كتب ريمون ميشال هنود في “اللواء”:
لا يمكن لكائن بشري أن يبلغ أقصى مراتب ودرجات الغضب إلا إذا نكب بمصيبة أو إذا اعترته خيبة أمل أو إذا لم يطابق حساب حقله مع حساب البيدر في صفقة ما تكون تجارية على الأرجح.
والشيء عينه فدح الولايات المتحدة مع وباء الكورونا فعندما بدأت واشنطن تشعر منذ أربع سنوات أقله بعجزها عن ايقاف تعملق الاقتصاد الصيني سطع غضبها وولدت الكورونا من رحم أحزانها لتتفشى في الصين وفي مئات البلدان الأخرى ومن ضمنها البلدان المعارضة لسياساتها, وذلك باعتراف وزير العدل الأميركي وعشرات الكتاب والمحللين الأميركيين والاوروبيين عبر اسلحتهم وأبحاثهم وتحليلاتهم, التي تشكل أدلتهم الدامغة وإلقاء القبض منذ أيام قليلة خلت على البروفيسور تشارلز ليبر رئيس قسم الكيمياء والبيولوجيا الكيميائية في جامعة هارفرد وهو المتهم الرئيسي باختراع ونشر الكورونا حول العالم علماً أن الغضب الأميركي قد بدأ بالزمجرة من خلال تصرفات الرئيس دونالد ترامب عندما أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشان بتاريخ 23 تشرين الأول 2019 أن الرئيس الأميركي ألغى اشتراكات البيت الأبيض في صحيفتي واشنطن بوست ونيويورك تايمز, لأنهما وفق رأيه ابتكرتا الأضاليل الواهية والأنباء المزيفة عن سياسة البيت الأبيض.
ويذكر أن صحيفة نيويورك تايمز كانت قد قالت بتاريخ 24 آذار 2020 بأن الرئيس ترامب يستعمل تعابير عنصرية ضد الصين مثل تسميته لفيروس كورونا بالفيروس الصيني جراء ابتلائه بالغضب الشديد, وأضافت لقد سبق للسياسة الأميركية قديماً أن اتبعت هذا النهج العنصري غداة انتشار مرض السيفلس في القرن الخامس عشر عندما أطلقت تعبير المرض النابليوني والفرنسي والبولندي والالماني على السيفلس علماً أن ذلك الوباء وحينما فتك بمدينة هونولولو عام 1989 قام المسؤولون الأميركيون باحراق المدينة الصينية فيها china town.
وبتاريخ 20 أيلول 2019 أعلن الرئيس ترامب أن الصين باتت تشكل تهديداً خطيراً للعالم جراء قيامها بتطوير قواتها المسلحة بوسائل سريعة وأنها تستخدم الاموال الأميركية في اشارة إلى عجز الميزان التجاري الاميركي معها والذي يصل قدره إلى 500 مليار دولار في السنة.
ومن ناحية أخرى، بزغ فجر حنق المخابرات الأميركية على الصين، إذ أنه وفي تقرير سري أرسل إلى البيت الأبيض في أواخر آذار 2020 قال ثلاثة ضباط في الاستخبارات الأميركية أن أرقام الصين حول الفيروس مضللة, وقد عمدت بكين إلى خفض البلاغات في أعداد المرضى والوفيات, وقد صدقت على أقوالهم ديبورا بيركس التي تقدم المشورة إلى البيبت الأبيض وهي المسؤولة في وزارة الخارجية الأميركية.
وللتذكير فقط وتعقيباً على ما كنت قد أفدت به في مطلع مقالي هذا عن بدء شرارة النزاع الاقتصادي بين الصين وأميركا أقله منذ أربع سنوات, أعود إلى تاريخ 24 أيلول 2018 يوم قال أناتول كالسكي كبير الاقتصاديين بأن الشركات الأميركية بعد فترة وجيزة لا ولن تستطيع ايجاد يد عاملة جد رخيصة تعفيها من واردات الصين فضلاً عن أن الضرائب الأميركية لن تشكل العقوبة القصوى على الصين كما يظن ترامب بل سيقود ذلك إلى تضرر المستهلك الاميركي والشركات الأميركية.
ويضيف كالتسكي قائلاً عندما يستثمر اقتصاد ما كل ما لديه من قوة سيرفع ذلك من الضغوط المتزايدة على معدلات الفائدة للولايات المتحدة وهذا ما ينطبق على الاقتصاد الاميركي اليوم.
أما شبكة الـbbc اللندنية فقد أفادت بتاريخ 4 نيسان 2020 بأن واشنطن باتت عاجزة عن اختراق الستار الحديدي الجديد وهو الستار الصيني لا سيما أن الصين وروسيا اتحدتا وقامتا بملء كثير من مربعات النفوذ الاميركي الاستراتيجي العالمي, وهذا يهدد الزعامة الاميركية.
وفي الختام، لا يسعني إلا القول بأن وباء الكورونا هو من صنع أميركي, لأن المتراجع والمنكفئ الذي كان يحيا على خطابات عظمته وعنجهيته هو صاحب المصلحة العليا في التسبب بالأذى لنفسه ولسواه وأن الغضب من التقهقر هو من دفع ترامب بتاريخ 7 نيسان 2020 إلى التهديد بتعليق دفع المساهمة المالية الاميركية لمنظمة الصحة العالمية نتيجة اتهامه لها بالانحياز إلى الصين!
يذكر أن الجنرال الأميركي المتقاعد ستانلي ماكريستال كان قد قال لقناة الـabc: لا يجب على الأميركيين أن يصبحوا مهووسين بشكل متزايد بزعيم يعتبرونه وطنياً بينما هو رجل لا أخلاقي، فيما وصف الجنرال المتقاعد باري ماكافي ترامب بالموسوليني الجديد.