Site icon IMLebanon

الجلسات لزوم ما لا يلزم: انفصام عن النّاس ومعاناتهم

وصفت مصادر سياسية اجواء الجلسات النيابية بأنها لزوم ما لا يلزم ومنفصلة عن واقع الناس ومعاناتهم ومشاكلهم التي تكبر يوما بعد يوم جراء تردي الأداء السياسي العام وانكفاءالمؤسسات عن ممارسة مهامها حسب دورها بتجاوزها الدستور احيانا عديدة. وقالت: ان الحكومة كانت الحاضرة في الجلسة والغائبة الابرز في المشاركة بالنقاشات ورئيسها لم يتدخل والوزراء كأنهم غير معنيين بمناقشة المشاريع والقضايا المطروحة.

واشارت المصادر الى ان الأبرز في الجلسات كان حالة التباعد والخصام بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب والذي انكشف علنا، عندما دعا الاخير رئيس المجلس لعقد جلسة نيابية لمناقشة واقرار مشروع قانون إقرار مشروع ١٢٠٠ مليار ليرة لبرنامج التحفيز الاجتماعي بعد فقدان نصاب الجلسة لاهميته، فرد بري بلهجة حادة عليه قائلا، «ما حدن يعلمنا شغلنا»، وكان ذلك مؤشرا واضحا على ما بلغته العلاقة السيئة بين الرئاستين الأولى والثالثة، وكان قبلها نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي قد هاجم الحكومة عندما قال ان هناك بعض وزرائها يتعاطفون علنا مع المنتفضين في الشارع ضد السياسيين، ولم يرد عليه أحد من الوزراء في حين عكس كلام رئيس الحكومة لدى خروجه من الجلسة امتعاضا وعد فيه بكلام له في جلسة مجلس الوزراء غد الجمعة وبقرارات مهمة تصدر عنه في ما يخص موضوع الارتفاع المتزايد لأسعار صرف الدولار الأميركي واشارته الى استيائه من التعاميم التي يصدرها مصرف لبنان بمعزل عن التنسيق مع الحكومة.

واعتبرت المصادر ان الخلاف بين الرئاستين الأولى والثالثة وتفاعله على هذا النحو في الجلسة وخارجها وما صدر بعدها عن الامانة العامة لمجلس النواب، مرده الى استياء رئيس المجلس من تماهي رئيس الحكومة مع توجهات العهد ورئيس التيار العوني جبران باسيل في تنفيذ خططهم ومطامحهم بوضع اليد على إدارات ومراكز الدولة وتسهيل تمرير المصالح الشخصية الخاصة كما حصل في موضوع الكهرباء مثلا وبالموافقة على العديد من قرارات مشاريع القوانين العائدة لهما، في حين يفترض أن يتجنب هذا الانحياز الفاضح للعهد ويمارس صلاحياته ومهامه من موقعه للحكومة على مسافة واحدة لانقاذ البلد من الازمة الاقتصادية والمالية والتخفيف من وقعها على الناس وإبقاء مؤسسات الدولة ومواقعها بمعزل عن الاستئثار لأي طرف كان، وتوقعت أن تنعكس الاجواء التصادمية التي حصلت سلبا على مسار الحكومة إن لم تزيدها شللا وعجزا في ممارسة مهامها والقيام بما هو مطلوب منها.

رمي مسؤولية الأزمة على السياسات السابقة فاقم من الصعوبات على أرض الممارسة

واشارت المصادر الى كلام دياب عن اثارة رئيس الحكومة لموضوع التنسيق بين المصرف المركزي والحكومة في موضوع التعاميم التي يصدرها المصرف تباعا لمعالجة موضوع تدهور العملة الوطنية وقالت: انه لطالما يطلع حاكم المصرف المركزي المسؤولين على الاوضاع المالية والنقدية في اللقاءات والاجتماعات التي تحصل لهذا الامر، إلا ان اصدار هذه التعاميم هي من ضمن صلاحياته التي ينص عليها قانون النقد والتسليف.

وكشفت المصادر عن علاقة مباشرة لمواقف رئيس الجمهورية ميشال عون التي أعلنها الاسبوع الماضي في معرض دفاعه عن الحكومة واتهامه “السياسيين الذين انتهكوا الدولة بوصول الدين العام الى ٩٢ مليار دولار” بمسؤوليتهم عن الأزمة المالية والاقتصادية، في توتير الاجواء بين الرئاستين الأولى والثالثة، باعتبار ان رئيس الحكومة لم يعترض على كلام عون هذا الذي شمل كل الطبقة السياسة ومن ضمنهم وزراء حركة امل وتيار المردة المشاركين في الحكومة، بل أكثر من ذلك فقد تبنى دياب منذ البداية خطاب التيار العوني ضد خصومه السياسيين خارج الحكومة وكان هذا خطأه الكبير في الانقلاب على شعار الإنقاذ الذي اختاره لحكومته وانحيازه لسياسة التيار العوني، ما ادى الى تعميق حالة التباعد والخصام مع القوى السياسية المعارضة للحكومة، في حين كان من المستحسن بقاءه على مسافة معقولة من التيار العوني وتفادي الانزلاق للتصادم المبكر مع المعارضة لاجل اتاحة المجال للحكومة للعمل باجواء هادئة ومؤاتية نسبيا.

ومن وجهة نظر المصادر السياسية المذكورة فان تكرار دياب لرمي مسؤولية الأزمة على السياسيات السابقة، كان هدفه أيضا التهرب من فشله في الالتزام بوضع الحلول للأزمة المالية والاقتصادية بعدما لمس صعوبة هذه المهمة على أرض الواقع وعدم قدرته على متابعتها.