كتب وليد حسين في صحيفة “المدن”:
أسوة بالأطباء الإيطاليين، يساهم أطباء لبنانيون بإيطاليا في خدمة بلدهم الثاني لإنقاذ المواطنين، بعدما فتك وباء كورونا بكثرة من الأيطاليين. فبعضهم يعيش هناك منذ عقود، وباتوا إيطاليين ويجهدون لإنقاذ البلد الذي احتضنهم، بعدما انتقلوا للعيش هناك هرباً من الحرب الأهلية “الملبننة”.
وفي إيطاليا أكثر من مئتي طبيب لبناني في اختصاصات متنوعة، فضلاً عن الصيادلة والممرضين اللبنانيين. وقد وضع معظمهم نفسه بتصرف المستشفيات الإيطالية لمواجهة الوباء. وأسوة بالأطباء الإيطاليين الذين خطف كورونا إنفاس أكثر من 100 طبيب منهم حتى الساعة، نال الفيروس من الطبيب اللبناني نبيل شرابية مؤخراً، ونجا طبيبان لبنانيان كان وضعهما الصحي خطراً للغاية.
إصابات خطرة بين اللبنانيين
عن وضع الأطباء اللبنانيين في إيطاليا، قال سكريتير جمعية الأطباء اللبنانيين هناك، محمد زراقط، في حديث إلى “المدن” إنهم تجندوا كباقي الأطباء لخدمة بلدهم الثاني. وزراقط المتخصص في الأمراض الجرثومية المعدية والطب العائلي، يعيش في إيطاليا منذ أكثر من أربعين عاماً، ووجد نفسه في المقدمة، ليس كخيار ذاتي فحسب، بل نظراً لتخصصه العلمي أيضاً.
لذا يعتبر زراقط أن وجود الأطباء اللبنانيين إلى جانب أقرانهم الإيطاليين أمر طبيعي. فهذا هو دورهم في الحقيقي، كاشفاً عن إصابة أطباء لبنانيين بهذا الفيروس، وهناك طبيبان كان وضعهما الصحي حرجاً وخرجا من غرفة العناية الفائقة بعدما تحسنت حالتهما.
أكثر من مئتي طبيب
ولفت زراقط إلى وجود أكثر من مئتي طبيب لبناني بإيطاليا، بعضهم في الصفوف الأمامية لمواجهة كورونا في المقاطعات الشمالية، حيث تفشي الوباء. ووضعهم أصعب بكثير من الأطباء في روما حيث يسكن هو. فالوضع في العاصمة لا يقارن بالمناطق الشمالية. إذ لم ينفجر تفشي الفيروس في روما كما حصل في الشمال.
ورغم توقعات الإدارة الطبية المحلية والمتخصصين بارتفاع عدد الإصابات جنوباً، بعد انتقال الموظفين والطلاب من الشمال إلى المناطق الجنوبية، لكن الإجراءات المشددة حالت دون تفشي الوباء. وقد استحدثت مقاطعة لاتسيو، حيث تقع مدينة روما، 4 مستشفيات لمكافحة الوباء، خصوصاً أن مستشفى سبالّانزاني المتخصص بالأمراض المعدية لم يكن قادراً وحده على إسعاف عدد المصابين. هذا فضلاً عن المستشفيات الأخرى التي خصصت أقساماً بكاملها لاستقبال مرضى كورونا، كما قال زراقط.
تبرعات للمتعسرين مالياً
وإذ أكد زراقط وجود أطباء كثر انضموا إلى لجان طبية مع أطباء إيطاليين لمواجهة الوباء، لفت إلى أن “جمعية الأطباء اللبنانيين” نظمت لائحة بجميع الأطباء ووضعتها بمتناول اللبنانيين في إيطاليا للتواصل معهم لأي نوع من الاستفسارات. كما أقدموا على جمع التبرعات للطلاب اللبنانيين الذين يعانون من ضائقة مالية، بعدما فقدوا عملهم الليلي، وذلك من خلال التواصل الكثيف مع القنصلية اللبنانية في ميلانو والسفارة في روما.
تتبع المرضى إلكترونياً
وعن الوضع العام لمدينة روما أعتبر زراقط أنه جيد، وليس هناك من مخاطر كبيرة . لكن في بعض المناطق بضواحي روما عدد المصابين مرتفع، ولا سيما في دور العجزة والأديرة. وهناك دير فتك به الوباء فأصاب 46 راهبة.
وعن الإجراءات المعتمدة في المدينة مع المرضى، لفت زراقط إلى أنه عندما يتثبت من إصابة المرضى في عيادته بكورونا يبلّغ وحدات الصحة المحلية، وفق البروتوكول المعتمد. وفي معظم الأوقات يطلب منهم الحجر المنزلي فحسب، وفي بعض الأحيان يصف لهم المضادات الحيوية والأدوية العادية لخفض الحرارة. ولا ينقل إلى المستشفيات إلا الحالات المتقدمة بالمرض.
إلى ذلك خصصت المقاطعة تطبيقاً على الهواتف الذكية ليتابع الطبيب المرضى بشكل دائم من ناحية، وكي يكون بدوره متابَعاً من الوحدات الطبية المحلية. فالتطبيق يتميز بخاصية تمكنه من تتبع تنقلات المرضى عبر نظام الجي بي أس. ويمكّن الوحدات الصحية من مراقبة تحركات المرضى ومع من يلتقون. وذلك من خلال تقنيات معينة شبيهة بتلك التي اعتمدت في كورويا الجنوبية. وهذا يجعل الوحدات الطبية على دراية بكيفية التحرك لمحاصرة الوباء، بحسب زراقط.