، بدءاً بـ3 خطوات ملحّة: تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، والهيئة الناظمة لقطاع الإتصالات، والهيئة الناظمة للطيران المدني، الى جانب غيرها من الخطوات الإصلاحية والتعيينات، علماً انّ هذه التعيينات طيّرتها الخلافات السياسية قبل أيام، والى أجل غير مسمّى.
خبراء عن إجتماع مجموعة الدعم: غاب المشروع الإقتصادي الإنقاذي!