Site icon IMLebanon

هل تكبح المواقف السياسية الصيداوية جماح أعمال الشغب في صيدا؟

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

“سيناريو صيدا” الاحتجاجي والمتوتر بالمولوتوف والحجارة والمفرقعات، تكرّر لليوم الثاني على التوالي، وتركّزت معه الجهود السياسية الصيداوية على لملمة تطويق ذيولها وتداعياتها السلبية، مع الحفاظ على سلمية التحرّكات كما كانت سابقاً، وسط تحذيرات من خطورة الانزلاق الى حرف وجهتها عنفاً، لا سيما وان الاحتجاجات تخلّلتها أعمال شغب، طالت فرع مصرف لبنان وبعض المصارف، وعمليات كرّ وفرّ بين الجيش اللبناني والمحتجّين، أفضت الى توقيف سبعة من مثيري الشغب، جرى اخلاء سبيل اثنين منهم.

وأكدت مصادر صيداوية لـ نداء الوطن” ان القوى السياسية، على مختلف انتماءاتها، أبدت استياءها من أعمال الشغب، وبذلت جهوداً لقطع الطريق على المزيد منها، فهل تكبح مواقفها جماح أعمال الشغب بعدما شكّلت رفع غطاء سياسي عن كل مخلّ بالامن والاستقرار، او متعدّ على الاملاك العامة او الخاصة، مع التأكيد على أحقية التعبير عن الاحتجاج بطرق سلمية، مشيرة الى ان “اوضاع المدينة الاقتصادية المعيشية الصعبة في زمن “الكورونا” لا تتحمل المزيد من الاعباء الامنية، في وقت ينتظر فيه المواطنون والتجار بفارغ الصبر، العودة الآمنة الى حياتهم الطبيعية واعمالهم تدريجياً، مع استكمال المرحلة الاولى من مراحل تعديل قرار “التعبئة العامة وحالة الطوارئ الصحية”.

ناشطو صيدا

وفي موقف لافت، حرص ناشطو “صيدا تنتفض” على إصدار بيان موحد، يؤكد انه من “حقنا كمواطنين ان ننتفض ونعبّر عن غضبنا من خلال التظاهر بكل الاشكال ضمن الأطر القانونية، ولكننا بالرغم من ذلك، ندين جميع اعمال العنف والتخريب التي طالت الممتلكات العامة والخاصة”، وشدّد في الوقت نفسه على “اننا لن نتراجع يوماً عن مطالبنا التي رفعناها في 17 تشرين، وسنستمرّ بتحرّكاتنا، مع المحافظة على تدابير السلامة العامة، وسيعود الى ساحة ايليا زخمها في الأول من أيار(اليوم)، في عيد العمال وسنرفع أصواتنا وقبضاتنا في وجههم جميعاً”.

المواقف السياسية

سياسياً، تتلاقى القوى الصيداوية على ان أحقّية المطالب المشروعة، لا تُبرّر تخريب المرافق العامة والخاصة، وعلى تأييد الحراك بسلميته، ولكن رئيسة كتلة “المستقبل” النيابية النائبة بهية الحريري تحدّثت عن “يد مجهولة معلومة تُحرّك مثيري الشغب لغايات باتت معروفة”، قائلة: “إن صيدا لن تقبل ان تكون ساحة لإيصال الرسائل من أي جهة وفي اي اتجاه، ترفض هذا الإمعان في استهداف أمنها واستقرارها، من حفنة من المأجورين لتنفيذ اجندات خارجة عن ارادة ابناء المدينة، وهي تنتظر من الجهات المختصة وضع حد لاستباحة المدينة”.

بينما شدد الأمين العام لـ”التنظيم الشعبي الناصري” النائب الدكتور أسامة سعد، على “ان التحرّكات الشعبية يجب ان تكون سلمية وضاغطة على السلطة السياسية المسؤولة عن تأمين فرص العيش الكريم للناس”، قائلاً: “أكثر من نصف الشعب اللبناني تحت خطّ الفقر، ولم نرَ اجراءات جدية من الحكومة تضع حدّاً لهذا الانهيار الاجتماعي، الذي سبق وحذّرنا منه، نحن لا نريد الفوضى بل نريد حقوق الناس في العيش الكريم، ومن يريد الفوضى فليرحل عنا”.

