IMLebanon

‪شباب النبطية الى الشارع ومطالب الناس في جعبتهم

كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:

شمّر شباب النبطية عن سواعدهم، دخلوا معترك الثورة من بابها العريض، عادوا الى الشارع مُجدّداً وفي جعبتهم ألف مطلب مُحقّ، والكثير من قهر الناس وعوزهم. فتحوا معركة المطالب على مصراعيها، فلم يعد أمامهم ما يخسرونه، فقدوا كل شيء، أحلامهم، أعمالهم، مستقبلهم، داهمهم الجوع باكراً، هو نفسه رماهم الى الشارع ليطالبوا بأبسط حقوقهم، صرخوا بأعلى أصواتهم “الوطن للعمال، ونحن العمال”.

بالأمس، خرج الشباب بكامل عدّتهم للمواجهة، هاتفين ببضعة شعارات تخدم مسار تحرّكهم، ووجهتهم مصرف لبنان في النبطية. لم يجد الشبّان، الذين بمعظمهم لم يتجاوزوا سنّ الثلاثين، خياراً آخر أمامهم سوى “الصراخ بصوت عالٍ”، معظمهم إما فقد عمله، وإما تآكل معاشه، وفي الحالتين يصطدم بجدار غلاء الأسعار، وصعوبة شراء أي سلعة. بصوت عال يتحدث محمود عن وجعه، يقول: “أنا بيي صار عاجز يجيب لحمة عالبيت، بيشتغل بخمسة آلاف يومية، صرنا متل الغرباء بهيدا الوطن، وما بدكن يانا نثور”.

تنزل كلماته كالصاعقة على الجميع وهو يكمل: “أنا شبّ وقفوني عن شغلي بسبب تدهور الأوضاع الإقتصادية، صرت إذا بدي روح إشتري أي سلعة أشعر بعجز عن دفع ثمنها، نحنُ مَنْ نواجه الأزمة والنواب في غفلة، يشاركون في حفلة الفساد”. صوت محمود هو واحد من سلسلة أصوات خرجت عن صمتها، وقفت أمام مصرف لبنان ليلاً تطالب بتغيير هندسات المال التي أوصلت الناس للموت جوعاً، لا يتأخر حسن عن القول: “أنا شاب بتّ عاجزاً عن تأمين مستقبلي، معاشي بات يوازي 200 دولار أميركي، والأوضاع زفت”.

من أمام مصرف لبنان في النبطية، كانت المواجهة الأولى للشباب، ممن حرّكهم التدهور المعيشي، وغلاء سعر كيلو اللحم الذي تجاوز الـ30 الفاً، أصواتهم تُخبر عن حجم معاناتهم، معاناة أهلهم، أطبق الغلاء على حياتهم، قد تتفاقم أكثر في الأيام المقبلة، لم يترك التلاعب بالدولار من شرّه أحداً، بات العدو المباشر لهم. يقول حسين إنه “لا يمكن التعامل مع الغلاء الفاحش على أنه حالة عابرة”، وبرأيه “من الصعب اعتبار ان تآكل المعاشات جزء من هندسة أزمة كورونا والدولار”، الحقيقة أن هناك ما يحاك لتدمير الفقراء، لتحويلهم سلعاً وربما صندوق بريد لتمرير الرسائل، وتناسوا أن العوز بات كحدّ السيف سيذبح كل من يقف في وجهه”.

غضبهم بدا واضحاً، شعاراتهم أيضاً، وُجّهت بمعظمها ضد حاكم مصرف لبنان، وصفوه بأبشع الصفات، يعتبرون المصارف سبب بلاء وطنهم، من هنا جاء تحرّكهم الأول في ظل كورونا أمام المصرف، ويبدو أنه لن يكون الأخير. كاد غضبهم أن يجرّهم لمواجهة مباشرة مع القوى الأمنية التي طوّقت المكان، لولا وعي بعضهم، ورفض انفلات تحرّكهم عن مساره، فالهدف المصرف وليس الجيش أو القوى الأمنية”، يقول دانيال في معرض إشارته الى أهداف تحركهم. يشدد الأخير على أنّ “الوجع والفقر من دفعنا للشارع، لا أحد يعلم بمعاناتنا اليومية، داخل محال الخضار حيث نصطدم بهستيريا الأسعار، أو في الملاحم حيث نتعرّض لصدمة قلبية من غلائها الجنوني، حتى الدجاج إرتفع سعره، ماذا نأكل”؟ ويعتبر دانيال أن “تواري الخطط الإصلاحية الصحيحة عن الأنظار، وتمادي الفاسدين في نهبهم مقدرات شعبهم، يدفعاننا للقول “هيدي الثورة لم تعد سلمية”.

لم يتوقف تحرّك الشباب عند مصرف لبنان، بل توجهوا في مسيرة باتجاه مصارف النبطية، رددوا خلالها شعارات “مش سلمية مش سلمية، هيدي الثورة مش سلمية”، و”ما بدنا شمعة شعلها بمولوتوف”. لا يُخفي أحد أنه كان يُراد للتحرك أن ينحرف عن مساره السلمي، والتوجه الى إحراق المصرف أسوة بباقي الساحات”، ولا تتردد مصادرهم بالقول “يلي حرق جيوبنا مش غلط يحترق بدل الناس”. وفيما كانت المسيرة تكمل خط سيرها في النبطية، كان مصرف الـ blc في شارع محمود فقيه، يرفع السواتر المعدنية، كنوع من تحصين نفسه بعد الإعتداء عليه، وهذا ما دفع المحتجين للتوقف قليلاً أمامه ثم مواصلة مسيرتهم التي عادت مجدّداً الى أمام مصرف لبنان، موطن سرقة الشعب الممنهجة، قطعوا الطريق لبعض الوقت كتأكيد على أن التحركات المقبلة ستأخذ طابعاً مختلفاً.