كتبت رندة تقي الدين في صحيفة نداء الوطن:
شددت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا على أنه “ينبغي على حكومة حسان دياب ألا تكتفي بإعداد أوراق ومشاريع قوانين، بل عليها ان تحقق تغييراً حقيقياً وتنهي الفساد والهدر، فالاصلاحات والمساءلة والشفافية هي مفتاح الدعم الأميركي”، مضيفة: “من شأن الإصلاحات المتعلقة بمكافحة الفساد، والمتعلقة بالجمارك وبالشفافية المصرفية أن تخدم الشعب اللبناني على أفضل وجه وأن تقضي على نفوذ “حزب الله” في هذه القطاعات”.
وأكدت دورثي لـ”نداء الوطن” ان “الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة تعزيز قدرة الجيش على تأمين الحدود والدفاع عن سيادته والحفاظ على استقراره”، معلنة عن مساعدة أميركية للبنان لشراء وتوزيع معدات الفحص السريع لفيروس “كورونا” التي تصل الى لبنان الشهر الحالي. ولفتت إلى “بدء البحث في معايير التجديد لقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام”، لكنها لم تحدد موقف الإدارة الاميركية منه، خصوصاً أمام ما يتردد في بعض الأوساط الغربية عن ان الإدارة الاميركية قد ترغب في إعادة النظر في المهمة. وأكدت شيا ان “المجتمع الدولي يسعى الى العودة الطوعية والكريمة للاجئين السوريين عندما يكون ذلك آمنا لهم”.
مفاتيح الدعم الأميركي
وفي شأن ما شهده اجتماع ممثلي الأسرة الدولية مع الرئيسين ميشال عون وحسان دياب في بعبدا وعما إذا كانت الحكومة تتحرك لتنفيذ مطالب الشعب اللبناني، قالت السفيرة الأميركية: “نزل اللبنانيون إلى الشوارع في شهر تشرين الأول 2019 وطالبوا، عن حق، بإنهاء الفساد المستشري. وأصرّوا على إجراء الإصلاحات الاقتصادية والمالية اللازمة، بما في ذلك زيادة الشفافية والمساءلة. إن التحديات التي يواجهها لبنان كبيرة، ومعالجتها أصبحت أكثر صعوبة في سياق وباء فيروس كورونا. نحن ما زلنا نراقب وننتظر جهود هذه الحكومة لتنفيذ إصلاحات حقيقية وذات مغزى مطلوبة لزيادة المساءلة واستعادة الثقة بالاقتصاد، وقد تحفّظت حكومة الولايات المتحدة في الحكم على الحكومة اللبنانية الجديدة – في انتظار معرفة ما إذا كانت تتصرف حقاً كحكومة تكنوقراط، مستقلة عن أمثال “حزب الله”، وما إذا كانت تنفذ بالفعل هذه الإصلاحات الأساسية”.
وعما اذا كانت تعتبر حكومة دياب مستقلة وتعمل على الطريق الصحيح، قالت: “لا يكفي إعداد أوراق ومشاريع قوانين، فحكومة الرئيس دياب عليها أن تنفذ إصلاحات تحقق تغييراً حقيقياً وتنهي الفساد المستشري والهدر والاختلال في الخدمات العامة، حتى في المجالات التي قد يفضل فيها الداعمون السياسيون للحكومة الوضع الراهن. فالإصلاحات الملموسة والمساءلة والشفافية – وهي الأمور نفسها التي يطالب بها الشعب اللبناني – هي مفاتيح الدعم الأميركي، وفي نهاية المطاف مفاتيح المساعدة التي يحتاجها لبنان من المجتمع الدولي”.
مساعدات لمواجهة “كورونا”
وعن مساعدة الولايات المتحدة للبنان في مواجهة الفيروس كورونا، أشارت شيا إلى أن “الولايات المتحدة رائدة عالمياً في مجال المساعدة الصحية العامة، حيث قدمت أكثر من 9.5 مليارات دولار في العام 2019 للصحة العامة الدولية. وتضمن ذلك توفير الإمدادات الطبية، والدعم والمساعدة التقنية والتمويل والتدريب لشركائنا اللبنانيين”، معلنة أن “الولايات المتحدة قدّمت 6 ملايين دولار إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لشراء وتوزيع معدات الفحص السريع لفيروس كورونا، الفان منها هي في طريقها هذا الشهر الى لبنان. وتوفّر مجموعات الفحوص السريعة هذه نتائج في غضون ساعات – بدلا من الأيام التي تتطلبها الفحوصات المستخدمة سابقا، وهذا هو أحدث تبرع في قائمة طويلة من الولايات المتحدة، والتي تشمل أيضاً: 17,000 قناع طبي، 120,000 زوج من القفازات، 20,000 مجموعة لمستلزمات النظافة، و10,000 زجاجة من مطهر لليدين. كما قدمنا 9,500 دولار لقوى الأمن الداخلي لشراء مستلزمات من السوق المحلي لتصنيع 000 20 قناع للوجه قابل للغسل وإعادة الاستخدام. كما قدمنا مبلغ 000 400 دولار كتمويل لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) لشراء أقنعة ولوازم للمخيمات والمدارس. ونساهم في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لتمويل فحوصات الكورونا للاجئين وعلاجهم، وإنشاء مرافق العزل/الحجر الصحي وإدارتها، وإنشاء عنابر إضافية، وتوفير معدات الحماية الشخصية للعاملين من الكادرات الطبية الخاصة بالمنظمات غير الحكومية. وخصصنا مبلغ خمسمائة الف (500000) دولار في إطار “مشروع تطوير الأعمال في لبنان” التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية للمعدات والتكنولوجيا ولتمويل شركات لبنانية تصنع معدات الحماية، وأجهزة التنفس الاصطناعي، وغيرها من الإمدادات الطبية. والأهم من كل هذا، المساهمات الأميركية للمنظمات الدولية التي تقدم المساعدة الإنسانية والصحية، والتي نحن أكبر مانح لها”.
