تجهد الحكومة على لملمة تداعيات تسريب “مسودة” خطة الإنقاذ التي أثارت فيها اقتراحات المستشار المالي “لازارد”، وتحديدا آلية الـ”هيركات” بنسبة 50% على الودائع، بغية قفل الفجوة المالية التي قدّرتها الخطة بنحو 83 مليار دولار… في حين تغاضت الخطة عن سلسلة بنود كان يؤمل من “حكومة الاختصاصيين” التصويب عليها بإحكام، لاسيما إصلاح قطاع الكهرباء نظرا إلى الخسائر التي تكبّدها لبنان على مرّ الأعوام بنحو 46 مليار دولار… كما أنها أغفلت كيفية توفير فرص عمل للبنانيين في ظل توسع دائرة البطالة قبل اقتحام فيروس “كورونا” العالم عموما ولبنان خصوصا.
مصادر مصرفية طالبت، عبر “المركزية”، الحكومة بـ”تنفيذ الإصلاحات الملحّة، إذ لا فائدة من أي عملية “هيركات” إذا بقيت مزاريب الهدر وفي مقدّمها ملف الكهرباء”، داعيةً الدولة إلى أن “تُطلع الراي العام على خطتها لوقف النزف في الموازنة وخطة الحل النهائي لملف الكهرباء، قبل أي خطوة أخرى من الخطط والبرامج”.
وأوضحت، في السياق، أن “المصارف والهيئات الاقتصادية سبق أن نبّهت وحذّرت مرات عديدة السلطة والحكومات المتعاقبة من خطورة الإنفاق وارتفاع العجز في الميزانية العامة، كما طالبت مرارا بالانطلاق بمسار الإصلاح عبر خطة إنقاذية شاملة وواضحة تصيب الهدف…، وسجلت رفضها المطلق لسلسلة الرتب والرواتب والتحذير من خطورة تداعياتها على النمو الاقتصادي، والخوف من بلوغ الانهيار”.
وسألت: “ألا يجب في سياق المساءلة، محاسبة ومحاكمة مَن استشرس لإقرار السلسلة من دون معرفة تداعياتها وخطورتها، بل التعامي عنها، وتمسّكه بالإصرار على إقرارها”؟
وفي المقلب الآخر، توقفت المصادر المصرفية عند “مواصلة أركان “حزب الله” حملته على المصارف وحاكم مصرف لبنان، في إطار خطة يرى في الظرف الراهن – مع حكومة الرئيس حسان دياب – أكثر من مناسب لتنفيذها ووضع اليد على المصارف وتغيير هويّتها وهوية النظام الاقتصادي الحرّ، بحجة أن القطاع سطا على المال العام والخاص”.
وكان “حزب الله” شنّ في سياق السجال حول الـ”هيركات” والـ”كابيتال كونترول” هجوما شرسا على المصارف والحاكم رياض سلامة، من خلال مطالبة النائب علي عمار الدولة بـ”وضع يدها على كل مَن استساغ أن ينال من ودائع الناس عبر جمعية المصارف أو غيرها، خصوصا إذا أضفنا إليها دورا شيطانيا لما يسمّونه حاكما للمال في لبنان”.
هذه الحملة تضعها المصادر في خانة “محاولة الانقضاض على القطاع المصرفي كما على السلة النقدية، فيما الحل في المقلب الآخر من ساحة الأزمة، والكامن في مالية الدولة حيث تغيب الإصلاحات ويكثر الهدر والفساد… تطبيقا للمثل القائل إن دود الخل منو وفيه”، وفي ذلك ذكّرت المصادر بما أعلنه مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط دايفيد شينكر أن “واشنطن تدعم جهود الحكومة في المسار الإصلاحي… لكننا لن ندعم خطة الإنقاذ إلا إذا كان لبنان ملتزما بتطبيقها. فنحن نتطلع لأن تثبت هذه الحكومة التزامها الإصلاح ومحاربة الفساد، وليس فقط من خلال التخطيط للإصلاحات، إنما بتنفيذها”.