كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:
طرحت الأزمة الإقتصادية وفيروس “كورونا” تحديات جديدة على الكنيسة التي يُطلب منها الكثير في هذه الأيام.
لا شك أن الشعب اللبناني دخل مرحلة جديدة إجتماعياً بعدما عصفت الأزمة الإقتصادية وأتت “كورونا” لتكمل على ما تبقى، وباتت كل مؤسسة أو جمعية أو كيان في هذه الدولة مطالباً بالقيام بواجبه تجاه شعبه، لأن الدولة “المفلسة” غير قادرة على القيام بأدنى واجباتها.
وتقف الكنيسة عند استحقاق جديد وهو الوقوف إلى جانب شعبها بالفعل وليس إقتصار الأمر على رفع الصلوات، وهذا الأمر يعرفه جيداً راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، والذي يؤكد لـ”نداء الوطن” أن “الصلاة ضرورية وقد حاولنا التعويض للمؤمنين عبر وسائل التواصل الإجتماعي والتلفزيونات، لكن هذا جزء من عملنا أما الجزء الأساسي فهو تقديم المساعدات إلى العائلات المحتاجة وتأمين المتطلبات الأساسية لشعبنا”.
ويشير عون إلى أن “الكنيسة ومهما بلغت من قوة لا تستطيع أن تحل مكان الدولة، فالمطلوب من الدولة أن تكون على قدر آمال شعبها وخصوصاً في هذه المرحلة، لا أن تترك الشعب يواجه الأزمات لوحده خصوصاً ان الازمات باتت متلاحقة ولا قدرة لشعبنا على التصدي لها بمفرده”.
ويعتبر المطران عون أن “كل الكلام الذي يقال عن أن المسيحيين هم من استوردوا وباء “كورونا” من أوروبا، حيث بدأ في جبيل وتمدد في جبل لبنان من ثم في بشري أخيراً، كلام لا يستأهل الرد والتعليق وغير صحيح إطلاقاً لأن المرض لا دين ولا منطقة ولا إنتماء له، وهو لا يرحم أحداً على الكرة الأرضية كما نشاهد والوقت الآن ليس للإستهداف السياسي والمناطقي بل للتضامن بين كل أطياف الشعب اللبناني، لأن مثل هكذا كلام يؤذي ولا ينفع”. وفي حين يردد بعض المسيحيين أن “حزب الله” كان أكثر جهوزية من الكنيسة في التصدي لفيروس “كورونا”، يسأل المطران عون: “قولوا لي ماذا فعل “حزب الله”؟ فنحن نتحرك ضمن الإمكانات المتاحة لنا والآخرون لديهم إمكاناتهم، ونحن نواجه “كورونا” بكل ما أوتينا من قوة، وبالتالي لا نقبل مثل هكذا مقارنات لأن مرجعيتنا الدولة ونقف إلى جانبها لتكون معركة رابحة ولا ندخل في سوق المبارزات”، داعياً في المقابل الدولة إلى دعم المستشفيات لتتمكّن من خوض هذه المعركة والإنتصار لا أن تقف الامور عند مجرد الكلام. بعد أسبوع الآلام تأتي القيامة، وهذا أمر محتم حيث يعتبر المطران عون أن قيامة لبنان آتية لا محالة، وأن هذه الأزمات المتلاحقة فرصة لعودة الشعب إلى ربه والتأمل بما حصل وإستخلاص العبر، خصوصاً أن هذا الفيروس أنهك الكرة الأرضية بأكملها ولم يجدوا علاجاً له بعد، مشدداً على أن لبنان سينتصر حتماً بالإيمان ووحدة أبنائه وقوة الصليب لأن الوحدة الوطنية أساسية في مثل هكذا معركة، والتشرذم سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه وبالتالي فإن أمامنا أياماً صعبة علينا أن نتوحد ونكون واعين لأن المرحلة دقيقة وحساسة.
ويرى عون أن أبرشيته (جبيل) متعاونة في ما بينها لمواجهة التحديات، وهذا الأمر نموذج للعمل في كل لبنان ولا يجب ان يقتصر على منطقة او طائفة لأن المرض لا يميز بين مسلم ومسيحي وبين ابن جبل وابن مدينة.
لا يوجد موعد للإنتهاء من ظاهرة “كورونا” لكن أمل الكنيسة يبقى في اكتشاف العلاج المناسب لهذا المرض، وأن يكون ما حصل مناسبة للبشرية للعودة إلى ضميرها ووقف الحروب والنزاعات بين البشر وحماية الإنسان كإنسان.