IMLebanon

مقاربة قانونية لـ”تدابير المسودة”

بحسب المعلومات فإنّ البنود الاخرى في المسودة، والمتعلقة بالتدقيق في الحسابات، آليتها المقترحة مُلتبسة. وعلى ما يقول مصدر وزاري معني بهذه المسألة: «كأنك أمام هيئة اتهامية، تضع الجميع من مسؤولين وغير مسؤولين وموظفين في القطاع العام حاليين وسابقين في موقع الاتهام، من دون اي اثبات او أدلة، ومن دون ان تكون قرينة البراءة موجودة. وأخطر ما في هذا التوجّه هو محاولة الدخول الى تهمة معيّنة عبر الامور الضرائبيّة والماليّة، هذه مسألة شديدة الخطورة».

الى ذلك، وفي تقييم للمسودة المطروحة امام مجلس الوزراء اليوم، قال مرجع قانوني لـ«الجمهورية»: في المبدأ، على الحكومة اتخاذ اي إجراء تراه مناسباً استناداً الى التشريعات والقوانين النافذة، وليس بوسعها لأيّ سبب كان استباق التشريعات وبدء العمل بمضمونها، لا سيما اننا لسنا امام ظروف استثنائية تحول دون انعقاد المجلس النيابي، الذي يقوم بدوره التشريعي والرقابي كاملاً، والدليل على ما تقدّم، الجلسة التشريعية التي انعقدت خلال الاسبوع الماضي في قصر الاونيسكو.

وقاربَ المرجع التدابير الثمانية الواردة في المسودة كما يلي:

– التدبير الاول، يتعلق بالتحقيق الضريبي الداخلي، عبر الطلب الى وزير المالية تكليف الجهات المختصة في وزارته أو مَن ينتدبه، بإجراء تحقيق ضريبي يطال جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين أجروا مع الدولة اللبنانية أو المؤسسات العامة أو البلديات عقوداً أو التزامات… حيال هذه التدبير يقول المرجع القانوني: «لمجلس الوزراء حَثّ أي وزارة على القيام بالموجبات القانونية المُلقاة على عاتقها، ولكن ليس لمجلس الوزراء خلق موجبات غير منصوص عليها في القوانين النافذة، ومن ضمنها تكليف الاشخاص الطبيعيين او المعنويين مع الادارة بإبراز حساباتهم المصرفية».

– التدبير الثاني، يتعلق بالتحقيق الضريبي الخارجي، وحياله يقول المرجع: «هناك آليّات لتبادل المعلومات الضريبية منصوص عليها بموجب القانون 55/ 2011، وطلب الحصول على المعلومات يجب ان يحصل ضمن الآليات القانونية وتحت رقابة القضاء».

– التدبير الثالث يتعلق بالتحقيق المحاسبي، عبر تكليف أحد أهم المكاتب الدولية المتخصصة في التحقيق المحاسبي للتدقيق في جميع العقود، من أي نوع كانت (مناقصة، التزام، إتفاق بالتراضي…)، وحياله يقول المرجع القانوني: «انّ التدقيق المحاسبي في الدولة اللبنانية مُناط حصراً بديوان المحاسبة عملاً بأحكام الدستور اللبناني، والاستعانة بمكاتب تدقيق متخصّصة خارجية او محلية تحتاج الى قانون على ان تكون عمليات التدقيق لديوان المحاسبة، ودور المكاتب الخارجية هو تقديم المساعدة التقنية».

– التدبير الرابع يتعلق بتطبيق المادة 4 من قانون الإثراء غير المشروع، عبر إعداد لائحة بأسماء الوزراء والنواب بمن فيهم أولئك الذين انتهت ولايتهم لأيّ سبب كان خلال السنوات الخمس الأخيرة، ومن ثم التحقق من تقديم التصاريح التي أوجَبتها المادة الرابعة من قانون الإثراء غير المشروع عند تولّي المهام الوزارية والنيابية وبعد الانتهاء منها. وكذلك الطلب إلى كافة الوزارات والإدارات إعداد لائحة بأسماء الموظفين والقائمين بخدمة عامة ضمن ملاكها، بمَن فيهم أولئك الذين انتهت خدماتهم لأيّ سبب كان خلال السنوات الخمس الأخيرة، ومن ثم التحقق من تقديم التصاريح التي أوجَبتها المادة الرابعة من قانون الإثراء غير المشروع عند تَولّي الوظيفة أو الخدمة العامة وبعد الإنتهاء منها.

– التدبير الخامس يتعلق بتطبيق المادة 12 من قانون الإثراء غير المشروع، عبر المباشرة بجمع المعلومات وإجراء مسح شامل حول جميع الشخصيات التي شغلت أو تشغل حالياً مناصب وزارية ونيابية خلال السنوات الخمس الأخيرة وأفراد عائلتها (الزوج – الزوجة – الأولاد)، كمرحلة أولى وإعداد تقارير مفصّلة حول مظاهر ثروتها.

– التدبير السادس المتعلق بتطبيق المادة الخامسة من قانون السريّة المصرفيّة.

حيال التدابير الرابع والخامس والسادس يقول المرجع القانوني: «انّ تطبيق هذه القوانين امر مهم جداً، شرط ان يأتي التطبيق للقانون بحسب قانون الاثراء غير المشروع او قانون السرية المصرفية، كما ورد، وليس بالنظر الى التعديلات المقترحة».

والى جانب كلام المرجع القانوني، ثمة من يسأل لماذا فقط عن السنوات الخمس الاخيرة وليس عن كل السنوات التي قبلها، الا اذا كان المقصود عدم المَس بوزراء او موظفين مَحظيين؟

– التدبير السابع المتعلق بالرقابة المؤخرة لديوان المحاسبة، وحياله يقول المرجع القانوني: «يجب تطبيقه بما لا يتعارض مع صلاحيات ديوان المحاسبة».

وخَلص المرجع الى القول: هذه التدابير تنطوي على الحَث على القيام بإجراءات محددة في القوانين، ومنها: الاثراء غير المشروع، السريّة المصرفية، حماية كاشفي الفساد، تبادل المعلومات بخصوص التهرب الضريبي، وهي تشّكل موجبات على عاتق الادارات المعنية بتطبيقها، ومن صلاحيات وموجبات مجلس الوزراء الحَث على الالتزام بها.

اضاف: أمّا التدابير التي تنطوي على موجبات غير مَنصوص عليها في القوانين النافذة حالياً، مثل تقديم كشوفات حسابات بالجملة من قبل كل من تَولّوا مهاماً قيادية في الشأن العام، وتكليف مكاتب دولية للتدقيق في العقود وفق جداول قد تشمل إجراءات لا يتيحها القانون، فإنّ هذه التدابير لا تدخل ضمن صلاحيات مجلس الوزراء. ولا بد، اذا كان لا بد منها، من الرجوع الى مجلس النواب لإقرارها بقوانين، او لإنشاء لجان تحقيق برلمانية تقوم بها مُستعينة بمَن تشاء من الموظفين والمتقاعدين ومكاتب التدقيق مع صلاحية استجوابية واستماعية واسعة.