كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
كان الظهور الأخير لرجل الأعمال بهاء الحريري على الحلبة السياسيّة في ذكرى استشهاد والده، حيث تكرّس رسمياً وجود مناصرين له اشتبكوا مع مناصري تيار “المستقبل” قرب الضريح.
بالأمس عاد بهاء الحريري ليظهر كسياسي يُصدر البيانات وليس كرجل أعمال، مهاجماً الطبقة السياسيّة بعنف ومعلناً تأييده للثورة ودعمه لها للوصول إلى التغيير المطلوب لأن هذه الطبقة أوصلت البلاد إلى الخراب.
لا شكّ ان اسم بهاء الحريري يطرح تساؤلات عدة على الساحة اللبنانية، فهل هو سيمارس السياسة ويمتهنها، أو انه يطل “ليزكزك” شقيقه الرئيس سعد الحريري، هل يريد السيطرة على “تيار المستقبل” أو انه سيؤسس تياراً أو حزباً خاصاً به، أي خطّ سياسي سيسلكه، أو سيكتفي بتأييد الثورة؟ هل يطمح للحصول على لقب “دولة الرئيس” وكيف سيتلقف الشارع السني هذا الدخول؟ كلها أسئلة تُطرح لكن من دون أجوبة شافية بعد.
يتذكّر أهل السياسة في لبنان أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري دخل السراي الحكومي من بابه العريض بعد الثورة التي قامت بعد ارتفاع سعر الدولار بشكل جنوني العام 1992، وأسقط بذلك حكومة الرئيس عمر كرامي. ويبدو أن التاريخ قد يعيد نفسه، إذ ان بهاء الحريري سيدخل المنتدى السياسي، إن أكمل توجهه الجديد، بعد أزمة الدولار والأزمة الإقتصادية الحادة من دون الوصول إلى السراي الحكومي حالياً.
يقرّ مقربون من بهاء الحريري أن الرجل يدعم الثورة إلى أقصى حدّ، وقد اعترف هو بنفسه عن دعم “حركة المنتديات في لبنان والقائمين عليها وعلى رأسهم المحامي نبيل الحلبي”، وبالتالي فإن الأمر بات واضحاً وضوح الشمس عن أن بهاء الذي يملك قدرات مالية هائلة يدعم مجموعات ثورية في المناطق السنية بشكل خاص، وعلى رأسها عكار وطرابلس وبيروت وصيدا والإقليم والبقاع.
وفي المعلومات أن هذه المجموعات تتلقّى دعماً مباشراً لتستمرّ بحركتها المعارضة للسلطة والاحزاب كافة مثلما يساعد لبنانيو الإغتراب مجموعات في مناطق أخرى، وبالنسبة إلى المنتديات التي تحدّث عنها الحريري فإنها توجد في كل المناطق وقد ظهرت في طرابلس بشكل كبير لأن الثورة هناك مشتعلة والأهالي يتحرّكون بشكل أكبر، وتشكّل هذه المنتديات حجر الأساس في تحركات مناصري بهاء الحريري، والتي ستكون الأساس أيضاً للتيار أو الحزب الذي ينوي تأسيسه.
ومن جهة ثانية، فإن بهاء يتجه إلى العمل من خلال مؤسسات سياسية، ويشير مطلعون على أجوائه إلى أنه قد يعود إلى لبنان ليقطن بشكل دائم خلال هذه السنة من دون تحديد موعد نهائي، لكن هذه العودة سيتبعها تأسيس الإطار السياسي الذي سيتحرّك من ضمنه وخريطة الطريق الإنقاذية التي لن تكون تقليدية، في حين لا يريد أن يدخل الحياة السياسية من ضمن إطار “تيار المستقبل” أو إنه يفكّر بإزاحة شقيقه ليترأس “التيار”.
أما عن الأفكار السياسية التي سيعمل عليها، فإن المبادئ ستنطلق في شقها السيادي من طروحات “14 آذار” والتي كان من أهم المنظمين لتحركاتها العام 2005 قبل أن يختار الإبتعاد، وفي شقها المطلبي من مبادئ ثورة 17 تشرين.
