Site icon IMLebanon

منعوه من البيع فطعن نفسه… من يحمي المواطنين من الموت جوعاً؟

كتبت مريم سيف الدين في صحيفة “نداء الوطن”:

بعدما أقدمت شرطة اتحاد بلديات الضاحية بمؤازرة عناصر من قوى الأمن الداخلي على نزع عربة الخضار التي يعتاش منها، لم يجد صاحبها مهرباً من بؤسه سوى بطعن نفسه في عنقه. ومن حسن حظّ محبيه أنّ الطعنة لم تكن قاتلة ولم تتح لمن ضاقت به سبل العيش الهرب من الواقع الإقتصادي السيئ الذي يهدّد حياة اللبنانيين، وينذر بانفجار إجتماعيّ خطير.

وقعت الحادثة بعد ظهر أمس، على طريق الأوزاعي، في وقت تستمر فيه الحكومة بالمماطلة بالإيفاء بتعهدها دعم الأسر الأكثر فقراً، والتي فقدت دخلها نتيجة إجراءات التعبئة العامة الهادفة الى الحد من انتشار الوباء. ففي حين تحرص الحكومة على إظهار نجاحها في الحد من عدد ضحايا الوباء، لا تكترث لعدد ضحايا الإجراءات التي اتخذتها من دون تقديم أية مقومات لصمود الفئات الأكثر تهميشاً، كذلك لا تكترث لضحايا الأزمة الإقتصادية. ولا يبدو أن الحكومة تسعى لإيجاد حلول فعلية لها، فيما تماطل في دفع المبلغ الذي تنتظره آلاف العائلات، والذي بالكاد تساوي قيمته المئة دولار للأسرة التي تعطّل ربها عن العمل منذ أكثر من شهر.

بعد نحو ساعة من وقوع الحادثة أمس، تبدو الحياة في منطقة الأوزاعي شبه طبيعية. تسجل خروقات كثيرة في إجراءات التعبئة العامة التي دفعت للتشدد مع البائع وطعنه نفسه. فمعظم المحال “مغلقة” لكنها مستمرة في عملها، وحركة البيع والشراء مستمرة وواضحة. تجاوزت المنطقة بسرعة صدمة الحادثة، فلربما اعتادت على حوادث مشابهة، ولربما تنتظر المزيد منها.

يروي أحد العاملين بالقرب من مكان الحادثة لـ”نداء الوطن” أن البائع وبعد أن لاحقته القوى الأمنية عمد إلى طعن نفسه في عنقه، فجرى نقله إلى المستشفى. ويطمئن مصدر أمني عبر “نداء الوطن” أن البائع في حال جيدة وهو في مستشفى الزهراء. ويبدو المصدر منزعجاً من تحميل مسؤولية الحادثة لقوى الأمن الداخلي، إذ يشدّد على أن عناصرها كانوا يؤازرون شرطة اتحاد بلديات الضاحية أثناء إزالتها العربات عن الطريق “وتطبيق القانون”. ولدى سؤاله عن اضطرار أشخاص للبيع على العربات بحثاً عن سبيل للبقاء في ظلّ الأزمة الصعبة، لا يخفي المصدر وجود صعوبة نتيجة الوضع الإقتصادي القائم، لكنه يعتبر أن واجب القوى الأمنية تطبيق القانون، “فلا يمكن ترك الأمور للفوضى. ونحن نطبق القانون في وضع إقتصادي صعب”.

وفي وقت تواصل فيه الليرة انهيارها في مقابل الدولار، يبدو من المرجّح أن يتكرّر مشهد الأمس. بل وربما ستتكرّر حوادث أكثر مأسوية. في ظل هذا الواقع يكتفي وزراء في الحكومة بالطلب من المواطنين العيش بالحد الأدنى، ويتكاسلون عن إيجاد حلول فعلية.