Site icon IMLebanon

بري محاصر و”الحزب” لا يبالي!

بانتظار ما سيُعلَن عنه رسمياً اليوم بشأن نتائج التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 4، تتجه الأنظار غداً إلى مجلس الوزراء لتتبّع الخطوات التنفيذية الجديدة لخطة الإطباق على السلطة بقبضة شمولية تستهدف خنق كل صوت معارض في البلد. وإذا كان العهد العوني عاد عملياً بعقارب الزمن إلى العام 1989 لاستنساخ “حرب إلغاء” جديدة تستهدف إقصاء كل القوى المعارضة عن المشهد السياسي تحت “سيف” الإصلاح ومكافحة الفساد، واضعاً تحت مقصلته رؤوساً كبيرة في التركيبة السياسية من وزن سعد الحريري ووليد جنبلاط، فإنّ نبيه بري على ما يبدو من مجريات الأحداث ليس بعيداً عن دائرة هذا الاستهداف على وقع محاصرته داخل الحكومة من قبل الفريق العوني، وسط علامات استفهام بدأت ترتسم لدى أوساط سياسية معنيّة حول أبعاد تغاضي “حزب الله” عن استهداف “توأمه” في الثنائية الشيعية ولا مبالاته إزاء عملية “تخضيع” بري حكومياً، في سياق يبدو فيه الحزب كمن حسم خياره في اعتبار الفرصة مؤاتية للانقضاض على مفاصل الدولة، مغلباً بذلك أجندته الاستراتيجية على ما عداها من اعتبارات وخصوصيات داخلية للمضي قدماً نحو فرض سطوته على المنظومة الحاكمة تحت غطاء دستوري تؤمنه له الرئاستان الأولى والثالثة بتركيبتهما الحالية… بينما الرئاسة الثانية بالنسبة إلى الحزب “تحصيل حاصل”.

وفي وقت بدأ الجوع يتآكل الناس ويدفعهم إلى قطع الطرقات كما حصل أمس، شرقاً وغرباً، في العاصمة وعدد من المناطق احتجاجاً على غلاء الأسعار وتحليق الدولار الذي حاول حاكم المصرف المركزي رياض سلامة ليلاً لجم ارتفاعه فارضاً سقف الـ3200 ليرة على الصيارفة للالتزام به كحد أقصى في سعر صرف السوق، برزت على صعيد المعركة الحكومية مع سلامة دخول كنسي على خط مؤازرة “الحاكم” مقابل ما يشبه التأنيب لرئيس الحكومة حسان دياب من خلال إعراب البطريرك الماروني عن رفض إقدام دياب على هذا “الشَّكل الاستهدافي الطاعن بكرامة الشَّخص والمؤسّسة التي لم تعرف مثل هذا منذ إنشائها في عهد الرئيس فؤاد شهاب”، متسائلاً: “هل هذا النَّهج المُغاير لنظامنا السياسي اللبناني جزء مِن مخطّط لتغيير وجه لبنان؟”. في حين سارع رئيس “التيار الوطني الحر” إلى إسناد رئيس حكومته في مواجهة البطريركية المارونية من خلال انتقاده “المحميات الطائفية” وتحذيره “المرجعيات الدينية العليا” من السعي إلى “تأمين الحماية باسم الطائفة للمرتكبين”.

وعلى إيقاع إطلالة باسيل التي صوّب فيها على “العقلية السياسية المريضة” وطوّب نفسه ديّاناً ومسؤولاً عن محاسبة الفاسدين والسارقين والناهبين في “المنظومة” الحاكمة منذ التسعينات متوعداً بمحاكمات وملاحقات قضائية لسدّ “الثقب الأسود” في المالية العامة، واصلت الأمور مسارها التصعيدي على مستوى المواجهة السياسية المحتدمة بين الحكومة وخصومها لتبلغ نهاية الأسبوع مستويات غير مسبوقة من التراشق الناري لا سيما بين “التيار الوطني الحر” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” و”المستقبل”، إذ بحسب المعارضين فإن كلام باسيل كشف أن الحكومة تأتمر “بأجندته الكيدية الانتقامية”، مطالبين إياه، امتثالاً لقاعدة الإصلاح واستعادة الأموال المنهوبة من الخزينة العامة، بإعادة “أكثر من 48 مليار دولار أهدرها من مالية الدولة في قطاع الكهرباء” فضلاً عن مطالبته، تماشياً مع تشديده على وجوب “إلزام جميع الأشخاص الذين تبوّؤا مراكز سياسية او اداريّة او قضائيّة او عسكريّة اعادة جميع الأموال المحوّلة بناءً لطلب منهم الى الخارج” بأن يبدأ من “استعادة ملايين الدولارات المهرّبة من لبنان في العام 1989، لا سيما تلك التي تم تقاضيها من صدام حسين أو تلك التي تم الاستحصال عليها من جيوب الناس إبان حربي التحرير والإلغاء ثم تم تهريبها لاحقاً إلى فرنسا”.

وإذ رأى “تيار المستقبل” في كلام باسيل “ما يثير السخرية لناحية دعوته اللبنانيين وأهل السياسة والاقتصاد الى اتخاذه مثالاً يجب الاقتداء به في الشفافية والنزاهة وحسن السيرة والأداء” معتبراً أنّ في تطابق عبارات “الخطاب الانتقامي” لكل من دياب وباسيل ما يعزز الانطباع بأنّ عون مصمم على “اقتلاع الحريرية” وأنّ هناك “غرفة واحدة تنشط على خط الانقلاب الجاري على صورة غرفة العمليات التي انشئت في بعبدا العام 1998″، استرعى الانتباه مساءً تشديد رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” على كون “العماد عون استأنف سياسة الإلغاء التي بدأها عام 1988″، مذكراً عبر قناة “العربية” بأنّ “التيار الوطني الحر كان ميليشيا في لبنان”. وبينما شدد على أنّ رئيس الحكومة حسان دياب هو فعلياً “لا شيء إنما “حزب الله” والتيار الوطني يحركان الحكومة اللبنانية”، لوحظ أنّ جنبلاط رفع جهوزيته إلى مستوى التصدي لـ”حزب الله” من خلال قوله: “لن نقبل بإلغائنا من قبل “حزب الله” أو غيره”، مؤكداً أنّ “لبنان لا يسيطر على حدوده ومطاره وموانئه وسنقاوم سلمياً وديموقراطياً”.