ويُنقل عن بهاء الحريري مهاجمته الحادة لمن استلم السلطة السياسية ومن ضمنهم حركة 14 آذار التي دخلت في تسويات مع “حزب الله” وسلّمت القرار له، ولا يسلم تيار “المستقبل” وشقيقه من هجومه، حيث يعتبر أنهم “خرجوا عن الخطّ” وعن مبادئ الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وبالنسبة إلى الطروحات الجديدة التي سيحملها الحريري، فإن لجنة من الدستوريين والمطلعين على القانون تدرس ما يمكن أن يطرحه من أفكار تطويرية للنظام اللبناني، حيث يتوقّع ولادة الجمهورية الثالثة بعد الأزمة التي تعصف بلبنان، وذلك لا يعني تخلياً عن “اتفاق الطائف” بل تطويراً له لأنه لم يطبق بشكله الصحيح كما أراده الرئيس الشهيد، والنظام القائم حالياً لا يتماشى مع متطلبات المرحلة ومستقبل الوطن.
تربط بهاء الحريري علاقات جيدة بعدد من الشخصيات السنية من دون أن ينتقل ذلك إلى مرحلة تأليف جبهة في الوقت الحاضر، في حين أن علاقته بمكونات 14 آذار شبه مقطوعة، خصوصاً أنه يعلن مراراً أن أي سني يريد العمل في الشأن السياسي ليس بالضرورة أن يكون مرشحاً لرئاسة الحكومة.
يتسلّح بهاء الحريري بعلاقة جيدة مع أميركا والسعودية وعدد من الدول المؤثرة وقوة إقتصادية كبيرة، وسط تململ شعبي مما يحصل، إن كان سنياً او وطنياً، لكن على رغم النية بالعمل السياسي يبقى السؤال هل سيدخل فعلاً الوحول اللبنانية أو إنه يتراجع في اللحظة الأخيرة.
بيان الحريري
وكان الحريري أصدر بياناً أكد فيه أن العودة بعد انتهاء “كورونا” ستكون لواقع الإنهيار الذي خلّفته جائحة من صُنع منظومة الفساد والجشع. تلك المنظومة التي استخدمت لُغة الطائفية الجوفاء لسلب وطننا قدراته التي بنى بناته وأبناؤه أسُسه وكيانه”.
وأضاف: “مع الأسف ليس هناك دولة قوية ومسؤولة، نزيهة ومتينة اقتصادياً لتحمل عبء بث النشاط في ارجاء البلاد. من هنا لا نرى بدّاً إلا في إسناد مطالب الثورة المحقة في تغييرٍ جذريّ في بنية النظام اللبناني والمجتمع، وفي طريقة إدارة الشأن العام والحفاظ على معيشة المواطن، وإعادة كرامته التي فُقِدت على يد المنظومة السياسية.
وعلينا أن نساند مطـالب اللبنــانيين في تأسيس نظــام اجتماعي جديد ينصف جميــع المواطنين ويؤســس لدولة عادلة ولحكم القانون”.
وتابع: “من هذا المنطلق أيضاً ندعم حركة المنتديات في لبنان والقائمين عليها وعلى رأسهم المحامي نبيل الحلبي الذي تربطنا به علاقة وطيدة. ان دعمنا للمنتديات يأتي لأنها تعتنق مطالب الثورة المحقة وتشارك بشكلٍ فعال في ثورة الشعب اللبناني على منظومة الفساد والسلاح غير الشرعي”.
وأشار الى انه “بعد العام 2005 ذهب غالبية السياسيين والأحزاب في لبنان الى تكديس القوة والأموال على حساب الوطن ومصالح المواطنين، وعُقدت التحالفات الرباعية والخماسية على قاعدة: أَصمُتُ عن سلاحك واستباحة حزبك للسيادة الوطنية وانتَ تسكت عن صفقاتنا وسرقتنا للمال العام فكان الضحية لبنان واهله والثقة الدولية”.