كتب محمد شقير في صحيفة “الشرق الاوسط”:
قال مصدر نيابي بارز إنه يجهل الدوافع التي أملت على رئيس الحكومة حسان دياب أن يُقحم نفسه في خلاف مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يصنّف بين الأوائل الداعمين للحكومة، وكان له الفضل في تأمين النصاب للتصويت على نيلها الثقة وتواصل مع زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط متمنياً عليهما الطلب من نوابهما الحضور إلى المجلس لهذا الغرض.
ولفت المصدر النيابي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الرئيس بري تدخّل لدى النواب في مستهل الجلسة التشريعية الأولى وأقنعهم بحذف تلاوة الأوراق الواردة حرصاً منه على تحييدها عن تبادل السجالات بين الموالين والمعارضين. ورأى المصدر أن الرئيس دياب لم يكن مضطراً للتوجّه إلى الرئيس بري فور رفعه الجلسة لعدم توافر النصاب بهذه اللهجة غير المألوفة في تعاطي السلطة الإجرائية مع السلطة التشريعية لجهة طلبه عقد جلسة مسائية لإقرار مشروع قانون معجّل بفتح اعتماد بقيمة 1200 مليار ليرة لمساعدة الصناعيين والمزارعين وتأمين شبكات الأمان.
وقال المصدر النيابي إن رد بري على دياب كان في محله باعتبار أن أحداً لا يفرض شيئاً على النواب، وسأل ما الجدوى من التغريدة الشعبوية لنائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر التي أملت فيها أن يدحضوا مقولة: لا حقوق للناس دون الزعماء؟ ومع أن عكر حاولت تلطيف موقفها لجهة تمريرها رسالة بالواسطة بأنها لم تقصد الرئيس بري، وأتاها الجواب بأنه لا يُسمح بالتعرض للنواب بهذا الأسلوب.
وسأل المصدر، لماذا تجاهل دياب لإقرار النواب 5 مشاريع قوانين بصفة المعجّل المكرر مع أن رئيس المجلس أحالها فوراً على الهيئة العامة من دون أن يحيلها على اللجان النيابية؟ وقال إن مشكلة رئيس الحكومة تكمن في أنه لم يتعرّف حتى الساعة على بري كرئيس للبرلمان وكشخص في آن معاً. كما سأل، لماذا امتنع دياب عن لقاء بري والتنسيق معه قبل انعقاد الجلسة مع أن رؤساء الحكومات السابقين اعتادوا على التشاور، وهل مثل هذه اللقاءات التشاورية تشكل من وجهة نظره خرقاً لمبدأ الفصل بين السلطات؟ وقال المصدر نفسه إن تطيير النصاب يجب ألا يؤدي إلى اشتباك سياسي بين دياب وبري الذي يحرص أكثر من بعض المشاركين في الحكومة على توفير الدعم لها، ولفت إلى أن رئيس المجلس هو الأقدر على تجاوز المشكلة، خصوصاً أنه سبق له وطلب من نوابه عدم الرد على ما قيل في السابق بأن دياب لن يزور عين التينة وقد سبق له وزار بري مرات عدة وبات على الأخير أن يرد له الزيارة.
وعزا طلب بري من نوابه إلى أنه لا يودّ الدخول في سجالات، وأن هناك ضرورة لتوحيد الجهود لمواجهة انتشار وباء فيروس «كورونا»، وأكد أن بري لن ينجر لخوض معارك جانبية، وأنه كان على حق بدعوته إلى تشكيل حكومة سياسية مطعّمة بوزراء تكنوقراط لمواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية، وهذا قبل انتشار وباء «كورونا»، فكيف هو الوضع الآن بعد انتشاره؟
واعتبر المصدر أن المشكلة تعود بالأساس إلى تشكيل حكومة من مستشارين وأخصائيين ليس لديهم إلمام باللعبة السياسية، وقال إن المسؤولية تقع على عاتق دياب لجهة مبادرته إلى إعادة النظر في تعاطيه مع السلطة التشريعية إلا إذا كان هناك من المستشارين من يروّج لمقولة: الخلاف معها يلقى تأييداً من «الحراك الشعبي!».
ويسأل المصدر النيابي عن دور رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير السابق جبران باسيل ومعه عدد من الوزراء والمستشارين الذين يقومون بحملات التحريض، مؤكداً في نفس الوقت أن اتهام باسيل ليس من باب التحامل عليه، وهناك من المعطيات ما يدعم الاتهام.
ورأى المصدر أن بري لا يزال يدعم الحكومة، لكن هذا لن يمنعه من مصارحتها في حال أوقعت نفسها في أخطاء، وقال إنها لا تزال تتخبط وهي تعكف حالياً على إعداد ورقة الإنقاذ المالي. وقال إن تصحيح العلاقة بين الحكومة والبرلمان يقع على عاتق دياب الذي لم يكن مضطراً لخوض معركة مجانية إلا إذا كانت مطلوبة بالنيابة عن الآخرين.