كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
يتدحرج الغضب في صيدا من التداعيات السلبية لأزمة “كورونا” وطول أمدها، من السوق التجاري، الى اصحاب عربات الخضار الجوالة و”الميرة” وصولاً الى “المدينة الصناعية”، تتلاقى أصوات الاعتراض على ناقوس الفقر والجوع الذي يقرع أجراسه، فوباء “كورونا” جاء كـ “القشة التي قصمت ظهر البعير”، بعد الانهيار الاقتصادي والتلاعب بالدولار و”الانتفاضة الشعبية” وما بينها من غلاء وارتفاع الأسعار.
وبدا مشهد المدينة في سباق محموم مع الزمن، بين خياري المزيد من الصبر على الالتزام بـ “الحجر المنزلي” تطبيقاً لـ “التعبئة العامة” و”حال الطوارئ الصحية”، وبين “انفجار اجتماعي” غير مسبوق تلوح مؤشراته في الأفق وفي كل الاتجاهات والقطاعات، حيث لم يعد بمقدور أبناء المدينة تحمل التداعيات السلبية للفقر المدقع وأصبحوا جائعين بكل ما للكلمة من معنى، وقد ترجم بمحاولتي اضرام النار بالأنفس تعبيراً عما آلت اليه الاحوال من مأساة.
إشتراك الموالدات
وفيما تؤكد أوساط صيداوية لـ “نداء الوطن”، ان الأزمة المعيشية باتت خانقة، والمواطن يتأرجح على حبال عجز السلطات المعنية عن تقديم المساعدات المالية والاغاثية الفورية وعلى فقدان قدرته على التحمل مع طول أمد أزمة “كورونا”، وسط خشية من الوقوع في الهاوية وتحذير “الحراك الشعبي” من النزول مجدداً الى الشارع رغم كل المخاطر، تواصلت المبادرات الخيرية الفردية منها والجماعية، من المطبخ الخيري، الى الطبق الساخن اليومي، الى حملات توزيع المساعدات الغذائية والتموينية، ميّزها إعلان ممثل اصحاب المولدات الخاصة في مدينة صيدا وجوارها علي بوجي، عن المساهمة في تخفيف المعاناة الاقتصادية والمعيشية عن كاهل المواطنين، عبر تخفيض كلفة الاشتراك على المستهلكين لمشتركي الـ 5 أمبير بنسبة 20% من قيمة اشتراكهم لشهر نيسان، على أن يتم حسم آخر في أول أيار يتراوح بين 20 و25%، مطالباً المواطنين “بتركيب عدادات كي تُمكّن المواطن من التحكم بمصروف فاتورته ليتلاءم مع دخله الشهري ويتعاون معنا بشكل افضل”.
وقال بوجي: “لاننا من الناس ونشعر بمعاناتهم وهمومهم وخاصة في هذه الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة جاءت بادرتنا هذه، وكانت بالاتفاق مع محافظ الجنوب منصور ضو ورئيس البلدية المهندس محمد السعودي، كي لا يبقى في العتمة أي بيت غير قادر على تسديد فاتورة اشتراكه”، مؤكداً “ان مدينة صيدا بكل قواها السياسية والبلدية والشعبية والاهلية والاغاثية يد واحدة في مواجهة “كورونا”، وهي متكاتفة في تخفيف تداعياتها السلبية على المواطنين”.
شمعة ودعوة
وتلاقت هذه المبادرة، مع قيام اشخاص مجهولين بتسديد ديون الفقراء في المحال والدكاكين، وكذلك إعفاء بعض المستأجرين ممن يشغلون المنازل أو المحال من “دفع الشهرية”، او المساعدة بتأمين ثمن الادوية المزمنة لكبار السن من العائلات المتعففة، ويقول يوسف نحولي، وهو أحد المشتركين في مولد خاص، كنت أفكر بوقف الاشتراك موقتا، ريثما أعود الى عملي مجدداً في أحد المحال التجارية الذي اقفل منذ شهر ونيف التزاماً بالتعبئة العامة، قبل ان يضيف “لم أعد قادراً على دفع اي رسم وخياري العودة الى الزمن القديم الشمعة او استخدام البطارية، انها فترة عصيبة وستمر، المهم الّا تطول”.
في المقابل، توقف رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في صيدا والجنوب عبد اللطيف الترياقي عند تأجيل المساعدات المالية التي قررت الحكومة دفعها للمواطنين عبر الجيش اللبناني، قائلا: “تفاجأنا بقرار تأخير تقديم المساعدات، وجّهنا ملاحظات الى المعنيين بان الملفات غير دقيقة ولم نعرف من اين حصلوا عليها، نحن كإتحاد قدمنا كشوفات لكل عمالنا ولكننا لا نعرف أين أصبحت، نتمنى على الجهات المعنية الإسراع بتقديم المساعدات وهذه ليست منة، وإنما حقوق في ظل الوضع الذي نعيشه الذي لم يعد محتملا”، داعيا الجهات المعنية الى “المواءمة بين تطبيق الحجر المنزلي وبين السماح بتأمين قوت اليوم مع مراعاة كافة الاجراءات الوقائية لمنع تفشي فيروس “كورونا”، لأنه الحل الأنسب في هذه المرحلة”، وأكد ان “كورونا جعل كل الناس تحت خط الفقر المدقع”، قبل ان يضيف “اذا استمرت الأمور على هذا النحو، فنحن امام “فورة” او “ثورة” وكي لا نصل الى هذه المرحلة يجب ان تفتح المؤسسات ضمن أوقات محددة مع مراعاة الشروط الصحية.
إهتمام بالسوريين
ميدانيا، بطلب من وزارة الصحة، قام وفد مشترك من الجيش ووزارة الشؤون الاجتماعية ونقابة الاطباء وممثلين عن البلديات والأمن العام بتفقد عدد من مجمعات النازحين السوريين في منطقتي صيدا والغازية، للاطلاع على امكانية تخصيص أماكن للحجر في حال تسجيل حالة اصابة في صفوفهم او اشتباه بفيروس “كورونا”. واوضح مسؤول ملف النازحين السوريين في بلدية صيدا كامل كزبر لـ “نداء الوطن”، ان الجولة شملت مجمع “الاوزاعي” عند مدخل صيدا الشمالي ومجمع “الايمان” في عبرا، بهدف معاينة امكان تخصيص غرف داخل المجمعين للعزل الصحي في حال الاشتباه، وسط اقتراح ان يتم تخصيص مكان قريب منهما والاستفادة من عامل الوقت طالما لم تسجل اي حالة اصابة في صفوفهم حتى الآن، ذلك ان التأكد من التزام المشتبه بالحجر داخل المجمع أمر صعب.