كتبت مريم سيف الدين في صحيفة “نداء الوطن”:
من دون التفكير بإجراءات تراعي وضع الطلاب المادي والنفسي، اتخذت الحكومة القرار بإعادة فتح الجامعات في المرحلة الرابعة من إعادة فتح القطاعات، والتي تنطلق في 25 أيّار. وكأنّ المطلوب إنهاء العام الدراسي كيفما كان وبمن استطاع العودة إلى الجامعة، وكأنّ الحكومة غير مكترثة بمستقبل كثير من الطلاب وبصحتهم النفسية. إذ بدأ يعبّر طلاب عن عدم قدرتهم على العودة إلى جامعاتهم نتيجة عجزهم عن تحمل حتى كلفة النقل، والتي ارتفعت بالتزامن مع فقدان الكثير منهم مصادر دخلهم وتآكل رواتب من استمر من الأهل في عمله. ويبدو أن التعليم بات من الكماليات لدى من يعجز عن تأمين قوت يومه. بمقابل ذلك يتفاجأ مستشار وزير التربية والتعليم، ألبير شمعون، لدى سؤال “نداء الوطن” عما إذا كانت الوزارة قد طرحت أو درست فكرة تقديم مساعدات نقدية للطلاب الأكثر حاجة، علهم يستطيعون إكمال العام الدراسي. ويؤكد شمعون أن لا معطيات لديه عن طرح كهذا.
أما وزير التربية والتعليم، فيبدو بعيداً عن الإعلام، وكأنه لا يحب الإجابة عن الأسئلة التي تطرح قضايا الناس فتقلق راحته. وللأسف لم نتمكن من خط رسالة كتلك التي خطّتها الطفلة آية جابر ووجهتها للوزير لدى استلامه منصبه، عله يجيبنا عن أسئلتنا ويفاجأنا بزيارة يعمم خبرها عبر الإعلام ليقنعنا بأنه قريب من هموم الطلاب. وننقل معاناة الطلاب على أمل أن تصل إلى الوزير علّه يفكّر بحالهم ويحثّ مجلس الوزراء على إقرار مساعدات تعينهم على الإستمرار. إذ يشكل طلاب الجامعة الشريحة التي يفترض أن تنهض بالمجتمع وأن لا يتخلى عنها الأخير، تحديداً في الأزمات.
ويعبّر العديد من الطلاب لـ”نداء الوطن” عن قلقهم من الأعباء المادية التي ستشكّل تحدّياً أمام عودتهم إلى الجامعة والضغط النفسي الناجم عنها وعن ضغط الدروس. إذ سيواجه هؤلاء لدى عودتهم غلاء كلفة الطباعة والقرطاسية وحتى غلاء المنقوشة التي يسدّ بها الطالب الأفقر جوعه. كذلك سيواجه الطلاب الضغط النفسي والمادي الناجم عن انتشار فيروس “كورونا”، خصوصاً في كليات الجامعة اللبنانية التي تشهد اكتظاظاً، وتفتقد حماماتها إلى الصابون والمواد المعقمة.
تشكو الطالبة ليلى عيسى من ارتفاع كلفة بدل النقل، “فالفان الذي ينقل الطلاب من النبطية إلى صيدا رفع تعرفته، فبات على الطالب دفع 6000 ليرة للتنقل من وإلى الجامعة، ومن يسكن بعيداً عن الخط العام عليه أن يدفع كلفة إضافية”. تروي عيسى بأن رفيقتها أبلغتها قرارها التوقف عن الذهاب إلى الجامعة لعدم قدرة أهلها على تأمين الكلفة، “فهم بالكاد يؤمنون كلفة الطعام. الفكرة الأساسية أن أهلنا باتوا يقبضون ربع رواتبهم، وهو ما يعني أن في كل صفّ طلاباً باتوا عاجزين عن التوجه إلى الجامعة، هي أكبر مشكلة نواجهها”.
وفي حين يشددّ وزير الصحة على ضرورة الوقاية، من دون التفكير في توزيع مستلزمات الوقاية على الأكثر حاجة، تؤكد الطالبة بأنها وزملاءها لن يتمكنوا من شراء سائل التعقيم، “فأرخص عبوة سعرها 5000 ليرة”. من جهتها تطرح الطالبة نور حطيط مسألة سكن الطلاب. فحتى اليوم لا تعرف حطيط إن كان صاحب الملك سيعفيها من دفع الإيجار عن المدة التي عطلتها، وتخشى من احتساب الأجرة وفق سعر صرف الدولار. وكانت حطيط قد طردت من مجموعة صفها على “الواتساب” والتي ترسل عبرها الدروس، بسبب تأييدها لانتفاضة 17 تشرين.
وتحتجّ طالبة ثالثة، لديها أيضاً رفاق لن يتمكنوا من التوجه إلى الجامعة بسبب الأزمة الإقتصادية، على الطريقة التي يُعامَل بها الطلاب، إذ لا تتم مراعاة أوضاعهم النفسية ولا قدرتهم كطلاب، وتقول: “نُعامَل وكأننا كومبيوتر، علينا الخضوع لإمتحانات في مواد الفصل الأول التي درسناها قبل الحجر، ومن ثم امتحانات نهاية الفصل الثاني”. ودفع الضغط النفسي اللاحق بالطالبة التي ترى “العالم ينهار من حولنا” إلى حذف التطبيقات التي تعطى الدروس عبرها. فالطلاب الذين يشكون من أداء الأساتذة في الصف يشكون من تجربة التعليم عن بعد والتي يعترف أساتذة كثر بفشلها.
وقد بدأ صوت الطلاب يعلو احتجاجاً على الصعوبات التي تواجههم وبدأت مخاوفهم تكبر، فيما يرجّح بعضهم أن لا تسمح الأحداث الأمنية بعودتهم قريباً إلى الجامعات. ويتحضر بعضهم الآخر للنزول إلى الساحات.