استثمار بـ 750 مليون دولار
وعما اذا كانت أزمة “كورونا” العالمية تعني ان حظوظ لبنان بالحصول على دعم قد تقلصت؟ قالت السفير الأميركية: “في العام 2019، كانت الولايات المتحدة ولمرة ثانية أكبر مانح للبنان، حيث استثمرت فيه أكثر من 750 مليون دولار في التنمية الاقتصادية والمساعدات الإنسانية والأمنية. وتستثمر الولايات المتحدة، منذ عقود، في لبنان وتقوم بتحسين حياة شعبه والمساعدة لا تزال مستمرة. إن التزامنا الطويل الأمد بلبنان واضح من خلال قوة تعاوننا مع الجيش اللبناني، ومع الجامعات والكليات اللبنانية الموقّرة، ومع المنظمات غير الحكومية، ومع شركائنا والمنفذين المحليين. وقد حوّلت حكومة الولايات المتحدة بعض برامجها من أجل التصدي لتحديات مكافحة وباء كورونا، وهناك برامج كثيرة للولايات المتحدة في التصدي لتفشي وباء كورونا. هذه المساهمات لا تمثل سوى جزء صغير من إجمالي المساعدات الأميركية للشعب اللبناني، بما في ذلك كوننا أكبر مانح للمنظمات الدولية التي هي في الطليعة لمساعدة لبنان على التعامل مع هذا الوباء الرهيب”.
وفي شأن الدعم الأميركي للجيش اللبناني، قالت السفيرة الأميركية لـ”نداء الوطن”: “منذ العام 2005، قدّمت الولايات المتحدة أكثر من ملياري دولار من المعدات والإمدادات إلى الجيش اللبناني، وهي لا تزال ملتزمة تعزيز قدرة الجيش على تأمين حدود لبنان والدفاع عن سيادته والحفاظ على استقراره. وبالفعل، ساهمت تلك المساعدات في وضع الأساس للجيش اللبناني بحيث استطاع الارتقاء كمبادر أول في مكافحة انتشار وباء كورونا. إلى جانب توفير المعدات، نتعاون أيضاً مع الجيش اللبناني في مجموعة واسعة من التدريبات والتمارين، ولدينا عسكريون أميركيون منخرطون مع الجيش اللبناني للمساعدة في التخطيط والعمليات، وكذلك الوقوف جنباً إلى جنب مع الجيش اللبناني في تدريبات يقوم الجيش نفسه بتنظيمها. إننا فخورون بالعمل مع البحرية اللبنانية، وتزويدها بالتدريب والتمارين المشتركة، ونوع المعدات التي تحتاجها لتأمين النطاق البحري المهم للبنان. لقد اعجبت للغاية بالاحتراف والخبرة التي أبداها جميع عناصر الجيش كضامنين لحدود لبنان وموارده واستقراره”.
لبنان وصندوق النقد
وعما اذا كانت الإدارة الاميركية تشاطر الراي الفرنسي الذي ينصح لبنان بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي قالت: “إن حكومة لبنان هي التي يعود لها تقرير الخطوات التالية الأنسب لاقتصادها وللبلد، فالولايات المتحدة تريد أن ترى الحكومة اللبنانية تسعى إلى الإصلاح، لأن ذلك سيكون حاسماً في تخليص لبنان من أزمته المالية. ومن شأن الإصلاحات المتعلقة بمكافحة الفساد، وفي الجمارك وبالشفافية المصرفية أن تخدم الشعب اللبناني على أفضل وجه وأن تقضي على نفوذ “حزب الله” في هذه القطاعات”.
“اليونيفيل” واللاجئون
وعن موقف الولايات المتحدة من التجديد لقوات الأمم المتجدة لحفظ السلام قالت: “لا يزال التجديد لليونيفيل على بعد خمسة أشهر من الآن، وفيما بدأ البحث بشأن معاييره، فمن السابق لأوانه تحديد موقف الولايات المتحدة. إننا نركّز جميعاً على الخطوات الفورية لمحاربة كورونا في لبنان، بما في ذلك حماية وحدات اليونيفيل الموجودة حالياً”.
وعما اذا كانت الولايات المتحدة ستساعد لبنان على مواجهة أزمة اللاجئين السوريين في لبنان واذا كانت تتوقع عودتهم الى بلدهم، لفتت شيا إلى أن أميركا “هي أكبر مساهم في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وهما المنظمتان الرئيسيتان اللتان تواصلان مساعدة اللاجئين والمجتمعات اللبنانية المضيفة. وكما ذُكر آنفاً، أدرجت هذه المنظمات تمويلاً محدداً للتفاعل والاستجابة لمخاطر فيروس كورونا والتصدي له. كما دعمت الولايات المتحدة بسخاء النداء الطارئ الأخير للاستجابة لاحتياجات اللاجئين السوريين والمجتمعات التي تستضيفهم في لبنان. وحافظ المجتمع الدولي على موقفه من هذه القضية ، والذي يسعى إلى العودة الطوعية والكريمة للاجئين السوريين عندما يكون ذلك آمناً لهم”.