ملأت حكومة “مواجهة التحديات” فراغ غيابها عن ضبط اللعبة النقدية بتنفيذ سلسلة مداهمات لمحال الصيرفة في مناطق عدة محمّلةً اصحابها مسؤولية التلاعب بسعر صرف الدولار مقابل الليرة.
وعلى أهمية هذه الخطة التي بدأتها الحكومة ولو أنها تساهم قليلاً بتخفيف الضغط عن العملة الوطنية، الا أنها أتت متأخرة لمعالجة أزمة بدأت منذ نهاية أيلول الفائت وبلغت ذروتها إعتباراً من 17 تشرين الاول.
ومع إستمرار نقابة الصرّافين بإضرابها رفضاً لتحميلها مسؤولية رفع سعر صرف الدولار، سألت أوساط سياسية مراقبة عبر “المركزية “لماذا بدأت الان الحملة على الصيارفة في وقت كانت العملة الخضراء تتضاءل في السوق مع ما رتّبه ذلك من إرتفاع جنوني في أسعار السلع الاستهلاكية؟ لماذا باشرت الان حملة التعقب للصيارفة المخالفين وغير الشرعيين الذين يتلاعبون بأسعار الدولار مقابل الليرة؟ ولماذا لم تقدم السلطة على هذه الخطوة من قبل ولماذا لم تبادر الى الاجراءات بعد 17 تشرين الاول”؟
وفي وقت لا يوفّر رئيس الحكومة حسّان دياب وفريق تكليفه مناسبة الا ويتحدّثون فيها عن “مؤامرة” تُحاك في الغرف السوداء من جانب من باتوا خارج السلطة ويدّعون المعارضة على حدّ تعبيرهم، إستغربت الاوساط السياسية عدم مبادرة الرئيس دياب الى إتّخاذ خطوات لضبط سعر الصرف ووضع حدّ لفلتان سعر الدولار لدى الصيارفة والذهاب بعيداً في كشف المتلاعبين والمتورّطين في اللعبة النقدية قبل نهاية فترة السماح المُحددة بمئة يوم، بدل إلقاء المسؤولية واللوم على الاخرين وإتّهامهم بالتلاعب بسعر الصرف ومن بينهم السلطة النقدية الممثلة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والقطاع المصرفي”.
ومع أن حاكم المصرف المركزي أفرغ ما في جعبته أمس من معطيات واضعاً أمام الرأي العام خريطة مزاريب خروج الدولار من البلد وتضاؤل إحتياطه في مصرف لبنان، داحضاً بذلك الاتّهامات التي سيقت ضده بأنه المسؤول عن الازمة النقدية في البلد ومصوّباً البوصلة نحو إتّجاهها الصحيح، لم تستبعد الاوساط “ان تكون الحملة التي بدأتها قوى الامن في اتّجاه الصرّافين بإيعاز من الحكوم ة هدفها السياسي”تجهيل” الفاعل الحقيقي وراء ما يجري خلف كواليس اللعبة النقدية بعدما باتت أوراقه مكشوفة، لذلك عمدت الحكومة الى تغيير وجهة البوصلة ووضع الصيارفة في قفص الاتّهام”.
وعلى رغم قراءتها هذه لاهداف الحملة على الصيارفة، تساءلت الاوساط عن توقيت الحملة الامنية ضدهم وأبعادها. و”هل ان إستمرار المداهمات لمحال الصيرفة وختم بعضها بالشمع الاحمر يُخفي في طيّاته “خلافاً” مستتراً بين الرئيس دياب وحزب الله، بعدما تبيّن ان بعض الصرّافين الكبار محسوبون على الضاحية ويتولون مهمات في الحزب، كما تشير معلومات متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع العلم أن لـ”حزب الله” علاقة جيّدة بقطاع الصيارفة الذي غالباً ما شكّل “منفذاً” له لتمويل نشاطاته بدلاً من القطاع المصرفي بسبب العقوبات المفروضة عليه”