IMLebanon

لا بحر هذا الصيف!

كتب رضا صوايا في “الاخبار”:

من أفرطوا في الأكل خلال الحجر المنزلي، لا داعي لأن يقلقوا بشأن شكل أجسامهم على البحر هذا الصيف، إذ قد لا يكون هناك منتجعات مفتوحة ليقصدها هؤلاء. ليس «كورونا» وحده السبب، وإن كان تأثيره غير خاف. في ظل الأزمة المالية والاقتصادية، لا يجد أصحاب هذه المجمعات جدوى من فتحها، متوقعين مسبقاً خسائرها الباهظة. لذا، فإن الإغلاق قد يكون «أرحم» من الغرق مع الليرة.

قبل أيام، أثار مجمّع Eddésands عاصفةً من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد نشره دعوةً على صفحته على فايسبوك لإنهاء حالة الحجر والاكتفاء بالتباعد الاجتماعي أو الجسدي بين الناس، مستشهداً بتجربة ولاية فلوريدا الأميركية التي أعادت فتح شواطئها رغم أن عدد الإصابات بفيروس «كورونا» فيها بلغ يومها نحو 25 ألفاً.

الانتقادات اضطرت المجمّع إلى نشر توضيح أنه لم ولن يفتح إلا بعد أن يصدر قرار رسمي في هذا الشأن. قد يكون Eddésands قادراً على مزاولة نشاطه في حال قررت الحكومة رفع حال التعبئة، لأن من يقصدونه، بغالبيتهم، من فئة اجتماعيّة قادرة على تحمل كلفة الخدمات التي يوفرها. إلا أن تفاؤله هذا لا تشاركه إياه باقي المؤسسات التي يبدأ معظمها في العادة أعماله في مثل هذا الوقت من كل عام، إذ «لا مصلحة لنا في فتح أبوابنا هذا الموسم»، على ما يؤكد نقيب أصحاب المجمعات السياحية البحرية جان بيروتي، لأن «معطياتنا تؤكد أن الكلفة التشغيلية التي سنتكبدها ستفوق بأضعاف أيّ مداخيل قد نجنيها، بسبب كورونا الذي سيفرض الحد قدر المستطاع من التجمعات والحفاظ على مسافات آمنة بين الزبائن، وأيضاً بسبب تراجع القدرة الشرائية للبنانيين وعدم قدرتهم على تحمل نفقات غير ضرورية». بيروتي يسأل: «أساساً لمن سنتوجه؟ من جهة قضت كورونا على السياحة الأجنبية والعربية، وتتوقع منظمة السياحة العالميّة أن يستمر الانعكاس السلبي للفيروس على السياحة للسنوات الخمس المقبلة، ومن جهة أخرى أتتنا الضربة القاضية من الانهيار الاقتصادي الذي سيحرمنا من السياحة الداخلية. همّ الناس ماذا سيأكلون وليس أين سيسبحون ويتشمّسون»!

أسعار الدخول التي كان يتقاضاها بعض المجمعّات البحريّة لطالما شكلت مادةً للتندر، باعتبار أن كلفة قضاء يوم لعائلة من 4 أشخاص في أحد هذه المجمّعات قد تتخطى بسهولة نصف الحد الأدنى للأجور. لذلك، يسأل بيروتي عن «رسم الدخول الذي سيكون علينا فرضه هذه السنة، وأسعار المأكولات والمشروبات في حال واصلت الليرة انهيارها. إذا كانت كلفة علبة البطاطا أصبحت 10 آلاف ليرة، فبكم نبيعها للرواد؟». أما في حال قرر بعض المجمعات فتح أبوابه «فإنه لن يقدم الخدمات المعتادة، وسيعمل بالحد الأدنى. من كان يوظف أكثر من منقذ بحري سيكتفي بواحد، والأرجح بنصف راتب. والأمر نفسه بالنسبة إلى عدد الموظفين في خدمة الزبائن».

هذا الواقع يهدّد أيضاً آلاف العائلات، إذ يقدر بيروتي عدد الموظفين في هذا القطاع بنحو «ثمانية آلاف موظف ثابت و25 ألف عامل موسمي، غالبيتهم من الشباب ومن طلاب المدارس والجامعات الذين يستفيدون من الموسم لتأمين كلفة دراستهم».

من الناحية الطبيّة، وفي حال فتح المجمعات والمسابح، ترى الاختصاصية في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتورة ميرا جبيلي أن «التباعد الاجتماعي سيحكم النشاط في هذه المجمعات التي سيفترض بها تصميم المكان والمساحات بشكل يضمن الحفاظ على مسافات آمنة بين الناس. أما النرجيلة، وحتى في الهواء الطلق، فيجب أن تمنع بالكامل». وحذرت جبيلي من التسرّع في الفتح قبل التأكد من خلوّ لبنان بشكل كامل من أيّ إصابات جديدة.