كتبت سمر فضول في صحيفة “الجمهورية”:
تصادف في طريقك الى محافظة عكار الكثير من الظواهر الغريبة، البعيدة كل البعد عن إجراءات التعبئة العامة. من مستديرة العبدة الى ساحة حلبا صعوداً الى مناطق الدريب وجرد القيطع، حركة سير أكثر من طبيعية. هنا لا يسري قرار وزير الداخلية «مجوز مفرد» على المواطنين، بل تلمح الكثير من السيارات بلا لوحة، وتختصر طوابير المواطنين امام البنوك والسوبر ماركت وغيرها من المحال التجارية، اللامبالاة والاستخفاف من الفيروس، الذي فرض على البلاد اغلاقاً تاماً لمرافقها العامة وحظر تجول ليلياً.
27 حالة سجّلتها محافظة عكار بفيروس «كورونا».. نسبة لا تزال ضئيلة مقارنة مع مساحة المحافظة التي تصل الى 788 كم2 ، فيما يبلغ تعداد سكانها 330,000 نسمة. ولكن رقم المصابين بالفيروس مرشح للارتفاع، وربما بشكل تصاعدي لافت، في حال استمرت فوضى عدم الالتزام بضوابط التعبئة في عدد من القرى والبلدات، ولم تبادر الدولة الى تفعيل اجراءاتها في المحافظة، التي ابدى رئيس الحكومة حسان دياب تخوّفه من ان تشهد سيناريو مشابهاً لسيناريو قضاء بشري.
في بلديات الدريب الأوسط، لا تعبئة و»لا من يحزنون»، وهذا ما يؤكّده رئيس اتحاد بلديات الدريب الاوسط عبود مرعب، الذي يشير إلى أنّ «الأمور خارج السيطرة، ولم تعد السلطات المحلية قادرة على ضبط الأمور». ويلفت مرعب الى أنّ «نسبة الإلتزام بالتعبئة العامة ناهز الـ 90 % في الأسابيع الأولى، ولكن بغياب الدولة وتأجيل تسليم المساعدات لم نعد قادرين على ضبط الأوضاع في المنطقة، خصوصاً أنّ الناس تسألنا كيف نأكل وأين البديل؟».
وقال: «الناس اليوم تفضّل أن تُصاب بالفيروس وتموت على أن تبقى في منازلها من دون عمل، وأن ترى أطفالها جائعة». ويضيف: «حاولت بعض الجمعيات والقطاع الخاص التدخّل للمساعدة قدر المستطاع، ولكن الحياة عادت الى طبيعتها ضمن نطاق بلدياتنا، ونحن غير قادرين على الإستمرار في إقفال مصدر أرزاق الناس الذين يعيشون أساساً من دون خطّ الفقر».
وفي السياق، يطالب مرعب الحكومة «بالتحرّك السريع خوفاً من أيّة عواقب قد لا تُحمد عقباها».
أمّا في جرد القيطع، حيث العدد الأكبر للإصابات، فيلفت رئيس الإتحاد عبد الاله زكريا، الى أنّ معظم الإصابات هي «لأفراد يعملون خارج المنطقة، لذلك إتّخذنا عدداً من الإجراءات بالتعاون مع الصليب الأحمر وطبابة القضاء لتوعية الوافدين، وإرشادهم وعائلاتهم، منعاً لتفاقم الإصابات، كما أنّ خلية الأزمة تلعب دورها في نشر التوعية بين السكان».
لكن المشكلة الأساس بالنسبة لزكريا هي في تدني نسبة الإلتزام، وعدم قدرة البلديات التي تعمل ضمن إمكانياتها، على ضبط الوضع رغم تدخّل الجيش والقوى الأمنية في معظم الأحيان. ويقول: «حركة السير شبه عادية في معظم المناطق، ونستعين في معظم الأحيان بالجيش والقوى الأمنية لنتمكّن من إقفال المقاهي والمحلات ومنع التجمعات، ولكنّ الخطر يكمن في إستمرار تنظيم الأفراح والمآتم، إذ إنّ العقلية العشائرية والعائلية السائدة تحول دون إمكانية تطبيق القانون».
في المقابل، ترتفع نسبة الإلتزام في شمال عكار، وهذا ما يؤكّده رئيس إتحاد بلديات الدريب الاعلى ورئيس بلدية القبيات عبدو مخول. ويقول: «هناك تفاوت في الالتزام ضمن إطار الإتحاد، ونعمل على ضبطه، لكنّ الخوف من تفلّت الأمور، بعدما ظهرت نتائج الفحوصات الـ 116 التي أُجريت لأبناء البلدة سلبية، وعليه أعطيت أمراً للشرطة بتنظيم محاضر ضبط لكل محل غير ملتزم بالتعليمات».
وتطرّق عبدو الى الوضع المعيشي الذي تعاني منه المحافظة ككل ولبنان عموماً، فأكّد أنّه «صعب، لكن المحلات تلتزم بتوقيت الفتح والإغلاق المحدّد وذلك لتجنيب لبنان كارثة».
ماذا عن التجهيزات؟
وكان وزير الصحة حمد حسن قد سلّم ادارة مستشفى الدكتور عبدالله الراسي الحكومي في حلبا السبت، جهاز فحص الـpcr بعد جولة قام بها على الجناح المخصّص للمرضى المشتبه في اصابتهم بكورونا، في وقت بدأت أمس فرق وزارة الصحة تنفيذ خطة الوزارة، عبر توزّعها على مختلف الأقضية لإجراء فحوصات عشوائية، وبالتالي مسح شامل يساهم في رسم صورة واقع الانتشار الوبائي.