تنطلق غدا عملية توزيع المساعدات على الأُسَر الاكثر فقرا، والتي أقرّتها الحكومة منذ ايام، على ان يتولى الجيش تنفيذها عبر لوائح إسمية تسلّمها من وزارات الشؤون الإجتماعية والصحة والعمل، وتشمل في المرحلة الأولى 185 ألف عائلة مسجلة. وبالفعل، اعلنت قيادة الجيش اليوم ان “إنفاذاً لقرار مجلس الوزراء القاضي بتقديم مساعدات اجتماعية للمواطنين الذين تعطلت أعمالهم وفقدوا وسيلة رزقهم تباشر وحدات الجيش المنتشرة في المناطق اللبنانية كافة عمليات التوزيع اعتباراً من صباح الثلثاء”.
علامات استفهام كثيرة تحوط بهذه الخطة التي تلحظ توزيع 400 الف ليرة لكل عائلة، بعد ان استقر الرأي على اعطاء مساعدات مالية لا عينية (لتعذّر الاتفاق حول الاخيرة في مجلس الوزراء): موقف وزيرة الدفاع زينة عكر التي طالبت بالتدقيق باللوائح من جديد – وهو أمر لم تحبّذه قيادة المؤسسة العسكرية لأنه يؤخّر توزيع المساعدات – يشكّل بحد ذاته، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، “إدانة” للعمل الوزاري في هذا الشأن.
والحال ان الخطة تشوبها “عورات” كثيرة، تدل على انها صيغت على عجل، “عورات” ليست من النوع العادي، بل من الصنف الذي دفع حتى عرّابي مجلس الوزراء “السياسيين”، الى انتقادها. فقد رأى عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم اليوم أن “لوائح المساعدات التي اعتمدت مقارنة مع الواقع على الارض تساوي صفرا، ولم يتم التدقيق بها على هزالتها، فبعض الاسماء في عداد الأموات، عدا الأخطاء الكثيرة، وهناك قرى وبلدات لم يلحظ أي فقير أو معوز فيها”. وقال “كل ذلك يستدعي التروي وإعادة النظر بهذه اللوائح في شكل سريع، قبل الدخول في متاهة، الناس في غنى عنها، وفي وقت ينتظرون بعضا من فتات دولتهم في زمن الجوع والعوز. نضع ذلك في عهدة رئيس الحكومة والوزراء المعنيين لاتخاذ القرار الصحيح والجريء وتأجيل الدفعة الاولى، في انتظار تصويب الامور واستلام اللوائح الجديدة من البلديات والمخاتير وعدم الاستمرار بالأخطاء الحاصلة”.
واذ تشير الى ان ثمة توجها في السراي لاعادة النظر في هذه اللوائح، تتحدث المصادر عن غياب المعايير الموحدة والواضحة للفئات التي ستصلهم المساعدات، بل يبدو ان التنفيعات والمحسوبيات والحسابات السياسية والمناطقية دخلت على الخط ايضا، متوقّعة ان ترتفع الاصوات المعترضة على هذا الواقع تدريجيا في الايام المقبلة. ووفق المصادر، تصويب بعض مكونات الحكومة من حزب الله الى التيار الوطني الحر، في الايام الماضية، على عمل الوزير السابق للشؤون بيار بوعاصي في ما خصّ العائلات المحتاجة (حيث انتقد وزير الصناعة المحسوب على الحزب، عماد حب الله، ما اعتبرها لوائح ملغومة)، لا يطمئن، بل يدل الى ان الهدف تصفية بعض الحسابات السياسية بدل التركيز على أولوية مساعدة الناس.
وقد رد بوعاصي قائلا “ليس للتبرير ابدا ولكن للتوضيح، انا افتخر بما قامت به وزارة الشؤون الاجتماعية اذ حين تسلمت الوزارة كان هناك 104 الاف بطاقة في مشروع “دعم الاسر الاكثر فقرا” لعائلات قسم كبير منها غير مستحق. ألغينا هذا العدد واجرينا مسحا ووضعنا بيانات لـ 140 الف اسرة بشكل علمي ودقيق بالشراكة مع البنك الدولي الذي لا يمنح اي مساعدات من دون بيانات دقيقة وتم التدقيق بهذه البيانات ايضا من قبل وزارة الشؤون ورئاسة مجلس الوزراء، ثم قمنا باستهداف 44 الف عائلة استفادت من مساعدات هذا البرنامج بناء على المبالغ المالية المخصصة للمشروع”.
امام هذا الواقع، قد يكون من الافضل ان تستعين الدولة بالمنظمات الدولية والاممية لمساعدتها على اعداد قوائم عادلة شاملة من جهة، وعلى مراقبة عملية توزيع المساعدات، من جهة ثانية. فالوضع المعيشي الخانق لا يحتمل اضاعة الوقت ولا الاستنسابية أوالعشوائية في ايصال امدادات الصمود بالحد الادنى، للمحتاجين، تختم المصادر.