كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
خرج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بمؤتمر صحافي يدافع عن نفسه بعد مضبطة الإتهام التي ساقها بحقه رئيس الحكومة حسان دياب، لكن سلامة لم “يبق البحصة” بل اكتفى بسرد أخبار ووقائع كان قد قالها في وقت سابق.
أراد دياب توجيه رسالته القاسية وتأنيب سلامة بعد جلسة مجلس الوزراء الجمعة في بعبدا وليس في السراي، لكنّ أمراً مريباً قد حصل في الساعات الماضية دفع إلى تخفيف اللهجة وتراجع القوى التي كانت تريد إقالة سلامة، فبعدما كانت هذه القوى تتفاخر قبل جلسة الجمعة الماضية بأنه سيكون لها الفضل الكبير بتطيير حاكم مصرف لبنان، ها هي تتسابق اليوم على إصدار بيانات توضيحية تؤكد فيها أنها لم تكن في وارد إقالة الحاكم.
وبما أن الوضع الإقتصادي والأمني يقضّ مضاجع اللبنانيين، فإن بعبدا تتابع التطورات الأمنية التي تحصل في عاصمة الشمال طرابلس، وكذلك التطورات الإقتصادية وخصوصاً بعد كلام سلامة بالأمس وردّه على دياب.
تُسارع بعبدا إلى رمي كرة نار حاكمية مصرف لبنان في يد دياب، إذ تؤكّد مصادر قريبة من بعبدا لـ”نداء الوطن” أنّ “القصر الجمهوري تابع مؤتمر سلامة لكنه لن يعلّق عليه حالياً لأنه ينتظر مزيداً من الإيضاحات والدراسة، فيما مسألة الردّ على سلامة تتعلّق بالرئيس حسان دياب الذي طلب من سلامة تفسيرات ومصارحة الرأي العام بما يحصل داخل مصرف لبنان”.
وتوضح أن “الوضع لا يحتمل تسرّعاً، فقد قال سلامة ما عنده وخرج إلى اللبنانيين ليتحدّث عن عمل مصرف لبنان ويبقى الموضوع عند دياب وإذا ما اقتنع بكلام سلامة أو سيطلب مزيداً من التوضيحات”.
وفي هذا السياق، تشير المصادر إلى أنّ “الرأي العام كان يطالب بمعرفة ماذا يحصل في مصرف لبنان، ولذلك فإن كلام سلامة بات في عهدة الرأي العام الذي يقرّر هو أيضاً إذا كان قد اقتنع أم لا”.
وتنفي المصادر أن “يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يريد إقالة حاكم مصرف لبنان، وهذا الأمر لم يتم عرضه للتصويت داخل جلسة مجلس الوزراء في بعبدا، وبالتالي فإن بعبدا تدرس كل الإحتمالات الواردة من أجل معالجة الملفات الخلافية وإيجاد حلّ للأزمة الإقتصادية”. وتعرف بعبدا أن الأزمة الإقتصادية تولّد الإحتجاجات في الشارع، خصوصاً أن رئيس الجمهورية قد أكد أهمية حماية الإحتجاجات السلمية، لكن ما يثير ريبة بعبدا إعتبارها أن هناك جهات مندسة تدخل بين المتظاهرين والجيش من أجل خلق الفوضى.
لا تريد بعبدا أن توجه سهامها باتجاه جهة معينة داخلية أو خارجية وتتهمها بأنها هي من تستغل الحراك الشعبي ومطالب الناس المحقة وسط الإرتفاع الهائل لسعر صرف الدولار، لكنها في المقابل تؤكّد أن جزءاً من الحل هو إقتصادي وهذا ما يحاول مجلس الوزراء إيجاده، في حين أن الحلّ الأمني هو في وجه المخربين ولا يستعمل ضد المتظاهرين السلميين الذين يطالبون بحقوقهم.
ويجري رئيس الجمهورية إتصالاته بقادة الأجهزة الامنية لضبط الوضع ومنع التفلت خصوصاً في عاصمة الشمال، وعلى رغم صعوبة الأمور إلا أن التأكيد هو أن الأجهزة الامنية ستقوم بواجباتها لحماية التظاهرات السلمية والحفاظ على الأملاك العامة والخاصة وعدم انحدار الوضع نحو الفوضى.
في المبدأ لا يوجد اجتماع للمجلس الاعلى للدفاع في الأيام المقبلة ويُستعاض عنه باتصالات مباشرة بين رئيس الجمهورية وقادة الأجهزة الامنية، لكن كل شيء وارد في حال تطوّر الوضع نحو الأسوأ.
يُطالب الشعب رئيس الجمهورية بالتحرّك على خط الأزمة الإقتصادية وإلا فالإنفجار الكبير سيحصل، لكن لا يوجد أي أمل في حال استمر الحكم بهذا الإرباك، وقضية الصراع مع حاكم مصرف لبنان أكبر دليل حيث لا يتأمل الشعب بأن يصل هذا الصراع إلى كشف الحقائق التي يطالب بها بل إن منطق “طمر” الحقائق هو الطاغي.