كتبت إيفون أنور صعيبي في “نداء الوطن”:
لم يسبق أن تشعبت قضية كقضية الفيول غير المطابق للمواصفات. مذكرات توقيف وبحث وتحرٍّ بالجملة بحق المخالفين والمرتشين وحتى المُطنّشين، كلٌّ على قياسه فيما “مايسترو” المرتكبين والفاسدين… حرٌّ طليق، حتى اللحظة.
بالأمس، أوقف قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان نقولا منصور، مديرة عام النفط أورور فغالي ورئيسة المصلحة التجارية في المديرية العامة للنفط خديجة نور الدين. جاء توقيف فغالي على خلفية عدم تقدمها بدعوى أمام مجلس شورى الدولة للابلاغ عن وزراء الطاقة المتعاقبين الذي لم يسمحوا لها باستلام ادارة المنشآت. بذلك تكون فغالي، وهي الحلقة الاضعف في هذه المعادلة، ضحية “التيار الوطني الحرّ” ووزرائه الذين غطوا كلّ ارتكابات رئيس لجنة ادارة منشآت النفط في طرابلس والزهراني سركيس حليس رغم خلافهم السياسي مع رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، مرجعيّة حليس الأول وحاميه الأوحد. ولعلّ أبرز من تدور حوله الشبهات خلال الفترة الراهنة هو الوزير الاسبق سيزار أبي خليل، كونه الراعي الرسمي لعقد “Roseneft” المشبوه والغامض، ومعه عقد “سوناطراك” الذي جُدد للمرة الأخيرة خلال ولايته.
لم يعد يختلف اثنان حول المنحى السياسي الذي يسلكه ملفّ الفيول المغشوش الشائك. ولمَن لم يعلم بعد، فإنّ شحنات الفيول أويل تدخل الى لبنان مناصفةً بين “ZR Energy” و “BB Energy” لكن المفارقة تكمن في عدم التجرؤ على استدعاء ممثلين عن آل البساتنة خصوصاً بعد شحنة الفيول أويل التي رست في لبنان الاسبوع الماضي واتضح انها غير مطابقة بدورها للمواصفات. واذا كانت ” ZR Energy ” مسؤولة عن الشحنة التي فجّرت أولى قنابل القضيّة، فمن المرجّح ان تكون” BB Energy” صاحبة الشحنة الاخيرة.
لكن وبمعزل عن الغوص في الشحنات ومصدرها كما وفي كل التقنيات التي يمكن، الى حدّ ما، ان تكون عرضة للتلاعب، وتريّث أوساط مواكبة للملف قبل اطلاق الاحكام النهائية، بانتظار أن تتضح المشاريع التي حظيت بها شركتا “ZR Energy” أكانت تلك التي تحمل كنية “DMCC – الامارات العربية المتحدة”أو” Offshore SAL- أو Holding- لبنان”. الأكيد أنّ “ZR Energy” تستحوذ بشخصيّاتها المعنوية الثلاث العديد من مناقصات “الطاقة” وهي قد بدأت مشوارها في السوق المحلية في مناقصات الديزل أويل لصالح منشآت النفط، ووصلت بعد ذلك الى صفقة “دير عمار 2 ” كشريك مموّل، ومن ثمّ حازت على مناقصة البنزين الاولى، من دون أن ننسى طبعاً شراكتها مع “TOTAL” الفرنسية بنسبة 50% في مناقصة محطات التغويز” FSRU” التي لم تُعلن نتائجها قطّ. وللتذكير، حلّ ائتلاف ZR Energy-TOTAL في المرتبة الثانية بعد تحالف الشركة القطرية “QP Qatar Petroleum “و”ENI” الايطالية.
في هذا الاطار، تشدد أوساط متابعة لـ”نداء الوطن” على أنّ الشركة القطرية وفي ظل الاوضاع الراهنة فقدت جزءاً من حماستها لتوريد الغاز الى لبنان، وبإبعاد “توتال” عن الساحة، وبالتالي قد تنحسر المنافسة بين تحالف شركات BW/Vitol / و”Butec” التي حظيت بالمرتبة الثالثة (وللإشارة، فإنّ “Butec” مملوكة من قبل رجل الاعمال نزار يونس المقرب من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، وبين BB Energy المتحالفة مع “Excelerate” . كلّ ذلك يعني أن ضرب” ZR Energy “يصيب ثلاثة أهداف في طلقة واحدة خصوصاً بعد الخلاف الحريري – الباسيلي والنيّة للتخلص من كلّ المستفيدين من تلك الفترة “السوداء” في تاريخ الطرفين.
هذا في الشق السياسي، أما في التجاريّ، فتسود وجهة نظر ثانية، هي الكامنة في احتمال أن يكون آل “البساتنة” خلف هذه المعمعة بعدما خسروا حصرية توريد الفيول أويل الى لبنان، فانتظروا الوقت المناسب لردّ الصفعة الى الشركة “المتطفّلة” على السوق مع اقتراب انهاء مدة عقد “سوناطراك”.
في جميع الاحوال، لم يعد الشعب اللبناني يتحمل لفلفات وتسويات خارج الاطر القانونية. وبغضّ النظر عما اذا كان الملف سياسياً، ام انه تصفية حسابات تجارية، وبعيداً من تورط آل رحمه من عدمه، آن الأوان لنشر كلّ العقود المرتبطة بوزارة الطاقة والمياه لا سيما وان الملف الشائك يؤثر مباشرة على المالية العامة، وهو أيضاً مفتاح الانقاذ الاقتصادي من بوابة الكهرباء المتعطّشة الى اصلاحات جذرية ومصادر تمويل فشلت الدولة في تأمينها من “سيدر” والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي حتى الساعة، كما فشلت بشفطها من دافعي الضرائب، وكلّ ذلك بعدما استغلّ من يؤدون دور الـ Bad guys، شركة “ZR Energy ” لتمويل “دير عمار 2” (مع علاء الخواجة) فيما يهاجمونها اليوم استباقياً خصوصاً وأن “بيزنيس” آل رحمه له امتدادات اقليمية واستثمارات استراتيجية في المصارف المحليّة.