IMLebanon

تحركات الشارع بلا دعم سياسي.. والفوضى تملأ فراغ الدولة

حضر الغضب في شوارع لبنان خلال اليومين الماضيين فجأة، مدفوعاً بالحاجة والجوع والفقر، وبغياب أي جهة سياسية داعمة عملياً لتلك التحركات، بحسب ما تقول مصادر أمنية وسياسية، فيما تشير الأخيرة إلى أن التوترات التي ملأت الشارع، وطالت فروع المصارف والأملاك العامة، خارج أي توجيه سياسي بسبب غياب أحزاب المعارضة عن مشهد عفوي يملأ الشوارع، «ولا يمكن معالجته إلا بالحل السياسي».

وسيطر الهدوء الحذر على مدينة طرابلس أمس، بعد مواجهات محتدمة اندلعت ليل الثلاثاء بين متظاهرين والقوى الأمنية، وأسفرت عن سقوط 47 جريحاً، بينهم 4 عسكريين. واستمرت المواجهات حتى منتصف الليل، حيث تواصل إحراق فروع المصارف وتكسير واجهاتها، كما جرى رشق منزل رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي بالحجارة. كما تعرّضت واجهات فروع المصارف في صيدا في جنوب لبنان للتكسير.

وأوضحت مصادر في طرابلس أن هناك مجموعة عوامل انكشفت إثر الأزمة الأخيرة، أولها ألا أمن اجتماعياً في المدينة، وهو العمود الفقري للأمن والاستقرار فيها، ويساعد القوى الأمنية والجيش في الحفاظ على النظام العام وحماية الأملاك العامة والخاصة. أما العامل الثاني فهو غياب المرجعية السياسية في المدينة. وأشارت المصادر إلى أن الوزير الأسبق رشيد درباس بادر إلى اجتماع لجمع فعاليات المدينة، وجرى الاجتماع وتم تكليف اللواء أشرف ريفي بمتابعة الاحتياجات وخطة دعم الناس وتمكينها لرفع الحرمان، لكن المقررات بقيت حبراً على ورق ولم يتم تنفيذ أي شيء منها.

أما العامل الثالث فيتمثل في غياب الدولة التي لم تقدم أي مشاريع ولا أي خطة إنقاذ بعد سنوات على الحرب والتوترات والتجاوب مع الخطة الأمنية التي نفذت في عام 2014، وبقي الجميع يتعاطون مع طرابلس على أنها أشبه بريف وليس عاصمة لبنان الثانية.

وتؤكد المصادر أن غياب كل تلك العوامل المساعدة على النهوض بالمدينة، سهل «حضور الفوضى» التي ملأت هذا الفراغ، لكن المصادر أكدت أن الذين تحركوا هم مجموعات جائعة ومحبطة، لا تمتلك فرص عمل، تحركت من غير أن تسيّرها أي جماعة، مشددة على أنه «لا أجندة لتلك المجموعات»، نافية أن تكون الأحزاب المعارضة وراء التحركات لتوجيه الرسائل ضد الحكومة. وقالت المصادر إن طرابلس بعد 17  تشرين الأول «لا تمثلها أجندة واحدة، فهناك مشاركة عفوية واسعة، ولا وجود لتوجيه حزبي حتى الآن» من غير أن تستبعد محاولة بعض الأحزاب ركوب الموجة لاحقاً.

وظهر من المعالجة الأمنية والعسكرية للتطورات، أن هناك خطوطاً حمراء فرضتها قوى حفظ النظام تتمثل في منع إقفال الطرقات وعدم التعدي على الممتلكات، لكن في سياق آخر استخدمت القوى الأمنية القوى الناعمة ومحاولات الإقناع، وهو ما ظهر في توزيع الكمامات في منطقة الرينغ في بيروت من قبل قوى الأمن على المتظاهرين، ولفتت المصادر إلى أن القوى الأمنية «نفذت خطة لاستيعاب الحدث واحتوائه، من غير الاصطدام مع المحتجين». فالقوى الأمنية على قناعة بأن الحل سياسي وليس أمنياً.