IMLebanon

اجتماع بعبدا لـ”توريط” الجميع في تحمل مسؤولية القرارات الموجعة!

حار اهل الحكم والحكومة، وداروا. التفتوا الى “الحلفاء في محور الممانعة”، دعوا الى الانفتاح على سوريا والصين وايران وروسيا. وضعوا الخطوط الحمر على الاستدانة وعلى التعاون مع الجهات الدولية وشروطها. الا ان السبل كلها تقطّعت بهم، وأثبتت هذه الخيارات عقمها وعجزها عن اخراج لبنان من مأزقة المالي الاقتصادي، فلم يبق امامهم الا صندوق النقد!

حتى الامس القريب وفي 25 شباط بالذات كان حزب الله، عراب الحكومة، يعلن على لسان نائب امينه العام الشيخ نعيم قاسم رفض الذهاب نحو الصندوق خاصة وانه سيحاول الانقضاض على سيادة لبنان ومقاومته. الا ان هذا الفيتو تلاشى في الاسابيع الماضية ، امام تسارع وتيرة غرق لبنان في وحول أزمته، وبعد طرق ايران ايضا ابواب الصندوق، طالبة مساعدته… فكان ان وضعت حكومة “مواجهة التحديات” خطتها الانقاذية، وعمودها الفقري: اللجوء الى صندوق النقد.

الورقة أقرت ووقع رئيس الحكومة حسان دياب ووزير المالية غازي وزني طلبا رُفع الى الصندوق الدولي للمساعدة. لكن وبعد ان كتب ما كتب، وجه رئيس الجمهورية ميشال عون دعوة الى رؤساء الكتل النيابية للمشاركة في اجتماع يعقد في بعبدا لمناقشة الخطة… بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية” هذه الدعوة ليست بريئة. فلو كان العهد والحكومة راغبين فعلا بإشراك القوى كلّها في القرار التاريخي الذي اتخذ وفي ورشة الانقاذ الكبرى المطلوبة عشية شروع عملية تطبيقها على الارض، لكان من المفترض ان يقام هذا الحوار، قبل اقرار الخطة، وان تشمل الدعوة اليه كل الجهات المعنية بالعلاج المفترض، من موالاة ومعارضة ومصرفيين وتقنيين وممثلين عن الاسرة الدولية وعن الجهات المعوَّل عليها لدعم لبنان…

غير ان ذلك لم يحصل. فما الغاية من الدعوة اذا؟ المصادر تخشى ان يكون اهل الحكم يسعون اليوم الى “توريط” القوى السياسية، وجعل المعارضين تماما كما الموالين، شركاء في تحمّل تبعات اي قرارات قاسية مؤلمة ستضطر الحكومة الى اتخاذها في المرحلة المقبلة. والحال، ان 8 آذار تدرك جيدا ان الصندوق لن يقدّم اي مساعدة مجانية وانه قد يشترط مثلا تحرير سعر الصرف وربما فرض ضرائب، كما ان الحكومة في صدد مد يدّها ايضا الى اموال المودعين في المصارف، في سلسلة اجراءات غير شعبية سيكون وقعها على الناس الجائعة، كارثيا. وعليه، فإن هذه الدعوة “مفخخة” ويبدو الغرض منها، نيل رضى المجتمعين فلا تُرمى النقمة الشعبية لاحقا على حكومة اللون الواحد، بل على الجميع، على اعتبار انهم أمّنوا، بشكل او آخر، مظلّة لها… فهل ستنزلق القوى المعارضة الى هذا الفخ وتقع فيه؟

تيار المستقبل أعلن المقاطعة. أما الاشتراكي والقوات اللبنانية والكتائب، فتحسم موقفها في الساعات القليلة المقبلة، مع توجّه نحو المشاركة ولكن بمستوى “منخفض”. غير ان المطلوب منها في هذه المرحلة الدقيقة، بحسب المصادر، الابتعاد عن الحسابات الضيقة، الطائفية منها والميثاقية والمذهبية، واعتماد موقف موحّد من حيث المضمون أقلّه (بغض النظر عن تكتلها في جبهة موحدة شكلا)، ترفض فيه تغطيةَ القرارات الموجعة وتوجهاتِ حزب الله نحو تدجين القطاع المصرفي وتبديل النموذج اللبناني الليبرالي الحر، في آن. ولو اقتضى ذلك مقاطعة الاجتماع الرئاسي… فالحكم حكم 8 آذار اليوم، وليتحمّل هذا الفريق، وحده تبعات نجاح او فشل خياراته، تختم المصادر.