كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
كادت أزمة “كورونا” في بشري أن تتحوّل إلى مادّة تجاذب سياسي لولا تدخّل “القوات اللبنانية” والبلديات وفاعليات المنطقة على خطّ المعالجة وزيارة وزير الصحة حمد حسن وتنويهه بالتدابير المتخذة في القضاء وتأكيده أن الوضع منضبط.
ما كان يتوقعه الطاقم الطبي في بشري حصل، إذ إنه بعد تسجيل الإصابة الأولى في مستشفى بشرّي الحكومي للطبيب يوسف طوق والتي ما زالت مجهولة المصدر، توقّع الطاقم الطبي أن تكون هناك إصابات أخرى في المدينة والقضاء.
إرتفع عدّاد “كورونا” في بشري ووصل إلى 47 إصابة بعد اكتشاف عدد من الحالات المصابة على التوالي، وفي حين تحاول أطراف عدّة إستغلال هذه الحادثة في السياسة إلا أن الرواية الطبية أو حالة تطور الفيروس في القضاء حسبما يروي المتابعون له هو وفق المشهد الآتي:
بعد تسجيل أول إصابة في مستشفى بشري الحكومي للطبيب طوق، قامت إدارة المستشفى بحجر كل الطاقم الطبي، وبُوشر فوراً القيام بعملية فحص لكل من احتك معهم، فيجرى الفحص في مدينة بشري ويرسل إلى المختبرات في الشمال وبيروت وذلك لتسريع العملية، وبعد مرور أيام عدّة بدأت الإصابات تظهر تباعاً، مما استدعى المزيد من الحزم من هيئة الطوارئ في القضاء.
وما يبعث الطمأنينة في نفوس أهالي بشري أن 90 في المئة من الإصابات محصورة في مبنيين اثنين، أي ان نحو 30 مصاباً تقريباً موجودون في هذين المكانين، ويطبق عليهم الحجر. ومن جهة ثانية، فانه يتمّ احتواء “كورونا” في بلدتي حصرون وبرحليون وهناك عدد من الحالات تتماثل إلى الشفاء.
وعلى الرغم من كل هذه المؤشرات، إلا أن نسبة الإلتزام بالتعبئة في قضاء بشري شهدت خروقات خصوصاً عندما كان عدّاد “كورونا” في القضاء صفراً ما يتطلب تشدّداً أكبر، وعلى الرغم من الإجراءات المشددة على مداخل القضاء، إلا أنّ هذا الأمر لم يمنع الإحتكاك الداخلي، فأتت الضربة من داخل بشري حيث لا يزال مصدر انتقال العدوى مجهولاً.
وأمام هذا الواقع الجديد، زاد منسوب التشدّد في القضاء لكي لا يشهد مزيداً من الإنتشار، ووصلت الأمور إلى حدّ العزل ومنع القاطنين خارج البلدات من زيارة بلداتهم في فترة الأعياد وذلك تخفيفاً للإختلاط وحفاظاً على سلامتهم وسلامة أبناء البلدات.
وتؤكّد فاعليات بشري والبلديات أن ما يميّز العمل في القضاء هو الشفافية والإعلان عن الحالات فور وقوعها وعدم تخبئة الموضوع وذلك حفاظاً على صحة الأهالي، وهذا الظهور لهذا العدد من الإصابات مردّه إلى النسبة العالية من الفحوص التي أجريت، في حين أن هناك مناطق عدة لم تجر فحوصاً.
لا “فيتو”
ويشدّد نائب بشري جوزف إسحاق لـ”نداء الوطن” على أن “فاعليات المنطقة تتعامل مع هذا الواقع بشفافية تامة، وأنا شخصياً زرت وزير الصحة حمد حسن مع وفد بشراني من أجل تنسيق التعاون، في حين أن النائبة ستريدا جعجع على تواصل دائم وليس صحيحاً أننا نرفض التعاون مع وزارة الصحة”.
ويلفت إسحاق إلى أن “سبب إعلان مستشفى القديس جاورجيوس عن نتائج الفحوص وليس مستشفى الحريري هو لأن هناك فاعلي خير من أبناء المنطقة تكفّلوا بقيمة الفحوص في مستشفى القديس جاورجيوس وذلك من أجل تسريع العملية بسبب الضغط الموجود على مستشفى الحريري، وبالتالي أتت النتائج أسرع واستطعنا التحرك بسرعة لمنع تفشي هذا المرض”.
ويدعو “القوى الامنية إلى تكثيف وجودها في القضاء لتطبيق التعبئة العامة وعدم إهمالها”.
وتعليقاً على عزل المدينة والقضاء، لفت إسحاق إلى “أننا منفتحون على أي طرح يحمي أبناءنا ولا نرفض أي أمر بالمطلق، ومعيارنا هو حماية أهلنا”.
