بسرعة فائقة يتتالى كسر سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية ليبلغ رقماً قياسياً ما لبث أن سجّله مع كلّ قفزة تاريخية، وينسف خلال أشهرٍ جهود عقود للحفاظ على ثبات سعر صرف الليرة، مع تعدّي الدولار اليوم عتبة الـ 3000 ليرة… ولعل في ظلّ إلغاء مصرف لبنان قرار إلزام الصرافين سعر شراء الدولار الأميركي بما لا يزيد عن ٣٠ في المئة عن السعر الرسمي (حوالي 2000 ليرة ) لم يكن هذا الارتفاع مستبعدا إلى جانب استمرار مخاوف المواطنين من الوضع الاقتصادي لا سيما مع الحديث عن الخطة الاقتصادية والهيركات والتحرير التدريجي لسعر الصرف الرسمي.
إلا أن اللّغز هو حول أسباب عدم تركيز الثقل الأمني الردعي على الصرافين غير المرخصين لقمعهم كلياً، حيث أنهم متفلتون من أي ضوابط رقابية أو ضريبية، ويستمرون في التأثير على أسعار الصرف سلباً، في حين أن علامات استفهام عدة تطرح حول مصدر تزويدهم بالعملة الصعبة.
عن الموضوع، أوضح نقيب الصرافين محمود مراد لـ “المركزية” أن “سعر الصرف يتراوح اليوم ما بين 2999 و3020 ليرة للدولار”، معيداً أسباب الارتفاع إلى “توقف شحن الدولارات عن طريق شركات أو أشخاص نظراً إلى إغلاق المطار في ظلّ الإجراءات الوقائية للحد من تفشي فيروس “كورونا”، وكذلك المصارف التجارية توقفت عن إعطاء العملة الخضراء، في المقابل الحاجة إلى المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأدوية ارتفعت، ما جعل عمل التجار المعنيين يزداد ضعفين أو ثلاثة تقريباً، وبالتالي الطلب على الدولار في سوق الصيارفة ازداد مقابل شح السيولة”.
وأكد أن “السوق السوداء لا تزال قائمة، القضاء والأجهزة الأمنية تلاحق الصرافين غير الشرعيين، لكن لا يمكنها تتبعهم إلى منازلهم وهم يتعاملون مباشرةً مع التجار وهذا ما يساهم في تنشيط هذه السوق. لكن المشكلة ايضاً أن أعداد هؤلاء أضحت كبيرة خصوصاً وأن الأوضاع المعيشية متردية والعديد من المواطنين يعانون البطالة ويلجأون إلى ممارسة المهنة بصورة غير شرعية كمصدر رزق مربح من خلال الاستفادة من فارق أسعار الشراء والمبيع”، لافتاً إلى أن “لا سلطة للنقابة على هؤلاء وقراراتها غير ملزمة، ما دفعنا إلى تقديم مشروع قانون في هذا الخصوص لا يزال في أدراج مجلس النواب رغم كل محاولاتنا لإقراره”.
واضاف “كذلك، التطبيق الالكتروني لا يزال موجوداً، والزبون يتبع السعر المحدد عليه من دون أن يلاحظ أن هذه الحالة غير صحية وشاذة لأنها ترتد سلباً على تأمين البضائع الغذائية والطبية”، مؤكداً ألا فرق في مكاسب الصرافين إن كان الدولار 1500 أو 3000 لأن هامش الربح واحد وسعر الألف دولار بات يكلفنا ثلاثة ملايين ليرة بعد أن كان مليونا ونصف المليون أي أننا نستثمر من رأسمالنا”، لافتاً إلى أن “البيع أصعب في ظلّ انخفاص العرض، العرض قليل والطلب كثير ونحاول تأمين السيولة ومنبعها الأساسي حالياً المواطنون الذين خزنوا أموالهم في المنازل خلال الفترة المنصرمة، والتحويل من الخارج يساعد قليلاً في تحريك السوق”.
أما عن المنصة الإلكترونية الواردة في تعميم المركزي 149، والتي يتم من خلالها الاعلان عن اسعار التداول بالعملات الاجنبية لا سيما بالدولار، كشف أنه “يتم التواصل مع مصرف لبنان وبدأت الفئة الأولى من الصرافين بتقديم الطلبات في انتظار الموافقة التي تتطلب بعض الوقت، والتعميم يعزز التواصل بين الطرفين ما يساهم في التفاهم بالحد الأدنى على آلية للحد من الارتفاع في سعر الدولار الذي يتسبب بمشاكل اقتصادية متفاقمة”.