كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:
تخفيض العجز في الموازنة بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي GDP شكّل على مدار الاعوام الماضية، وتحديداً للسنوات الثلاث الأخيرة الشغل الشاغل للحكومات المتعاقبة. كيف لا، وهو شرط أساسي من شروط مؤتمر “سيدر”، والمؤشر الاول الذي تنظر اليه الدول المانحة لقياس تقدّم الدولة على سلّم الاصلاحات. إلا ان رياح GDP سارت بعكس ما تشتهي سفن الحكومة، حيث توقع صندوق النقد الدولي IMF في احدث تعليقاته على الوضع اللبناني، بان يرتفع العجز الى 15.3 في المئة، وهو مؤشر غير مسبوق وغاية في الخطورة. هذا العجز سيترافق بحسب “الصندوق” مع انكماش الناتج المحلي بنسبة 12 في المئة، وارتفاع التضخم الى حدود 17 في المئة.
في الوقت الذي حقق لبنان فيه نسبة عجز بحدود 10.5 في المئة بالنسبة الى ناتج محلي كان يقدر بأكثر من 56 مليار دولار في العام 2019، سيرتفع العجز هذا العام 50 في المئة بالنسبة الى ناتج محلي سيكون أقل من 50 مليار دولار. هذا التدهور على صعيد عجز الموازنة وانكماش الناتج المحلي يعود إلى “سببين رئيسيين” حسبما شرحت أوساط اقتصادية لـ”نداء الوطن”: الأول، استمرار تراجع الإيرادات، وانحسار عائدات الدولة مع بقاء النفقات على حالها، ومن دون أي تخفيض يذكر. أما السبب الثاني الذي لا يقل خطورة فهو تدهور سعر صرف العملة الوطنية بالنسبة الى الدولار وتأثيره الكبيرعلى الناتج المحلي الذي يقوّم بالليرة.
إذاً النتيجة المباشرة لهذه المؤشرات الكارثية التي توقعها صندوق النقد ستكون ابتعاد السفينة اللبنانية أكثر فأكثر عن شاطئ المساعدات الدولية والقروض الميسّرة، وضياعها في عمق بحر من الأزمات المتتابعة، وتعرّضها لأمواج فقدان السيولة والتضخم وتدهور القدرة الشرائية المتلاطمة، التي ستؤدي في نهاية المطاف إلى إغراقها.