البلدية تتحرّك
وشددت بلدية بشري إجراءاتها محاولة تطبيق الحجر المنزلي، وهي تراقب الوضع عن كثب، على رغم وجود البعض الذي لا يزال يستخفّ في هذا الوباء. ويشير رئيس بلدية بشري فريدي كيروز لـ”نداء الوطن” إلى أن “كل ما يُقال عن أن الكورونا تفشت في بشري ليس صحيحاً لأن الوباء محصور في مبنيين اثنين في البلدة وليس منتشراً في كل أرجاء المدينة والبلدات المجاورة، لكن هذا لا يعني الإستهتار”.ويشدّد على “إعطاء كل الأولوية لسلامة الناس”، مثنياً على “حرفية الطاقم الطبي الذي يجري فحوصات كثيفة لأبناء المنطقة في نسبة تفوق النسب التي تجرى في كل لبنان، وهذا عامل يحمي الأهل”.
وفي حين أعطى محافظ لبنان الشمالي القاضي رمزي نهرا توجيهاته إلى أعضاء غرفة عمليات المحافظة، بخاصة مصلحة الصحة، والصليب الأحمر والأجهزة الأمنية، بوضع كل إمكاناتها للمساندة في تطبيق خطة خلية إدارة الأزمة في منطقة بشري، وتلبية متطلبات البلدية والأهالي بأقصى سرعة مع المتابعة والتنسيق المستمر، أوضحت إدارة مستشفى بشري الحكومي أن الحالات الإيجابية ما زالت محصورة في نطاق معين وتتابع خلية الأزمة في المستشفى الموضوع بشكل دقيق جداً، وتمنت على جميع من يتلقى إتصالاً من أحد أعضاء الخلية التعاون والتوجه لاجراء فحص PCR في مستشفى مار ماما بعد تحديد الوقت المناسب.
إنفتاح على الطروحات
كل اللغط الذي حصل في الساعات الماضية توضحه النائبة ستريدا طوق جعجع حيث تروي: “إتصل بي مساء الإثنين وزير الصحة حمد حسن، حيث عبر لي عن قلقه من تطور انتشار فيروس كورونا في مدينة بشري. وطرح علي ضرورة حجر المدينة ككل وعزلها عن باقي قرى القضاء بمساعدة البلدية والأجهزة الأمنية الموجودة في المدينة، ولكن من دون التصريح عن ذلك وقوفاً عند مشاعر اهل المدينة. فوافقته الرأي، وأعطاني رقم هاتفه الخاص وقال لي إنه على السمع 24/24 ساعة وإنه مستعد لتلبية كل مطالب مستشفى بشري من فحوص PCR وطواقم طبية عند الحاجة وغيرها. بعدها قمت بالاتصالات اللازمة مع رئيس بلدية بشري ومع رئيس مجلس إدارة مستشفى بشري الحكومي، والقائمقام والقوى الأمنية الموجودة في بشري، حيث اتفقنا جميعاً على الخطوات الواجب اتخاذها، تبعاً لطلب وزير الصحة، وبدأ التنفيذ فوراً، اي منذ ليل الإثنين 6 نيسان الحالي”.
أضافت: “صباح الثلثاء قام السيد رومانوس الشعار من مكتبي بالاتصال برئيس مكتب وزير الصحة حسن عمار حيث أطلعه على كل الخطوات التي قامت بها بلدية بشري كما مستشفى بشري الحكومي، وطلب منه إطلاع الوزير حسن على كل هذه الخطوات وسؤاله إذا كان ينبغي فعل غير ذلك. كما أبلغه أن رئيس بلدية بشري ورئيس مجلس إدارة مستشفى بشري سيتصلان به أيضاً لإبقاء التواصل قائماً لحظة بلحظة، واستكمال الخطوات التي نفذت عند الضرورة. وهكذا كان”.
وأوضحت أن “وزير الصحة مشكوراً قام بواجباته تجاه بشري على أفضل ما يكون وبادلناه نحن بتعاون الى أقصى الحدود”.
وزير الصحة
ومنعاً لاستغلال الموضوع في السياسة، أكّد الوزير حسن خلال جولته على مستشفى بشري الحكومي أن “خلية الأزمة هي مجموعة علمية ودقيقة وموثوقة”، معتبراً أن “إيجاد حالات إيجابية لا يخيف بل يدلنا على مصدر هذه الإصابات ويمكننا من تتبعها”.
وأوضح أن “هناك حالات مسجلة في بعض البقع الجغرافية، وتتم محاصرة هذه البقع، وأخذنا عينات عشوائية، وسنأخذ عينات من شرطة البلدية، وهناك توصيات لأخذ عينات من أشخاص بمراكز تجارية”، وقال: “الوضع منضبط حتى الآن، ونشكر الجمعيات والجهات التي عملت على تأمين الفحوصات” مبدياً استعداد الوزارة للمساعدة.