IMLebanon

أين الحكومة من الكهرباء والتوظيف العشوائي والتعيينات؟

بعد أن قضت “فَكرة” مواقف مجموعة الدعم الدولية للبنان على “سَكرة” أهل الحكم بإمكان جرّها – من خلال جمعها في بعبدا وتذكيرها بمسؤولية “يجب” ان تتحملها في ملفي النزوح وكورونا – الى تحريك مساعدات مالية عاجلة “مجانية” للدولة اللبنانية، وجدت الاخيرة نفسها مجبرة على إنجاز الخطة الاصلاحية الانقاذية الموعودة، العالقة منذ أشهر في شباك الاجتماعات الضيقة والموسعة واللجان الاصيلة والفرعية في أقرب فرصة، خاصة وأن الحكومة في حاجة ملحة الى دعم مالي.

محاولة إحراج المانحين، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، ارتدت إذًا على أصحابها، فحشرتهم في بيت اليك، واضعة اياهم امام حقيقة واضحة قديمة – جديدة: لن تجير الدول المانحة اي قرش من اموال “سيدر” (اذا كان لا يزال حيا) او سواه، الى بيروت، قبل إبصار الخطة الاصلاحية الاقتصادية النور، وهذا الموقف ينسحب بطبيعة الحال على صندوق النقد الدولي (الذي يبدو بدأ الجميع في البيت الوزاري يقتنع بأن لا مفرّ منه) وعلى البنك الدولي، وعلى الجهات الدائنة، فكلّهم سيحددون كيفية تعاطيهم مع الدولة اللبنانية على اساس خريطة الطريق المنتظرة.

تحت وطأة هذا “الحزم”، الذي طبع نبرة سفراء مجموعة الدعم في بعبدا، تحرّكت الحكومة وفعّلت اجتماعاتها لانضاج الخطة، وقد وُضعت منذ الامس على نار حامية، والهدف ان تكون جاهزة في الاسابيع القليلة المقبلة. عين الداخل والخارج على الخريطة التي ستولد. وإذا كان ما رشح عنها حتى الساعة جيّد، وفق تقديرات اهل الاختصاص، فإن من الضروري ان تبقى الاجراءات التي حكي عنها، بعيدة عن “ظهر” الفقراء (وقد بات اكثر من نصف الشعب اللبناني منهم) وان تساهم ايضا في نقل الاقتصاد من ضفة الريعي الى ضفة المنتج…  الجدير ذكره ان هذه الخطوات لن يبدأ لبنان بجني ثمارها، مبدئيا، قبل سنوات. لكن، في الانتظار، ثمة ابواب كثيرة يمكن ان تلجها الدولة، من شأنها ان تترك انطباعا ايجابيا قويا لدى اللبنانيين والمانحين، يبدو انها نستها او تناستها.

فأين الدولة من نزف الكهرباء، أساس العجز في الخزينة؟ أين هي من تعيين هيئات ناظمة لقطاعي الاتصالات والكهرباء؟ أين هي من ضبط الحدود فعليا، ووقف التهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية؟ أين هي من التوظيف العشوائي الانتخابي الذي حصل منذ عامين قبيل استحقاق ايار 2018 النيابي، وأدخل قرابة 5000 شخص (صوت!)، الى ملاك الدولة، خلافا للقانون الذي منع التوظيف في القطاع العام؟ وماذا ايضا عن ذهنية المحاصصة التي لا تزال تحول دون انجاز التعيينات المالية؟ وماذا عن التشكيلات القضائية العالقة في شرك التجاذب السياسي؟

اتخاذُ الحكومة قرارات “نوعية” جريئة في الملفات المذكورة اعلاه، بحدّ ذاته، كفيل بإعطاء اشارة أكثر من مشجعة، الى اللبنانيين والعالم، تقول لهم فيها انها جدية في سلوك طريق الاصلاح والانقاذ، وأنها قلبت الطاولة على كل المفاهيم التي سادت الحكم في العقود الماضية. ومن هنا، سيبدأ درب اعادة بناء الثقة بالدولة. اما اذا بقيت هذه الملفات موضوعة على الرف، فلن يكون لا دعم ولا مال ولا ثقة…