Site icon IMLebanon

“طائرات العودة”: الحصة الأقلّ لجاليات أفريقيا

كتبت آمال خليل في “الاخبار”:

انتشر أمس جدول لرحلات المرحلة الثانية من إجلاء المغتربين التي يفترض أن تنظمها الحكومة بين 27 نيسان الجاري و7 أيار المقبل عبر طيران الشرق الأوسط. الجدول «الصحيح ولكن ليس النهائي، في انتظار موافقة لجنة كورونا والحكومة عليه»، وفق تأكيد مصادر في وزارة الخارجية والمغتربين لـ«الأخبار»، أثار جدلاً واسعاً بين المغتربين، ولا سيما لبنانيي أفريقيا. فمن أصل 36 رحلة، خُصصت للقارة السمراء تسع رحلات فقط، منها ثلاث لنيجيريا وحدها. الجدل مردّه إلى عدم شمول الرحلات المحتملة لساحل العاج وغانا اللتين تضمان مع نيجيريا أكبر تجمع للمغتربين اللبنانيين، وتصل إليهما في العادة رحلات الـ«ميدل إيست». وكانت الدول الثلاث من ضمن البلدان التي شملتها المرحلة الأولى من الإجلاء برحلة واحدة لكل منها. علماً بأن نتائج فحوصات الـpcr للعائدين من أفريقيا كانت سلبية، بحسب تأكيد وزارة الصحة. في حين خُصصت رحلات عدة في المرحلة الثانية لدول كانت فحوصات القادمين منها إيجابية.

أول من أمس، توفي الشاب جهاد يونس (21 عاماً) في ساحل العاج. الروايات تضاربت حول سبب الوفاة، لكن المعلومات الأولية رجّحت بأن تكون الملاريا. علماً بأنه خضع لفحص كورونا ولم تظهر نتيجته حتى مساء أمس. قبل يونس، توفي الشاب يوسف الزوقي (31 عاماً) متأثراً بإصابته بالملاريا وكورونا معاً. بعده، توفي رجل وامرأة بعد إصابتهما بكورونا. الوفيات المتتالية في الأسبوعين الأخيرين أحدثت توتراً في أوساط الجالية التي تُعد الأكبر في أفريقيا (حوالى 80 ألفاً). تشابه بعض العوارض بين كورونا والملاريا ذات الانتشار الواسع أدّى إلى تريث المستشفيات المحلية عن علاج المرضى قبل صدور فحص pcr، ما أدى إلى وفاة البعض وتدهور حالات أخرى. هكذا، دفع رضوان فحص حياته في انتظار صدور الفحص في العاصمة الغانية أكرا بداية الشهر الجاري بعدما أُدخل أحد المستشفيات بسبب آلام في المعدة وارتفاع الحرارة. التشخيص الأولي للأطباء كان إصابته بكورونا، ما دفع الى انتظار صدور نتيجة الفحص التي جاءت سلبية، ليتبين بأنه مصاب بتضخم في المرارة قضت عليه في غضون ثلاثة أيام. تشدّد الأجهزة الطبية من جهة وضعف إمكاناتها من جهة أخرى، بثّا الرعب بين اللبنانيين الذين علت صرخاتهم طالبين إجلاءهم بصورة عاجلة. علماً بأن فحص الـ pcr ليس متوافراً في هذه الدول للعموم، بل محصور في عدد من المستشفيات التي لا تجريه سوى لمن تظهر عليهم عوارض مرتبطة بالفيروس.

الإمكانات المحدودة لا تتناسب مع سرعة انتشار الفيروس بين اللبنانيين في تلك البلاد. في أبيدجان يُقدّر عدد المصابين حتى الآن بأكثر من 200، معظمهم يفضلون تلقي العلاج في منازلهم بسبب تردي مستوى الخدمات الطبية في المستشفيات. المخرج الوحيد أمامهم العودة إلى لبنان إما للعلاج أو لوقاية من لم يُصب بعد.

رئيس غرفة التجارة والصناعة اللبنانية في ساحل العاج الطبيب جوزف خوري دق أوضح لـ«الأخبار» أن السفارة اللبنانية بالتنسيق مع الجالية طلبت من وزارة الخارجية رفع عدد الرحلات المخصّصة لأبيدجان إلى أربع رحلات بمعدل رحلة أسبوعياً، لكن الاقتراح لا يزال قيد الدرس في بيروت. علماً بأن عدد المسجلين الراغبين بالعودة تخطّى الستة آلاف. ووفق مصدر دبلوماسي في إحدى البعثات في أفريقيا، فإن أكثر من بعثة راسلت الوزارة مقترحة «فتح مطار بيروت الدولي لأسبوع أمام حركة الطيران العادية اللبنانية وسواها، ليتمكن من يرغب من العودة وبالسعر الذي يناسبه».

 

مدير مكتب وزير الخارجية والمغتربين هادي هاشم أوضح لـ«الأخبار» بأن «جدول الرحلات تحكمه موافقة مجلس الوزراء. أما اختيار البلدان فيحكمها عدد المسجلين الراغبين بالعودة، ما يفسر تكرار رحلات من بعض البلدان أكثر من غيرها». اقتراح رفع رحلات أبيدجان وصل إلى بسترس، و«هناك بالتأكيد نية لزيادة عدد الرحلات»، عازياً سبب «التردد بتحديد الرحلات في البداية إلى الحديث عن انتشار واسع للمرض». هاشم قال إن قرار فتح المطار بيد الحكومة، لكنه لفت إلى أن الـ«ميدل ايست» قادرة على خدمة كل الرحلات «لأن لا عمل آخر لديها هذه الأيام وأسطولها كافٍ». أما في ما يتعلق بإعطاء الشركة الحصرية فهو «شأن الحكومة لا الوزارة» مشدداً على «أننا مستعدون لاستقبال أي طائرة من خارج الكوتا في حال كان البلد الذي سيأتي منه المغتربون يُجري فحوصات pcr كما يحدث مع القادمين من بريطانيا مثلاً». كما أشار إلى معيار آخر لتحديد الرحلات مرتبط بالإمكانات اللوجستية، إذ أن «بعض مدرجات مطارات البلدان الأفريقية غير مجهّزة لاستقبال الطائرات الكبيرة. وهو ما حدث في كوتونو على سبيل المثال، التي كانت مدرجة ضمن الرحلات قبل أن يتبين بأن مدرجها قصير». هذا في بلدان الاغتراب. أما في لبنان، فينتهي دور الخارجية عند إقلاع الطائرة ليبدأ دور وزارة الصحة التي «وحدها يمكنها تحديد عدد العائدين ربطاً بإمكانات إجراء فحوصات الـ pcr في المطار».