“ينذر الأسبوع بكارثة في القطاع الاستشفائي الخاص”، بهذه الكلمات اختصر رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان واقع القطاع الاستشفائي بعد أن أرخت الأزمة تلو الأخرى بظلالها عليه، معيقةً حسن سير عمله، حيث بحّت أصوات القيمين على القطاع منذ أشهر في دق ناقوس الخطر، تفادياً للأسوأ، من دون أن تلقى اصداء ايجابية او اجراءات عملية، حتى وصل “كورونا” إلى لبنان وهو يرهق بضحاياه أقوى الأنظمة الاستشفائية العالمية علما ان المستشفيات هي السلاح الأساسي والحصري للتغلب عليه، فكيف ذلك والقطاع في لبنان منهمك يواجه “عدو البشرية” باللحم الحي؟
ويشرح كنعان دوافع موقفه عبر “تويتر”، كاتباً “ديون الدولة للقطاع بلغت ذروتها وارتفعت كلفة التشغيل مع ارتفاع الدولار وتوقف كامل عن الدفع، ليخيم شبح الإقفال على عدد من المستشفيات في كسروان، المتن وبيروت. الحل بقانون برنامج يعالج الأزمة بتقسيط الدفعات”. وعلى الإثر، اتصل بكل من وزير المال غازي وزني ونقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، حيث تمّ الاتفاق على إعداد تصوّر للحل يُعرض على مجلس الوزراء في الساعات الـ٢٤ المقبلة، انطلاقاً من طرح تقسيط الدفعات.
وفي ظلّ إدراك المستشفيات الخاصة واقع الدولة المالي والاقتصادي وعدم قدرتها على تسديد المستحقات المتراكمة دفعة واحدة، أوضح هارون لـ “المركزية” “أننا اقترحنا على وزارة المال حلا غير معقد، يقوم على جدولة المدفوعات من دون أن يتم تسديد كلّ المستحقات المتأخرة دفعة واحدة، أي أن تحصل المستشفيات من الدولة على مبلغ قيمته 130 مليار ليرة شهرياً، باستثناء الضمان الاجتماعي، وهو عبارة عن مصروفها الشهري، والمبلغ مقسم بين تأمين 100 مليار لتغطية المرضى الذين سيتم استقبالهم، إضافة إلى 30 مليارا من المتراكمات السابقة ما يساهم في تخفيفها وتسديد المدفوعات التي تستجد في المقابل، هذا الحل يؤمن مدخولا للمستشفيات واستمراريتها. في انتظار أن نرى إن كان لدى الحكومة طرح آخر”.
وفند واقع الأزمة، لافتاً إلى أن “25 ألف موظف يعملون في المستشفيات الخاصة، مجموع رواتبهم مع اشتراكات الضمان الاجتماعي يوازي 60 مليار ليرة شهرياً، وفي ظلّ الواقع المادي الصعب الذي تعانيه المستشفيات، عمد بعضها إلى تسريح عدد منهم، في حين أن قسما آخر يسدد جزءا من الأجور، أما تلك التي تدفع الراتب كاملاً فعددها قليل، وهو ما انعكس سلباً على 25 ألف عائلة وعلى المرضى قبل ارتداده على أصحاب المستشفيات. واستمرار الأمور على ما هي عليه سيوصلنا إلى وقت تعجز فيه كل المستشفيات الخاصة عن تسديد رواتب موظفيها”.
وتابع “المستشفيات أمام مشكلة مستعصية إذ أُضيفت على معاناتها أزمة “كورونا” مرفقة بعوائق استيراد المستلزمات الطبية التي تضاعفت أسعارها بنسب كبيرة، فالكمامة مثلاً بات سعرها 1500 ليرة بعد أن كان ثلاثين ليرة. المشاكل تتراكم، والمصاريف تتفاقم وفي المقابل المدفوعات شبه متوقفة، باستثناء سلفات الضمان الاجتماعي، وما من مدخول في ظلّ تراجع وتيرة العمل إلى 20 % من طاقتنا الاستعابية نتيجة اقتصار استقبال الحالات على الطارئ منها أما الباردة فتؤجّل، وذلك التزاماً منا بالإجراءات الوقائية منعاً لانتشار فيروس “كورونا”. هذا التراكم أوصل المستشفيات إلى حائط مسدود، ما ينذر حكماً بإغلاق عدد كبير منها أبوابه في حال عدم تطبيق الحل المناسب، وبعضها أبلغني أن ما من خيار آخر بعد عجزها عن دفع الرواتب وشراء المستلزمات الطبية خلال الأشهر المقبلة”.
وأسف هارون في السياق “لقرار إغلاق مستشفى عريق مثل “سيدة لبنان” منتصف أيار المقبل وعمره لا يقل عن 60 سنة، إضافة إلى ضمه 150 سريرا وتقديمه كامل الخدمات الاستشفائية وتوظيفه لحوالي 350 شخصا. هذا أول الغيث ودليل واضح الى مدى عمق الأزمة بعد رفعنا الصوت مراراً للتنبيه من الوصول إلى الإغلاق المحتم”.
وعن تطورات ملف تغطية شركات التأمين تكاليف معالجة مرضى “كورونا”، أوضح هارون أن “وزير الاقتصاد طلب منها تغطيتها وطلب في المقابل من المستشفيات تحديد تعرفة خاصة درستها وقدمتها له، لكن الشركات ترفضها حتى اللحظة والموضوع في عهدة الوزير”.