وأسف الدكتور عبد الرحمن البزري لأحداث العنف التي شهدتها صيدا، معتبراً أنها غريبة عن تصرّفات المدينة وأهلها، ولا تفيد مطالبها المُحقّة، وتُضرّ بشعارات الحراك فيها”، مؤكداً أن صيدا ستبقى أمينة لدورها الجامع في حماية السلم الأهلي والمطالبة بالتغيير الديموقراطي، من أجل مزيدٍ من الإصلاح ومكافحة الهدر والفساد.

بينما اعتبر نائب رئيس المكتب السياسي لـ”الجماعة الاسلامية” في لبنان بسام حمود ان “ما يحصل في صيدا مريب ومدسوس!! غرباء يكسرون، شباب متحمّسون يشاركون، القوى الأمنية متفرّجة، القوى السياسية صامتة، وبذلك تتم شيطنة الحراك وتحويره وتحويله عن وجهته الحقيقية خدمة لمشاريع السلطة الفاسدة”.تركيب بوابات

ميدانياً، استكملت المرحلة الاولى من عودة الحياة الى طبيعتها تدريجياً، بفتح السوق التجاري، وسط اجواء هادئة وحركة خفيفة، بعد ليل متوتر عاشته المدينة وعمليات كرّ وفرّ بين الجيش والمحتجّين، عقب إلقاء المفرقعات والحجارة وقنابل المولوتوف على فرع مصرف لبنان، وتحطيم واجهات عدد من المصارف في شارعي رياض الصلح الرئيسي وشارع حسام الدين الحريري حيث يتواجد العدد الاكبر من المصارف، في وقت باشرت إداراتها بإزالة آثار الاضرار التي لحقت بها، وزاولت عملها ادارياً كالمعتاد، ولوحظ ان عدداً منها عمد الى تركيب بوابات حديدية مصفّحة وقوية من اجل منع الدخول اليها وحرقها او محاولة العبث بمحتوياتها، بينما فتحت بعض محال الصيرفة أبوابها، لكن اصحابها توقّفوا عن التعامل، نتيجة الاضراب الذي اعلنته النقابة.

الوضع صعب

ورغم فتح الأسواق التجارية أبوابها تنفيذاً لقرار تعديل شروط التعبئة العامة في المرحلة الاولى، الا أن الحركة كانت خفيفة، ولوحظت كثرة الشكوى من الضائقة الاقتصادية، وارتفاع الاسعار ارتباطاً بسعر صرف الدولار، كون البضائع تُستورد وتُسعّر بالدولار او بما يوازيه بالليرة اللبنانية.

وأوضح رئيس “جمعية تجار صيدا وضواحيها” علي الشريف لـ “نداء الوطن”، ان الخطوة تترك ارتياحاً نفسياً في اطار بدء عودة الحياة الى طبيعتها، ولكننا في الوقت نفسه لا ننتظر الكثير من حركة البيع والشراء، ذلك ان القدرة الشرائية عند الناس معدومة وبالكاد تؤمّن قوت يومها”، واصفاً الوضع بأنه “صعب جداً جداً”، قائلاً: “لقد فتحت غالبية المحال التجارية (نحو 90%)، ولكن الحركة ما زالت خفيفة، سنلتزم بمواعيد الفتح والاقفال وباتخاذ الاجراءات الوقائية لجهة التباعد وارتداء الكفوف والكمامات، وندعو الله ان يساعدنا على تجاوز هذه المحنة الاقتصادية والتجارية التي لم يسبق لها مثيل”.

وقال فكري عساف، الذي يملك بسطة في السوق منذ 15 عاماً: “إن الوضع صعب، ولم تمرّ عليّ ايام صعبة مثل اليوم والاشهر السابقة، الزبائن يتأفّفون ويقولون الاسعار غالية”، فيما أوضح مصطفى بيه، وهو صاحب محل البسة: “لقد فتحت المحال ابوابها ولكن لا حركة في السوق، ننتظر الفرج القريب”.