Site icon IMLebanon

بين بري ودياب خلاف لا يتعدى الحدود المرسومة للّعبة السياسية

بعيدا ذهب بعض المحللين في البناء على الاحتكاك المباشر بين الرئاستين الثانية والثالثة في خلال وبعد الجلسة التشريعية أمس الأربعاء. صحيح ان ما تضمنه رد الامانة العامة لمجلس النواب على الرئيس حسّان دياب ووزيرة الدفاع زينة عكر عكس بوضوح مدى الاحتقان الذي يحكم علاقة عين التينة بالسراي خصوصا لجهة الاسلوب، اذ اكتفى ببضع كلمات مقتضبة لكن فيها من القساوة ما يكشف كل نيات ومشاعر بري: “على الحكومة ان تتعلم كيفية ارسال مشاريع القوانين الى مجلس النواب قبل التطاول عليه”، غير انه لن يشكل “الشعرة التي تقصم ظهر البعير”، ليس لعدم الرغبة بذلك بل لأن سقف اللعبة السياسية لا يسمح بالذهاب ابعد من ذلك، اي تطيير الحكومة. وهذا حدود الاخذ والرد بينهما.

تقول مصادر سياسية تراقب مسار العلاقة بين الرجلين لـ”المركزية” ان بري، المعروف بمدى تمسكه بسيادة المجلس النيابي، بما يمثل بالنسبة اليه بعد 28 سنة على تربعه في سدة رئاسته، لم يبلع محاولة “التمريك” عليه، فقرر الرد على النحو الذي صدر، الا انها اكدت ان التكهن بتطور الخلاف بين الرئيسين الى درجة اطاحة الحكومة يبقى مجرد فرضية غير واقعية، ذلك ان الحكومة بالنسبة الى حزب الله والعهد الذي يمثله رئيس الجمهورية خط احمر غير مسموح لأي طرف مهما علا شأنه او موقعه تجاوزه. وإن سقوط حكومة دياب يعني الاقرار بفشلهما بما يرتب عليهما من تداعيات، كما ان البديل من دياب غير متوافر اليوم وعودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الى السراي من سابع المستحيلات ما دام الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا.

وفي تحليل لخلفيات الخلاف بين بري ودياب تدرج المصادر الاعتبارات الاتية:

-الكيمياء المفقودة بين الرجلين التي تمنع حصول اي تقارب الا للضرورة. فشخصية دياب الفذّة والبالغة الجدية خلافا لبري المعروف بديبلوماسيته وروح “النكتة” التي يلوّن بها جلسات مجلس النواب فيضفي عليها اجواء مريحة، تقف حاجزا يحول دون الانسيابية والسلاسة المطلوبة لتبديد حال التشنج حينما تسود، ما يحمل بري على رد الصاع صاعين.

– رغبة بري في توجيه رسالة إلى الحريري الذي سعى جاهدا لعودته الى رئاسة الحكومة، بأنه ما زال معه قلبا وقالبا وأنه غير راض عن اداء دياب الحكومي وطريقة تعاطيه مع السلطة التشريعية، وهو قادر على مواجهته، بما يرفع رصيده لدى الحريري.

-عدم وجود شارع وراء دياب، على غرار الحريري، ما يسمح لبري بأخذ مداه في رشق الحكومة بحجارة مجلسية، خلافا لما كان سائدا سابقا اذ ان اي توتر بين الرئاستين كانت نتيجته تحريك الشارع السني وتهيئة الارضية لفتنة سنية – شيعية ممنوعة.

– محاولة رئيس المجلس بعث رسالة إلى دياب الذي اصطف في مقلب رئاسة الجمهورية وفريقها السياسي، بوجوب تحمّل تبعات اصطفافه هذا وما يترتب عليه، وإعادة التفكير مليّا بالموقع الذي يجب ان يضع فيه اوراقه.

على اي حال، تختم المصادر ان ما جرى على الحلبة التشريعية أمس مرتبط باللحظة السياسية ولن يتمادى الى ابعد منها، الا انه اظهر التموضعات السياسية بوضوح، وهي ستبقى كذلك، الا اذا نجح بري في جذب الحكومة لوضعها تحت جناحيه.