كتبت ايفا أبي حيدر في صحيفة “الجمهورية”:
بعدما كشفت الحكومة الخطوط العريضة لبرنامجها الاصلاحي، بدأت الخطة تلقى أصداء إيجابية رغم بعض التحفظات، الّا انّ العبرة تبقى في التنفيذ خصوصاً انّ عدداً من الاصلاحات سبق وأُدرج في أكثر من خطة سابقة، وكان آخرها “سيدر” إلّا انّ شيئاً لم يتحقق.
رأى الوزير السابق عادل أفيوني انّ هناك عدة نواح ايجابية في خطة الانقاذ، اولاً الشمولية، وثانياً تشخيص وجوه الأزمة وتحديد الخسائر بالأرقام وخاصة في القطاع المصرفي، وثالثاً الإقرار بالحلول الصعبة بشفافية ومنها التخلّي عن سعر الصرف الرسمي الحالي ومعالجة حجم وكلفة القطاع العام وإعادة هيكلة الدين العام، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي والأثر على الودائع، وضرورة تأمين شبكة حماية اجتماعية للطبقات الأفقر.
لكنّ الأهم برأي أفيوني، كما قال لـ”الجمهورية”، هو انّ الخطة أقرّت بالحاجة السريعة لدعم مالي خارجي، واعتبر انّ هذا التطور اساسي، لافتاً الى انّ الحاجة تتعدى الـ15 مليار دولار المذكورة في الخطة، مع العلم انّ المساعدة الخارجية الوحيدة المُمكنة هي عبر صندوق النقد، ولذلك آمل في أن تُقرن الحكومة القول بالفعل وتتخذ الاجراءات الضرورية لبدء التفاوض على برنامج دعم من صندوق النقد والدول الصديقة في أسرع وقت، لأنّ عامل الوقت ليس في مصلحتنا والحصول على دعم صندوق النقد ضروري كونه يؤمّن “حاجاتنا الضرورية من العملات، ويسهّل مهمة الحكومة في التفاوض مع الدائنين”.
وردا على سؤال، أشار افيوني الى انّ هناك الكثير من الاصلاحات المقترحة في خطة الحكومة، بما فيها خطّة وإصلاحات سيدر، وهي أفكار وردت في الورقة الاقتصادية والخطط الاصلاحية التي وضعتها الحكومة السابقة. لذلك السؤال الاهم اليوم هو: هل هناك نية من الطبقة السياسية في تنفيذ الاصلاحات هذه المرة بفعالية وسرعة وشفافية؟ وهل انّ المجتمع الدولي مستعد لتقديم الدعم المالي المطلوب؟
وأبدى افيوني بعض الملاحظات على خطة الحكومة، لا سيما ما يتعلق منها بموضوع المصارف، فرأى انّ الخطة لا تزال غير واضحة، لافتاً الى انّ تأسيس صندوق للمودعين الكبار يستفيد من استرجاع الأموال المنهوبة ومن بيع أصول الدولة هو فكرة غير مُنصفة، لأنّ استرجاع الأموال المنهوبة، إذا تم، وبيع أصول الدولة هما حق لكل المواطنين ولا يجوز تخصيصهما لفئة واحدة، هي فئة كبار المودعين، على حساب الحاجات الأخرى للمواطن والدولة، كما انّ الحل في ما خَصّ الودائع الكبرى يجب ان يكون عادلاً للجميع.
ورأى أفيوني أنّ رفع الضرائب على الأفراد والشركات هو توجه خاطئ لا سيما في ظل ازمة اقتصادية ومعيشية خانقة، وشدّد على انّ المطلوب اليوم تحفيز الاقتصاد والقطاعات الانتاجية والقيام بمجموعة إصلاحات وإعطاء سلسلة من الحوافز.
وأكد انّ الاصلاح المالي أساسي، لكن من الضروري ان تتجنّب الحكومة فرض مزيد من الضرائب في هذا الظرف الاقتصادي الصعب، وان تركّز بدلاً من ذلك على الاصلاحات البنيوية والقطاعية وما أكثرها، وعلى محاربة الهدر والفساد والتهرّب الضريبي والجمركي.
جدير بالذكر انّ الخطة الاصلاحية تشير الى رسوم إضافية تشمل ايرادات كبار الموظفين والرسوم على الفوائد للودائع الكبيرة، والضريبة على القيمة المضافة على السلع الفاخرة، وعلى البنزين من خلال تثبيت سعره على 25 الف ليرة للصفيحة، وعلى المازوت بإضافة 1000 ليرة على الصفيحة…