Site icon IMLebanon

فرنسا لحكومة دياب: ماذا تنتظرون للإتصال بصندوق النقد؟

كتبت رندة تقي الدين في صحيفة نداء الوطن:

 

 

في إطار مواكبتها لمستجدات الأوضاع في لبنان، تشدد مصادر فرنسية متابعة للملف اللبناني لـ”نداء الوطن” على وجوب أن تتبنى الحكومة اللبنانية من دون تأخير الإجراءات الإصلاحية التي أعلن عنها رئيس الحكومة حسان دياب خلال اجتماعه ورئيس الجمهورية ميشال عون مع ممثلي المجتمع الدولي في قصر بعبدا. فالمسوؤلون في باريس وكل المجتمع الدولي يرغبون بأن تنفذ الحكومة اللبنانية الإصلاحات المطلوبة منها لكنها لا تزال حتى الوقت الراهن لا تنفذها، وبرأي المصادر الفرنسية أنّه ينبغي على الأقل على الحكومة أن تتخذ إجراءات معينة على صعيد المعالجات المالية والإصلاح العام واعتماد الشفافية في هذا المجال، وهذا ما سبق أن قاله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى نظيره اللبناني ناصيف حتي يوم الجمعة الفائت، وما أكده السفير الفرنسي برونو فوشيه في لبنان خلال اجتماع بعبدا عندما قال للمسؤولين اللبنانيين إنّ شروط مؤتمر سيدر ما زالت قائمة لكن وعلى مدى سنتين كان يُطلب من لبنان أن يضع الأولويات للاستثمارات التي قدمها في المؤتمر لكنه لم يقم بذلك، ولمدة سنتين أيضاً طالبت باريس المسؤولين اللبنانيين بوضع آليات متابعة لهذا الأمر ولم يتم ذلك، وأوضح فوشيه ان آلية “سيدر” أساسية للاقتصاد اللبناني لأن الاستثمارات الأجنبية وحدها تعيد السيولة الى الاقتصاد اللبناني.

 

وترى المصادر في باريس أنّ حكومة دياب قد تكون تكنوقراطية وهي ربما تتقدم في العمل ولكن عندما تريد تبنّي الإجراءات التقنية التي تريد اتخاذها تواجه المواقف السياسية المختلفة، وتتخوّف المصادر من أن يتأخر البرلمان اللبناني في التصويت على الإجراءات الحكومية بسبب مواقف سياسية معارضة لبعض هذه الإجراءات، مشيرةً إلى أنه خلال اجتماع بعبدا مع سفراء مجموعة الدعم الدولية قدّم رئيس الحكومة خطة الإنقاذ التي يجري العمل عليها ولم تأتِ بأي جديد يُذكر لكل متابعي الملف اللبناني ومن بينهم السفير الفرنسي. فالخطة التي قدمها دياب ترتكز على إعادة هيكلة الدين والمصارف والبنك المركزي وإصلاح المالية العامة والقطاع الاجتماعي، لكن من دون أن يحصل ممثلو المجتمع الدولي على تفاصيل كثيرة سوى أنّ احتياجات لبنان تبدو كبيرة جداً ما جعل فوشيه يقول للمسؤولين اللبنانيين إنّ مديرة صندوق النقد الدولي أعلنت أنّ 90 دولة طلبت مساعدة مالية ملحة من الصندوق، لافتاً إلى إمكانية تقديم صندوق النقد تمويلاً طارئاً لأي دولة إذا كانت هذه الدولة الطالبة للمساعدة لديها دين تستطيع تحمّله لكن لبنان في وضع سيئ نظراً لكونه لم يعلن عن إجراءات إصلاحية وعملية لإعادة هيكلة دينه، وأشارت المصادر إلى أنّ التمويل الطارئ من صندوق النقد هو أداة سريعة للمساعدات التمويلية (Rapid financing instrument) لكنها محدودة بمبلغ 500 مليون دولار.

 

وتعليقاً على قول دياب خلال العرض الذي قدمه أمام سفراء المجموعة الدولية إنّ الخطة التي تعدها حكومته أصبحت شبه منتهية على أن يتم إنجازها الأسبوع المقبل وأنّ 57 في المئة من الإجراءات التي كان يريد تبنيها خلال المئة يوم الأولى للحكومة أصبحت جاهزة، سألت المصادر الفرنسية عما إذا كان البرلمان اللبناني أصبح جاهزاً للتصويت على تبنّيها، مشددةً على أنّ باريس تنتظر أن يصار إلى تنفيذ الإجراءات المطلوبة بسرعة، وتساءلت: “ماذا تنتظر الحكومة اللبنانية لكي تتصل بصندوق النقد الدولي وتبدأ التفاوض معه، وماذا تنتظر لبدء العمل على الشروط اللازمة لإعادة هيكلة الدين الذي لم تسدده والذي تستمر عادةً المفاوضات بشأنها لمدة 6 أشهر؟

 

وعن التفاوض مع صندوق النقد الدولي، توضح المصادر أنّ ذلك يتطلب خريطة طريق من الحكومة تعرض فيها خطتها للإصلاحات التي سيقيّمها الصندوق فيوافق عليها أو يرفضها لأنّ التفاوض مع الصندوق يهدف في نهاية المطاف إلى أن يضخّ السيولة في البلد وأقصى ما يمكن أن يحصل عليه لبنان هو حوالى 9 مليارات دولار لكنّ الصندوق لن يقدّم هذا المبلغ إذا لم تكن أمامه خطة لبنانية يوافق عليها، كاشفةً أنّ باريس أكدت عبر رسالة سفيرها في بيروت قناعة المسؤولين الفرنسيين بأنّ لبنان لا يمكنه تجنّب التفاوض مع صندوق النقد وهذا يتطلب العمل فوراً في حين أنّ الحكومة تختبئ وراء حجة أن ممثلي الصندوق زاروا لبنان وتحدثوا معهم بينما في حقيقة الأمر كانت هذه الزيارة استطلاعية وفي إطار مهمة روتينية وليست مخصصة للتفاوض على برنامج مع الحكومة اللبنانية وهذا ما لم يحدث حتى الآن لأنّ خطة الحكومة لم تنته بعد.

 

وترى باريس أنّ هناك إصلاحات بإمكان الحكومة اللبنانية تبنيها الآن من الضرائب إلى رواتب القطاع العام والوظائف غير الشرعية والكهرباء والشفافية والقضاء، والمسؤولون في فرنسا على أعلى المستويات يؤكدون عبر سفيرهم في بيروت أنه على الحكومة أن تعمد فوراً إلى الشروع في بدء الإصلاحات لكنها منذ تشكيلها في 11شباط لم تتبنّ إجراءً واحداً بعد، وترى المصادر أنّ المماطلة سببها مواقف سياسية مختلفة إزاء مقاربة العجز الضخم فالكل يستسهل إلقاء المسؤولية على المصارف علماً أنها ليست مسؤولة عن التوظيفات غير الشرعية ولا هي أنشأت العجز في الموازنة العامة عبر إجراءات خاطئة، وفي نظر باريس أن التأخير في المعالجات سببه رهانات سياسية معينة ومن بينها على سبيل المثال رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري لمبدأ الكابيتال كونترول”.