كتبت راجانا حمية في “الاخبار”:
إصابتان جديدتان سجّلها عدّاد كورونا الذي أقفل، أمس، على 643 إصابة. ولئن كانت تلك المؤشرات توحي بأننا لا نزال ضمن السقف الجيد، على ما قال رئيس الحكومة حسان دياب، إلا أنها ليست معياراً للقول إن الأمور وصلت إلى بر الأمان، فلا يزال شبح انتشار الفيروس يحوّم، وخصوصاً في ظل التوجّه نحو زيادة الفحوصات إلى حدود 1500 يومياً. وعلى خطٍ موازٍ، فتحت المستشفيات الخاصة الباب على أزمة جديدة وهي أزمة مستحقاتها لدى الدولة، في محاولة لابتزاز الأخيرة للقبول بشروطها في معركة الكورونا
أمس، كانت «البشرى السارة» موجهة إلى العالقين في الخارج. فبعد 48 ساعة على آخر رحلة من رحلات عودة المغتربين اللبنانيين إلى بلادهم، اتخذ مجلس الوزراء القرار باستئناف الرحلات إلى لبنان في 27 الجاري. وجاء قرار مباشرة الدفعة الثانية من الرحلات إثر التقييم الذي قامت به اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة عودة المغتربين، على أن تعمل هذه الأخيرة في المهلة المتبقية على وضع جداول الرحلات المقبلة وتوفير فسحة زمنية لتتبع الحالات التي عادت من خلال برنامج الترصد الوبائي. مع ذلك، ليست هذه «البشرى» هي الوحيدة، فقد أعلن رئيس الحكومة حسان دياب، عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء أمس، عن «رضى» الحكومة عن المسار الذي تسلكه المتابعات لفيروس كورونا. واستند هذا الرضى إلى «خط سير» عدّاد كورونا، الذي سجّل أمس إصابتين جديدتين أعلن عنهما في تقرير مستشفى بيروت الحكومي ليل أمس، ليصبح عدد الإصابات المثبتة مخبرياً منذ 21 شباط الماضي 643. وفي مقابل عدّاد الإصابات، سجّل عدّاد الشفاء حالة جديدة أمس ليصبح العدد 81 حالة، فيما سجلت حالة وفاة جديدة رفعت عدد الوفيات إلى 21.
في آخر نهار أمس، كانت الحكومة مرتاحة إلى إجراءاتها وتدابيرها. هذا على الأقل ما خرج به دياب في تصريحاته عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء، مشيراً إلى أن «لبنان لا يزال ضمن السقف الجيد في ما يخص واقع انتشار فيروس كورونا». لكن، هذه الطمأنينة ليست آخر الطريق في مواجهة الفيروس. هي أشبه بشعورٍ مؤقت قد تلغيه في أي لحظة عدّادات فحوص المناطق، وخصوصاً تلك التي تشهد حال انتشار كما هي حال منطقة بشري أو تلك التي تشهد «ملامح انتشار»، كما هي حال منطقة عكار التي سجلت حتى صباح أمس 24 إصابة. أما بشري، فلا تزال قبلة الكل، منتظرين ما ستؤول إليه نتائج الفحوص التي أجريت خلال اليومين الماضيين. وقد سجّل عداد تلك المنطقة إلى الآن 61 إصابة مثبتة مخبرياً، فيما ينتظر اليوم صدور نتائج حوالى 125 فحصاً أجريت أول من أمس (75 فحصاًً) وأمس (50 فحصاً). وعلى أساس تلك الفحوص، يحدد مسار «التعبئة العامة» في المنطقة قبل تقريرها في البلاد.
السقف جيد، لكن الأمور لم تصل إلى حدود «برّ الأمان». من هنا، فالمطلوب هو «ضرورة التشدد في تطبيق التدابير والإجراءات الوقائية لمواجهة الفيروس، وخصوصاً خلال الأسبوعين المقبلين»، على ما يقول دياب. فحتى لو تراجع معدل الإصابات، إلا أن ذلك لا يلغي «احتمال انتشار الوباء مجدداً» في ضوء التوجه نحو زيادة عدد فحوصات الـ PCR إلى 1500 يومياً.
على خطٍ آخر، لا يبدو أن علاقة الدولة ومؤسساتها، كما المرضى، مع المستشفيات الخاصة، وصلت إلى «برّ الأمان». ففي وقت وصلت فيه مفاوضات وزارة الاقتصاد ولجنة الصحة النيابية مع نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة إلى حائط مسدود في ما يخصّ كلفة استشفاء الحالات المصابة، لجأت النقابة إلى سلاح جديد تبتز من خلاله الدولة. ففي توقيت مريب، خرج اتحاد المستشفيات العربية محذّراً من «انفجار أزمة القطاع الاستشفائي في لبنان المهدد بالإقفال والإفلاس بسبب عدم سداد الدولة مستحقاتها للمستشفيات الخاصة والتي وصلت إلى 2000 مليار ليرة لم تدفع لها، وذلك في أكثر المراحل دقة وخطورة وأشدها حاجة للطاقة القصوى للمستشفيات الخاصة إلى جانب الحكومة لمواجهة أزمة كورونا». هكذا، ومن باب ديون الـ 2000 مليار، حاولت المستشفيات الخاصة الضغط على الدولة في ظل أكثر الأزمات سوءاً وخطورة. أرادت تلك الأخيرة إخضاع الدولة، فإما القبول بما تفرضه من كلفة علاج لمرضى الكورونا وإما دفع الألفي مليار. وتكمل تلك المستشفيات سرديتها، بالقول إنه في حال عدم «مدّنا بالسيولة اللازمة»، فبعض المستشفيات تتجه إلى الإقفال.
وإلى الآن، «هناك ما يقرب من 20 إلى 25 مستشفى تعاني وقد تتجه نحو الإقفال»، على ما يقول رئيس الاتحاد، النائب فادي علامة، مشيراً إلى أن مستشفى سيدة لبنان حسمت أمرها بالإقفال خلال 15 يوماً «ما لم تلتفت الدولة إلى حالنا». وقال علامة إن أزمة الكورونا وما سبقها من أزمة اقتصادية ومصرفية جعلت من المستشفيات «في وضع لا تحسد عليه»، على ما يقول علامة.
على خط وزارة الصحة، يشير الوزير حمد حسن إلى أنه لا مشكلة مع المستشفيات الخاصة، مشيراً إلى أن الموازنة صدرت منذ أسبوعين والعقود باتت جاهزة، وما ينقص هو أن يقدموا فواتيرهم كاملة. ولفت حسن إلى أن ما يعود لتلك المستشفيات في ذمة الوزارة مدة ستة أشهر، لكن المشكلة تكمن في أن البعض لم يقدم فواتيره، فيما البعض الآخر رفع فواتير عن ثلاثة أشهر. من هنا، يطلب الوزير من المستشفيات العمل على تقديم فواتير بمستحقاتها كاملة للحظها من ضمن الموازنة. وفي الإطار نفسه، لفت رئيس الحكومة إلى أن «وزير المال غازي وزنة يعمل اليوم على مشروع تسوية في ما يخص مستحقات المستشفيات». وفي الإطار نفسه، تعقد لجنة الصحة النيابية اجتماعاً ظهر اليوم في مقر نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة، بحضور أعضاء مجالس إدارات بعض المستشفيات لوضع الموضوع على طاولة البحث».