كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:
لا توجّه لدى أصحاب المحطات نحو الإضراب والإقفال كما روّجت بعض وسائل الاعلام، انما هناك تروٍ بانتظار ما سيقوم به وزير الطاقة والمياه ريمون غجر بالتفاهم مع الشركات المستوردة للنفط. لكن الاكيد انّ تهريب المازوت المدعوم الى سوريا يتمّ على قدم وساق، بملايين الليترات يومياً، بما يفرض على الدولة بأجهزتها المختصة التحرّك.
عاد ملف التهريب الى سوريا الى الواجهة مجدّداً بعدما تكشّف النقص بالمازوت في الاسواق اللبنانية وفقدان المادة في بعض المناطق، فيما مصفاتا طرابلس والزهراني فارغتان. صحيح انّ هذه الأزمة ليست وليدة اليوم وتعود لسنوات بعيدة ولم تجد اياً من الحكومات حلاً نهائياً لها، لكنها تتخذ اليوم طابعاً موجعاً اكثر، في ظلّ الافلاس المالي والشح في الدولارات الذي تعاني منه البلاد، وهو السبب الذي دفع بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى دعم استيراد المحروقات والطحين والدواء، لتسيير توفير الموارد الاساسية للبنانيين.
بعدما انتشر في اليومين الماضيين تسريب تسجيل صوتي لأحد أصحاب محطات الوقود في البقاع، يكشف فيه أنّ «التجار المهرّبين يستغلون فرق سعر المازوت بين البلدين لتهريبه الى سوريا وتحقيق ارباح من فارق العملة، وفي الوقت نفسه يمتنعون عن تسليم المحطات المازوت، ويفضّلون بيعه الى المهرّبين بسعر مرتفع»، عاد ملف التهريب الى سوريا ليتحرّك. فهل تصلح الحكومة الحالية ما عجزت عنه الحكومات السابقة؟ وهل تحافظ على دولارات اللبنانيين التي باتت معدودة؟
في السياق، أكّد عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البراكس لـ«الجمهورية»، انّ ملايين الليترات تدخل يومياً الى سوريا بقيمة تفوق الـ 400 مليون دولار سنوياً، وذلك عن طريق الهرمل والحدود البقاعية، من قِبل بعض التجار وليس الشركات المستوردة للنفط ولا صهاريجها كما رُوّج، والتي تعمل فقط ضمن الاراضي اللبنانية. ولفت الى انّ تجار التهريب يعملون في السوق السوداء، وهم على تواصل مع تجار سوريين يبيعونهم المازوت المدعوم بأسعار مرتفعة، خصوصاً وانّ سعر صفيحة المازوت في سوريا وصل الى 22 الفاً بينما هو 9100 ليرة في لبنان، ومن المتوقّع ان يواصل تراجعه الاسبوع المقبل. وأكّد البراكس ان لا ارقام دقيقة عن كمية المازوت المهرّب، انما هناك على الاقل تهريب لمليوني ليتر يومياً، والمطلوب من السلطة السياسية التحرّك.
بدوره، أكّد مستشار نقابة المحطات فادي ابو شقرا، انّ تهريب المازوت الى سوريا قائم من قِبل تجار التهريب وليس الشركات المستوردة للنفط. وأوضح انّ الشركات المستوردة للنفط تبيع المحروقات للتجار لكن لا احد يعلم من يهرّبها الى سوريا، ويقع على عاتق الدولة ان تكشف المهرّبين، ونطالبها بالحزم في التعاطي مع هذا الموضوع.
الاضراب
من جهة اخرى، وبعدما انتشرت معلومات عن انّ اصحاب المحطات ينوون العودة الى الاضراب والاقفال مجدداً، أكّد البراكس ان لا توجه نحو الاضراب او اقفال محطات المحروقات، «انما ندعو الحكومة للتحرّك، وليتحمّل الكل مسؤولياته. مشكلتنا عمرها 7 اشهر وحتى الآن لم يتمّ ايجاد حل لها تلتزم به الاطراف كافة، وقد تفاقمت الأزمة مع وصول سعر صرف الدولار الى 4000 مقابل الليرة، لتصل معها خسارتنا من كل صفيحة بنزين الى 4000 ليرة، وهذا ما لم نعد نستطيع تحمّله، في حين ان لا أحد يمون على الشركات المستوردة للنفط لإلزامها بتحمّل جزء من الخسارة معنا».
أضاف البراكس: «صحيح انّ تواصلنا مع الوزير غجر لم يوصل الى نتيجة انما لدينا ملء الثقة بالمساعي التي يقوم بها، لأنّه يسعى جاهداً لايجاد الحلول المناسبة لأزمتنا، لكن وبعدما رأينا انّ الأزمة أكبر منه وانّ شركات الاستيراد لم تتجاوب مع الحلول التي يطرحها، ارتأينا التوجّه بطلب للقاء رئيس الحكومة».
بدوره، أكّد ابو شقرا ان «لا توجّه لأي اضراب او اقفال لمحطات المحروقات، انما نحن من دعاة الحوار، ولا سيما مع وزير الطاقة، الذي قابل مطالبنا بكل ايجابية، ووعدنا بمتابعة الموضوع مع الشركات المستوردة ومصرف لبنان». وأشار الى انّ ليس كل الشركات المستوردة للنفط تفرض على اصحاب المحطات توفير نسبة الـ 15% بالدولار، فالبعض التزم، مثل شركة «كورال» التي قسّمت هذه النسبة بينها وبين اصحاب المحطات، أما البعض الآخر فيسعى الوزير غجر الى التوصل الى تفاهم معها لحل هذه الأزمة.