“هناك حملة على السنية السياسية وسنواجهها، والرئيس حسان دياب “مش قدها”. بهذا التصريح الناري الذي حرص على الادلاء به من على منبر دار الفتوى تحديدا، اختصر النائب نهاد المشنوق ما بين سطور الهجوم المركز الذي شنه رئيس الحكومة حسان دياب على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ما دفع البعض إلى القول إن رئيس الحكومة يخوض هذه الحرب في مواجهة الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل بالنيابة عن حزب الله وسائر رعاة الفريق الوزاري. غير أن الأخير يفضّل وضع الرئيس دياب في “بوز المدفع” لئلا يعطي إنطباعا واضحا لجهة كونه يخوض معركة مفتوحة ضد الحريرية السياسية ومن ورائها، السنية السياسية بطبيعة الحال.
وفي محاولة لقراءة ما سجله شريط أحداث الساحة المحلية منذ إنطلاق الحملة المركزة على حاكمية البنك المركزي، تلفت مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” إلى أن رئيس الحكومة لم يكتف بممارسة القنص المركز في اتجاه سلامة، بل إن مداخلاته في مجلس الوزراء لم توفر يوما المعسكر المعارض الذي يجهد اليوم تيار المستقبل لتأكيد كونه رأس حربته، تماما كما القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، وإن كانت هذه القوى تتريث حتى اللحظة في اتخاذ قرار العودة إلى تشكيل جبهة معارضة تواجه بها الحكومة والرئيس دياب، الذي ذهب أمس إلى حد التهويل بأن الأجهزة الأمنية تملك لائحة بأسماء من يحاولون العبث بالأمن تحت ستار الثورة.
على أي حال، فإن المصادر تنبه إلى أن حملة حزب الله وحلفائه هذه تتجاوز في أهدافها البعيدة المدى الهجوم على الحريرية السياسية إلى حد محاولة فرض ايقاعه ومعادلاته على النظام السياسي اللبناني، بعد رفع صوت الاحتجاج على النظام المصرفي والمالي، الذي عمل الرئيس الشهيد رفيق الحريري على إرسائه في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية. صورة لا شك أنها ترفع منسوب المخاوف إزاء احتمالات القضاء على الطائف ومنطق المناصفة، لصالح المثالثة التي تؤكد الشراكة الشيعية في القرار الرسمي اللبناني، بعدما سيطرت عليه طويلا ثنائية مارونية- سنية. غير أن المصادر تطمئن إلى أن الاجهاز على الطائف ليس بالأمر السهل في الوقت الراهن، ولا أحد يستطيع تحمل هذه المعركة، بدليل أن الرئيس الحريري فهم الرسالة جيدا وانبرى إلى تصعيد ذي نبرة حادة غير مسبوقة في مواجهة ثنائي العهد- دياب وحزب الله.